الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣١ صباحاً

الفشل ممنوع أو إعادة انتاج النظام

عارف الدوش
الأحد ، ١٣ ابريل ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
كان العالم من حولنا يعلن لنا جميعاً سلطة ومعارضة في ذروة الصدام والمواجهة بالفم المليان أن الفشل في اليمن ممنوع وعندما تحركت آلة القمع والدمار والقتل اليومي وواجه، شباباً وشابات ونساءً ورجالاً القتل ببسالة وقدموا التضحيات كانت كلما زادت آلة القتل شراسة زاد معها الناس استبسالاً في الميادين العامة والشوارع.



عندها جاء العالم إلينا بوساطات ومبادرات وتهديد ووعيد بأن الحرب والفشل في اليمن ممنوع لأسباب كثيرة أهمها، عدم موافقته أن تتحول بموقعها الجيوستراتيجي الهام إلى كارثة بالنسبة لمصالح العالم والأمن الإقليمي والدولي.



وكان واضحاً أن القوى التي تريد السير نحو العنف ستكون مرفوضة من قبل العالم كله لأن سلمية الفعل الثوري في ساحات وميادين اليمن عرت القوة الغاشمة وأبطلت مفاعليها، فلم يكن أمام القوة والعنف غير الرضوخ فمنها من استأنس بثورة التغيير وأصبح جزءا منها ومنها من خشي المواجهة وخسارة كل شيء دفعة واحدة فلجأ غالى الحيلة وملخصها القبول والتوقيع والمشاركة تمهيداً لإفراغ المضمون والمحتوى أو الانقضاض في وقت لاحق أيهما سيؤدي الغرض.



والمهم لدى قوى تسلطت وتحكمت بالبلاد والعباد وامتلكت الثروات وتواجدت في ساحات ما كان لها التواجد فيها لولا مشاركتها الفاعلة والرئيسية في إضعاف قوى وأطراف أخرى وهي اليوم تجتهد ومستعدة لعمل أي شيء بشرط أن لا يمس التغيير مصالحها ولا يضعف ساحات تواجدها ولو حتى بالوقوف ضد نفسها دون أن تدرك ذلك.



وهذه القوى لا تصنف بطرف محدد وإنما هي مجتمعة عبارة عن توجه ومصالح تريد أن لا يكون التغيير عميقاً وجذرياً وأن يكون تغييراً للشخوص وليس لأدوات وأساليب العمل ومن هنا ندرك كيف تغيرت شعارات الثورة والتغيير من " تغيير النظام" إلى " تغيير الرئيس والعائلة " وجرى تبادل اتهامات وتسريبات وتصريحات تفيد أن للتغيير حدوداً وخطوطاً حمراء وصفراء وغبراء وأنه محبذ ومقبول على مقاسات محددة.



فعندما انتقل اليمنيون من العنف الدموي والتلويح بتصعيد العنف إلى طاولة الحوار برعاية إقليمية ودولية هلل الجميع أن اليمنيين صنعوا المعجزة وجنبوا بلادهم الحرب الأهلية، وقبل أن يختتم اليمنيون حوارهم الوطني الذي يشرف عليه كبار العالم أو ما اصطلح على تسميتهم بسفراء الدول العشر أو المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن والإقليمي بمجلس التعاون الخليج ظهرت تباينات واختلافات تتعلق بحلول القضايا العالقة " القضية الجنوبية وشكل الدولة وكيفية التنفيذ " كادت تعصف بسفينة الحوار.



وبدا هنا واضحاً أن اليمنيين يعيدون إنتاج الصراع بشكل جديد يكاد معه أن يتحول إلى صراع من نوع آخر تتداخل فيه الجغرافيا بالمذهبية والطائفية لتفرز مراكز قوى في طور التشكل وأخرى ترى أنها يمكن أن تتضخم من خلال القوة وامتلاك مزيد من السلطة والجبروت والسلاح والأنصار والأرض وهنا بدت الصورة وكأن اليمنيين ينشئون أوطاناً متحاربة ولا يحلون مشاكل وطن يحارب بعضه بعضا.



ويتحدث سياسيون مخضرمون أن المطلوب تشجيع الأطراف اليمنية التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني لخلق شراكة وطنية فاعلة ومسؤولة تقوي الإرادة الشعبية وتدعمها من خلال تحجيم القوى المتغولة وعدم السماح بضرب ومحاصرة واستبعاد وإزاحة أي طرف مهما كان وتحت أي مبرر والعمل بجدية من أجل تعزيز قدرات المشاركة السياسية والاجتماعية للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة وكل فعاليات المجتمع لا إضعافها تنفيذاً لمخرجات الحوار الوطني.



ومن هنا يصبح الرهان الأول هو على إنجاح عملية التغيير وليس على إزاحة طرف أو أطراف من العملية السياسية توطئة لاحتكار القرار السياسي والسلطة ويكون الرهان الثاني على حل القضايا الكبرى العالقة حلا ينتج شروطاً تساعد على حل المشكلات وليس تعقيدها بالتحليق حولها والمراوغة بوهم خلق البديل الذي ربما يعزز صراعاً ولا يحل جذر القضية.



لقد تنفس اليمن وقواه السياسية بالجلوس على طاولة الحوار الوطني الشامل وجاءت مخرجات الحوار بمثابة الحد الأدنى المطلوب والمقبول من قبل الجميع وإن كانت هناك ملاحظات فهي تتعلق بآليات التنفيذ ويمكن مراجعة ماهو عليه ملاحظات فليس هناك ثبات وصنمية ومقدس لا يمس في العمل السياسي، فالتجريب ومؤشرات النجاح أو الفشل هي ما تحكم مفردات وأساليب العمل السياسي وليس " التكعيف" أو فرض الأمر الواقع حتى وإن كانت الطريق ستخلق أكواما من المشكلات والعراقيل.



فما هو واضح وجلي أن مخرجات الحوار والعملية السياسية منذ أن تدخل المجتمعين الإقليمي والدولي ستفضي إلى عقد اجتماعي جديد يرتكز على التوافقية السياسية لبناء دولة يمنية اتحادية ديمقراطية حديثة ونظام سياسي واجتماعي يختلف تماماً عن سابقه لا مجال فيه لاستعارة أساليب وأدوات وشروط الحكم السابق فيما يتعلق بالعامل مع أطراف العمل السياسي في البلاد لأن ذاك سيعني إقصاء وإزاحة لأطراف سياسية فاعلة مما يعني فتح أبواب للصراع وتراكم المشكلات من جديد



وأخيراً : إن ما يراه أي عاقل اليوم من صراع واستعداد للحسم خارج مفردات ومقررات الحوار الوطني عن طريق الترهيب والترغيب والقوة متعددة الأنياب والمخالب " السلاح والمال " بما في ذلك مخالب القرار الدولي 2140 الخاص بالمعرقلين الذي يمكن أن يساهم في تضييق الهوة لا توسيعها بما يخدم هيبة الدولة وتكريس وتعزيز سيادة القانون تمهيداً لبناء الدولة اليمنية الاتحادية الديمقراطية الجديدة أو الحديثة.