الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٣٣ صباحاً

فرصة الشباب للانقلاب على الأحزاب

اسكندر شاهر
السبت ، ٠٨ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
لو لم يكن الشبابُ وطناً مصداقاً لقول أمير الشعراء أحمد شوقي :
ويا وطني لقيتك بعد يأس كأني قد لقيت بك الشبابا

لما أمعنت تعويلاً على الشباب في استعادة ثورتهم على الرغم من إخفاقاتهم المتوالية منذ خروجهم في 11 فبراير 2011م والتي أدت إلى تحولهم إلى ضحية ومطية ، ضحية للقتل والجرح من قبل بعض الأطراف في السلطة ، ومطية لوجه السلطة الآخر للوصول إلى تسوية وتقاسم ومحاصصة ، وصولاً إلى مآل بعضهم إلى حافة اليأس بطرق (ثورية) وبلوغ البعض الآخر إلى قمة موفنبيك بطرق (بقرية) .

لم يكتفي (الشيّاب) بعملية الاغتيال والاحتيال بل وصل الأمر إلى اكتشاف خطير هو أن قائد الثورة لم يكن عاطلاً عن العمل ولا مدنياً ولا شاباً ، بل جنرال في أواخر السبعينات من عمره يمكن للمملوكات / المنهوبات التابعة له أن تقضي على البطالة في اليمن ، وأما قادة الأحزاب السياسية التي كانت تتوعد صالح باقتحام غرف نومه فقد اقتحمت حمامات السلطة دون أن تحفل برأي الشباب الذين استشهدوا وأولئك الجرحى المنتظرين مصيرهم المجهول ، وأما الشباب الذين لايزالوا يتبعون خطوات قادة الأحزاب فهم من الغاوين إلا الذين آمنوا ..
يشتد التعويل على من آمنوا ، أملاً في أن يترجموا إيمانهم و يستقطبوا أترابهم ممن كفروا بالتغيير واستيأسوا منه ، والفرصة الأخيرة 11 فبراير في ذكراه الثالثة المقبلة بعد أيام .

في لقاءات عديدة أجريتها مع شباب ينتمون إلى أحزاب المشترك لاسيما تلك التي تدعي أنها تمثل اليسار ، أدركت خلالها أن أحزابهم انشغلت طيلة عمرها المديد في تكريس القدسية لقيادات الأحزاب الذين منهم من قضى وتحول إلى أيقونة تبعث على التباكي على الأطلال ، ومنهم من ورث الزعامة منذ أكثر من ثلاثة عقود ولايزال يتصدر المشهد حتى اليوم ، ولستُ أدري مالفرق بينه وبين الزعيم علي عبد الله صالح ؟!

لعل ذلك التاريخ السياسي السلبي في العقود الفائتة قد وفر الفرص الكافية لاستمرار القيادات بنفس شخوصها المتواطئة مع السلطة والتي لعبت أدواراً تجميلية تستحق المحاكمة عليها ،إلا أن نصف ثورة 11 فبراير 2011م قد وفر من خلال الهدف الوحيد الذي تحقق وهو (الفرز) فرصة واسعة أمام الشباب ليتبينوا الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، وكان ولايزال بوسعهم أن ينهضوا بالفجر الذي لاح في الأفق ليغدو صبحاً مشرقاً من خلال تحررهم من ربقة تلك القيادات المترهلة والفاشلة لاسيما أن شبابا وشابات من الصفوف الدنيا للأحزاب أثبتت خلال تجربة 11 فبراير وما تلاها مقدرات مختلفة ومواقف متقدمة تضعهم في موقع التصدي للقيادة ، على أن تلك المواقف كأنما غردت خارج سرب الأطر الحزبية وباتت أقرب إلى الآراء الشخصية التي لا ترقى إلى تعطيل القرار الحزبي المؤثر والفاعل في المسارين الثوري والسياسي على حد سواء .

ومن خلال متابعة موقف شباب الأخوان في مصر وعدم قدرتهم على تخطي فشل قياداتهم في إدارة الدولة ومعالجة أزمتهم بعد سقوطهم مع إمكانية الانسلاخ منهم والتبرؤ من التنظيم الدولي الحاكم لسياسة الجماعة ، واستمرارهم في الغي الذي دمر تاريخ الجماعة في عقر دارها ، وبمتابعة مواقف شباب الأحزاب في اليمن لا نجد إلا مؤشرات متشابهة بل ومتطابقة تظهر التبعية والانقياد بطريقة فجّة تكرس فكرة الوصي والقاصر وهي فكرة لا تليق بالشباب فضلا عن مقام الثوار . من هنا لم يعد واحدنا يميز بين اليسار واليمين إلا عندما يتحسس قلبه لو كان في مكانه الصحيح ولايزال ينبض .

الحزب نفسه ليس مقدساً لتكون قيادته مقدسة ، والثورة لم تكن اختراعاً حزبياً ، وكان كثيرون قد عبروا عن هذه الحقيقة حينما رفعوا شعار ( ثورة شباب لا ثورة أحزاب ) ، وعندما انقلبت قيادة الأحزاب على الشباب لم نسمع عن استقالات جماعية ولا فردية تستحق الذكر ، ولئن اعتبرت الاستقالة عملاً سلبيا وخاطئا فلا أحسب الانقلاب على قيادة الأحزاب والاحتفاظ بكيانات الأحزاب والتصدي لقيادتها إلا عين الإيجابية والصواب ، وأما دواعي مثل هذا الانقلاب الأبيض ففي كتاب أسود لا يتسع له هذا المقال ولا يليق به .
لكزة ...

إقدام حزب (رابطة أبناء اليمن) على تغيير اسمه والعودة إلى اسمه السابق (رابطة أبناء الجنوب العربي) إن كان مسايرة للشارع الجنوبي فتلك مصيبة ! ، وإن كان مسايرة لرغبة سعودية فالمصيبة أعظمُ !!! .