الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٨ مساءً

الرئيس.. وموازين القوى..!

د . محمد ناجي الدعيس
السبت ، ٢٢ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
كنت قد أشرت في مقالٍ سابق بعنوان " التغيير بين مراكز القوى وموازينها..! " نُشر بتاريخ 22 يونيو 2011م، على موقع صحيفة الوسط http://www.alwasat-ye.net/index.php?ac=3&no=31235&d_f=17&t_f=0&t=5&lang_in= تطرقت فيه عن مراكز القوى اليمنية القبلية والسياسية والعسكرية، وكيف تلاش بعضاً منها والبعض الآخر تحول إلى ميزان قوى، ومحاولة البعض توليد مراكز أخرى كوقاية استباقية مستقبلية تخدم أهداف ومرامي بعينها.. وعن موقع الرئيس هادي كميزان قوى لا مركز قوى من كل ذلك..

وبعد مضي السنتين والـ 8 أشهر تقريباً على ذلك المقال نجد اليوم شبه تحلل للغالب من تلك مراكز القوى، وأصبح البعض منها موازين قوى ومحاولة البعض الآخر أن يصنع له مركز قوى في الدولة اليمنية المنشودة، أمّا الرئيس هادي فقد تحول وبلا شك من كونه ميزان قوى إلى مركز قوى استمد قوته شعبياً وإقليمياً وكذا دولياً مع أنه لم يستخدم قوة ذلك المركز فرضاً، سواء لإقصاء أطراف أو للعنف ضد أخرى، وكان استخدامه فقط للتلويح به بين الفينة والأخرى لأي شذوذ أكان سياسياً أو قبلياً أو عسكرياً..الخ، من أي طرف، ولا يعلم أحد سواه هل هي حنكة وتبصر سياسي أم غير ذلك؟ وبعد كر وفر بين الفرقاء الشركاء وصلت الواقع اليمني إلى ما بعد مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، تتصاعد فيه الصيحات بين مؤيد ومعارض للدولة اليمنية الاتحادية ذات الأقاليم الستة، صيحات تقول إنه الانفصال بعينه، وصيحة أخرى تقول إنه مخطط خارجي لتقسيم اليمن، و.. و..، وفي اعتقادي أن تلك الصيحات إمّا قد تكون صادرة عن جهل أو خُبث لما قد يراه من فقد مصالحه المباشرة وغير المباشرة، واعتقد أيضاً أن قادة تلك الفئة من موازين القوى إذا ما عرفت موقعها تحديداً في الدولة الجديدة ستتعالى صيحاتهم بأن دولة الأقاليم لا أروع منها..!

وبالعودة إلى أمس اليمن البعيد والقريب نجد أنها عاشت ما يقارب 300 عاماً بين حكم ملكي وسلطاني وجمهوري، وسؤالي الذي أطرحه لجميع أصحاب تلك الصيحات هو: ما الذي عاد على اليمن وشعبها خلال تلك القرون الزمنية سوى ثالوث الجهل والفقر والمرض؟ كان ذلك الإرث البغيض ليس من شكل الدولة اليمنية أو منهاج الحكم بقدر ما كان ذلك الإرث الظالم نابع من عقلية الحاكم وبطانته الذين أوغلوا بكل حقد خناجر الجهل والفقر والمرض والانفصال والتمييز والفرقة، ليتخلف بلد وأناسه عن كل مقومات الإنسانية وعدالتها.. فهل الدولة الاتحادية الجديدة هي من ستقسم اليمن أم الفكر المريض الذي لا يرى غير نفسه وصياً على شعب ودولة؟ يمر الإنسان العضو في دول الإتحاد الأوربي الـ 28 في منتصف الليل أو في أي وقت يشاء ببطاقته وله الحقوق الإنسانية كاملة، يشعر بإنسانيته، ونحن في الجمهورية اليمنية الواحدة لا يأمن الفرد منّا على نفسه وماله وأهله إذا سافر من صنعاء إلى عدن أو مأرب أو حضرموت وفي وضوح النهار.. فأي الأفضل بالله عليكم الجمهورية أم دول الإتحاد؟ ألسنا بحق في أزمة ثقة لعقل رجل مستنير وعادل يحكمنا لا أي شكل دولة يضمنا؟ هنا أنا لا أدعو بأخذ تجارب الدول الاتحادية بعلاتها لأن ذلك الفشل بعينه، ولكن تؤخذ التجارب مع تشذيبها وفق الخصوصية العلمية للبلد لا العشوائية الجاهلة..

قرأت أن مشروعاً يدور في كواليس مجلس الأمن لإصدار قراراً أممياً يمنع الرئيس هادي من الترشُّح لولاية رئاسية جديدة تتبناه المملكة المتحدة "بريطانيا"، الهدف الأساس الذي تسعى إليه الأطراف اليمنية وداعموها الدوليون يتمثل بالدرجة الأولى في تمرير وفرض "الإقصاء الجبري" بحق أفراد وشخصيات يمنية بعينها" العسكريين السابقين " ومنعها من خوض انتخابات تنافسية قادمة إلا بعد مضي عشر سنوات، وهي سابقة فريدة من نوعها أن يحدد المجتمع الدولي هويات وشروط الأشخاص المرشحين في بلادهم.. أنظروا بالله عليكم إلى أين أوصلنا السفهاء من محبي السلطة؟!!
كما شاهدت وقرأت عن خرج النفط من البئر النفطي الأول في الجوف وهو ما أشارت إليه التقارير المسحية ببحيرة تعد الرابع في العال من حيث المخزون النفطي.. وفي حينها جن جنون السعودية وق يكون أحد الأسباب التي رحل بسببه المغتربين اليمنيين.. وأياً كان السبب فلا نأمل الخير إلا من وطننا لا سواه.. ولماذا لم يكتشف النفط في الجوف إلا الآن رغم عدم وجود الاستقرار؟؟؟!!! أليس خروج النفط في الجوف رسالة لذوي المشاريع الانفصالية؟

ختاماً أقول لم يعد هناك سوى موازين قوى لا مراكز قوى، وأصحاب تلك الموازين بجهل وحقد يصنعون بؤر شيطانية لعرقلة مسيرة التصحيح، ولعابهم يسيل من أجل ضمان مكانة لهم، تعد نفسها الصفوة – كما تعتقد هي - في الدولة اليمنية الجديدة دون أن يهمهم على أي شكل تكون الدولة، وبما أن الرئيس هادي يمثل مركز قوى لا نظير له فعليه أن يحزم أمره ويستخدمه بشكل سليم وفي الوقت الصحيح، وأن ويلقح بطانته بفكر جديد من الشباب، لأن الفرقاء الشركاء باختلاف حراكهم وأطيافهم وعقائده قد عمتهم تضرر مصالحهم على ما سواها، أما الأغلبية من الناس تريد حاكماً عادلاً يحكم بمسطرة العدالة المجتمعية.. واليمن مليئة بمشاريع الاستثمار فقط ينشد الاستقرار..!