حوار قديم !

أحمد مصطفى الغر
السبت , 29 أكتوبر 2011 الساعة 06:01 صباحا
\"لا يمكنك أن تطالع صحيفة قديمة من عهد ما قبل ثورات الربيع العربى إلا و تصيبك حالة من الاستغراب لما تجده فيها من تصريحات لمسئولين سابقين كلها كذب ونفاق ، تندهش من أنك فى حين قرائتك لنفس العناوين فى حينها كنت تُصاب دائماً بخيبة الأمل ، لكن سرعان ما تعود للواقع الحالى لتفرح بما حققته الثورات من إزاحة للظلم و الاستبداد الذى ظل لعقود مضت ، ودائما ما تكون الفرحة ممزوجة بقلق وترقب للمستقبل \"

أقول ذلك بعد أن صادفنى أثناء تصفحى لمواقع الأخبار على الانترنت حوار قديم أجراه رئيس تحرير سابق لجريدة قومية مصرية مع المدعو صفوت الشريف الأمين العام السابق للحزب الوطنى الديموقراطى المنحل حاليا ، والمتهم ـ أى صفوت ـ حاليا على ذمة قضية قتل المتظاهرين فيما يعرف بموقعة الجمل ، الحوار قد تم إجراؤه قبل بداية الانتخابات التشريعية الاخيرة فى مصر ، تلك التى فاز فيها حزبه الحاكم بأغلبية ساحقة ــ كعادته ــ و نظراً لأن البرلمان كاد ليصبح بلا معارضة فقد إضطر الحزب مرغماً على التزوير لأول مرة لصالح المرشحين الأخرين وذلك لتزيين العملية الديموقراطية المزيفة عن طريق خلق عرائس متحركة تسمى المعارضة ! ، و بالتأكيد لا يمكن أن ياتى ذكر تلك الانتخابات دون ان نذكر أنها كانت بمثابة إحدى الشرارات التى ساعدت على نشوب ثورة 25 يناير المجيدة ، لأن تزوير إرادة الناخبين و التلاعب بمستقبل الوطن قد بلغ مداه ، دعنى ألان أذكر لك مقتطفات صغيرة من الحوار الطويل جدا ، الذى تميزت أسئلة رئيس التحرير أحيانا بانها كانت أطول من الأجابة !

أكثر شئ أضحكنى حقاً هى تلك البداية التى بدأ بها رئيس التحرير : \" لو كان كل مرشحي الحزب الوطني يملكون رؤية أمينهم العام في طرح القضايا وشرح الإنجازات لما احتاجوا إلي أي صعوبة في الفوز بالانتخابات.. الجميع يعرف أن صفوت الشريف سياسي قدير. لكن المرء يسأل من أين استمد ثقته في الحزب الوطني رغم الانتقادات والهجوم التي يقرؤها عنه كل يوم ورغم الاتهامات بالتزوير التي أصبحت (لبانة) في أفواه المعارضة الشرعية منها والمحظورة \" .. أولاً: مرشحى الحزب كان من بين شروط إختيارهم ألا يمتلكوا أى رؤية و أن يكون بينهم وبين الفكر عداء ، ثانياً: هم لا يجدون أى صعوبة فى فوزهم لأن التزوير و \"تقفيل\" الصناديق كان سبيلهم الأسهل للوصول الى قبة البرلمان ، فمن أين تأتى الصعوبة فى تزوير عدد كافى من الأصوات يؤمن لهم دخول المجلس من اول جولة وبدون إعادة ؟! ، أما بمناسبة كلمة (لبانة) التى قالها رئيس التحرير .. فانا لن أعلق عليها و إنما سأقول لك يا صديقى القارئ على معلومة عرفتها من أحد البرامج الاذاعية منذ أيام قليلة وهى ان اللبان \"العلكة\" ممنوع بقوة القانون فى ماليزيا ، وستضطر إلى دفع غرامة مالية إذا مضغت العلكة فى الأماكن العامة !


أدعوك ألان إلى قراءة هذا السؤال : \" سيادتك تشعر ان مراقبة منظمات المجتمع المدني ستنأي عن مزاعم وتهم التزوير، خصوصا ان كثيرين ينتقدون ويحاولون الربط بين عدم نجاح الإخوان في انتخابات مجلس الشوري وبين ما ينتظرهم في انتخابات الشعب؟ \" ، وتلك هى الإجابة اللولبية للنابغة الشريف : \" القضية بالنسبة لنا هي قضية مبدأ في مثل هذه التفاصيل ومثل هذه التبريرات والاتهامات ، هي قضية مبدأ.. مبدأ احترام السيادة مبدأ عدم التدخل في الشأن الداخلي ، مبدأ رفض الوصاية ، مبدأ عدم انصياع أي دولة مهما كبرت أو صغرت لجماعات الضغط أو لمراكز البحوث غير المتوازنة في تحليلها \" ــ فهمت حاجة من الاجابة ؟!

يبدو أن صفوت قد ضغط على مفتاح الإجابة الخاطئ فخرجت إجابة سؤال آخر من فمه المبرمج آلياً لإخراج التصريحات الصحفية والبيانات الاعلامية ، لذا أوقفه رئيس التحرير قائلاً : \" أنا أقصد منظمات المجتمع المدني في مصر. هل فيها ثقة ان تقوم بهذه العملية؟ \" ، هنا تدارك الشريف نفسه ثم قال : \" هناك ثقة.. وعلي مؤسسات المجتمع المدني ان تثق هي الأخري في قدراتها \" .. نعم ؛ كانت هناك ثقة فى أن يتم التزوير بأمان ! ، بالمناسبة : رئيس التحرير تقلصت مساحة عموده جداً بعد الثورة ، لكن الأغرب هو تحوله الغريب لتأييد الثورة و الشباب و ديموقراطية التغيير وضرورة معاقبة الفاسدين الذين أفسدوا البلد كل هذه السنوات الماضية .


صديقى إسمح لى بسؤال أخير ، بعده أتمنى أن تقلب الصفحة بسرعة لتجد موضوعات شيقة لعلها تنسيك ما أصابك من \"هَم\" نتيجة هذا المقال : أعلم أن الثعابين تقوم بتغيير جلدها ، والحرباء تغير لونها ، فهل لديك معلومة عن تغيير البشر لجلودهم أو ألوانهم أيضاً ؟؟