السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٥٣ صباحاً

عن (عدن) التي لا تستعجل الحسم !

اسكندر شاهر
السبت ، ٢٢ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
سبق الحراك الجنوبي ثورات وفورات 2010 - 2011 م بسنوات معلناً عن ثورة سلمية تحررية مبكرة في المنطقة لاتزال صامدة حتى اليوم برغم الخفوت الذي يعتورها نتيجة لعوامل باتت معروفة للجميع أهمها غياب المرجعية القيادية وتعدد الزعامات وتهافت خطابها وأدائها ، وأصاب الحراك الجنوبي في مايشبه المقتل صعود رئيس جمهورية ورئيس حكومة ( جنوبيان ) يعملان في صنعاء مع الشمال بقواه التقليدية ذاتها التي احتلت الجنوب واستباحته صيف 94م ، في إطار تسوية سياسية أعقبت اختطاف ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية السلمية .. الثورة التي لم تكتمل و كادت أن تشكل انعطافة نوعية في الجنوب والشمال و أنجزت لبعض الوقت تحولاً نسبياً إيجابياً في العلاقة بين الشمال والجنوب ما فتيء أن انحسر حتى تحول بصورة معاكسة إثر انقضاض نفس قوى الاحتلال على الجنوب على ثورة الشباب في الشمال ومن ثم تحول المحتلين ثواراً وقادة لمرحلة جديدة محكومة بالتقاسم والمحاصصة والفساد ، وأخيراً الأقلمة باسم القضية الجنوبية وضداً على حلها بصورة عادلة .

الزائر للعاصمة الجنوبية عدن يمكن أن يلمس بوضوح كيف استطاعت هذه المدينة التاريخية ذات الميناء الاستراتيجي العريق أن تصمد أمام سياسة تجريفها إلى مجاهل التاريخ عبر محاولات طمس هويتها الحضارية وتشويه معالمها وأوابدها، تدمير مكانتها الجيوسياسية ، العبث بطابعها المدني ، استهداف قيمها الاجتماعية والإنسانية ، تخريب روافعها العلمية ، قطع صلاتها مع الخارج والمجتمع الدولي الذي لطالما كانت وثيقة الصلة به نخبوياً وشعبوياً من خلال موقعها الاستقطابي ... إلخ .

صمود عدن لا يفسره ضعف سياسة المُحتل بالحاء والمُختل بالخاء ، ولا قوة الحراك وبأس قادته في الداخل والخارج فقد أثبتوا أنهم الحلقة الأضعف والأشد ضعفاً ، بل يفسر صمود عدن أمام كل العواصف التي مرت بها قوة وأصالة هويتها القادرة على التعايش وتفننها في تبخير السياسات المعادية ببخورها الأخاذ ، هي هنا حاضنة لمن يأنس لروائحها وطاردة لمن لا يحترم أنفه .

بالفل والمشموم والكادي قاومت وتقاوم عدن المؤثرات المسمومة التي واجهتها طيلة عقود مضت من سياسة (اللحس) إلى نظرية (الطحس) مروراً بمؤامرة ( الفحس ) .

فشلت كل المحاولات الأسطورية لجر عدن إلى الوراء وإن برزت في المعايير الوصفية ملامح معاكسة لنظرية التطور تثبت أفضلية السابق للاحق ، ويبدو ارتداء عدن اليوم للعلم الجنوبي المعبر عن ج ي د ش ، محاكاة لمقولة لينين : (خطوة إلى الوراء من أجل خطوتين إلى الأمام) كواحدة من عديد نظريات اعتنقها الرفاق دون يعتنقوا عدن ..

بعضهم يريد إيهام عدن بانتظار مشروع وهمي بديل لمشروع تنتظره هي وحدها وعلى طريقتها غير مستعجلة حسمه ، وفيما لا توجد أية مؤشرات على الأرض لأي من مشاريعهم ، أبو واحد وأبو اثنين وأبو ستة ، تترجم شمس عدن ملامح الاغتراب المعبر عن يقين الوصول إلى بر الأمان ولو بعد حين ..
ذلك اليقين الذي لا يسمح لها باستعجال الحديث عن (الحسم) لأنها تدرك أن هذا العنوان بحاجة إلى مضاف إليه لتعرف هي كعاصمة وحاكمة .. حسم ماذا وبماذا وعلى ماذا ؟! ... ومادام أحد لايتواضع ويخبرها عن هوية الحسم سواءا القادم بحصان الشمال أم بعربة الجنوب فإن كبرياءها سيبقى لهم بالمرصاد ، فقد ظن المنتصر في أحداث 1986م أنه حسم الأمر ، وتبين أنه حسمٌ بحاجة إلى حسم ، وظن المنتصر في 1994م أنه حسم الأمر ، ومالبث أن انقلب حملا كاذبا لصالح ، وهاهو ينقلب فجراً كاذباً لهادي ...!!!

لـكزة ...
أثناء كتابة هذا المقال بلغني وصول قيادات جنوبية (تاريخية) إلى بيروت ولقاء جمع البيض وباعوم عشية مليونية (الحسم) التي عُدلت إلى (الكرامة) ، ويقال أن الأول مدعوم إيرانياً والثاني سعودياً ، فهل تحسم طهران والرياض أمرهما في عدن قبل حسمه في دمشق ؟!.