السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥٢ مساءً

بعد اغتيال شرف الدين أنصار الله في مواجهة استحقاق شرف الثورة

اسكندر شاهر
الخميس ، ٣٠ يناير ٢٠١٤ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
في مقال سابق بعنوان ( أنصار الله بديلاً عن الاشتراكيين ) يعود إلى نوفمبر 2013م ذكرت بوضوح أن " مشاركة الحوثيين ( أنصار الله ) في مؤتمر الحوار ذات دفع ضريبي مزدوج على حسابها وتاريخها الذي يبدأ سياسياً وإن كان له جذور أو بذور سياسية سابقة لحروب صعدة الست .. ومن الواضح أن عملية استهداف الكوادر الاشتراكية في جرائم اغتيالات 93- 94م ستستبدل في هذه المرحلة بالكوادر المحسوبة على جماعة ( أنصار الله ) ولكن لن تكون موجهة إلا على العناصر الحقيقية التي تخشاها القوى التقليدية قولا وفعلا وليست تلك الكوادر التي تكثر من الكلام و تخدم القوى التقليدية بشكل أو بآخر بصورة مباشرة أو غير مباشرة أمام أو وراء الكواليس وهم يعرفون أنفسهم جيداً " .

عملية اغتيال البروفسور أحمد شرف الدين وهو أبرز ممثلي مكون أنصار الله في مؤتمر الحوار تأتي امتداداً لحادثة اغتيال الشهيد النائب د. عبد الكريم جدبان وتؤكد السيناريو الذي ذهبنا إليه ، وكلاهما أكثر وأبرز المرشحين لتولي أي مواقع حكومية يمكن أن تؤول إلى جماعة أنصار الله وفق أية تسوية سياسية مرتقبة باعتبارهما كفاءة مقتدرة ومن المنتمين لفكر الجماعة ومنهجها القرآني حقيقة لا تلفيقا والمؤهلين علمياً وعملياً ، وممن يستطيع قائد الجماعة السيد عبد الملك الحوثي أن يرشحهم إلى أية حكومة قد يحجز لجماعته مكاناً فيها ، وهو على بيّنة من أمره واثقاً بقدرتهم ومعتداً بهم أمام أعتى كوادر المكونات الأخرى ، ولا يمكن أن تتسبب في زج الجماعة في (حيص بيص) نتيجة تصريحات طائشة كما فعل بعض المحسوبين عليهم في موفنبيك ممن ( قد يتعيّن!) أن يكونوا بدلاء للمفقودين ، ولعل هؤلاء أو الحالة التي هم فيها من لهث وترقب لأي مغنم سلطوي وفروا فرصة لعبد (( الملك )) المخلافي أن يلمز – في تصريح له- إلى علاقة أنصار الله باغتيال أحد أهم أعضاء مكونهم في مؤتمر الحوار ، وهو الدكتور العلامة أحمد شرف الدين الذي برحيله سقط شرف السلطة الثورجية بتسويتها السياسية ومؤتمرها النافق وحكومتها الأحمرية ، وليس غريباً على عبيد عبيد الملك السعودي أن يشاركوا في التضليل والادعاء حول ملابسات مقتل شرف الدين وحرف الأنظار عن قاتله الحقيقي امتداداً لذات التضليل والخنوع الذي عاشوه منذ مقاتل الناصريين 78م وقبل ذلك منذ اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي الذي توضع صورته كأيقونة لتنظيم ناصري يمني تنتهج (قياداته) عبر تاريخها المنهج المادي الانتهازي المتسول لدى عبيد الرياض المتهمين بوضوح باغتيال الحمدي فيما تعيش قواعد التنظيم حالة من المثالية التي تحولت مع مرور الوقت إلى تمثيلية لدى قطاع واسع من التلامذة النجباء لأساتذتهم القومجيين .

فعلينا بعيداً عن تعويم المسائل أن نبحث عمّن له مصلحة حقيقية في إنهاء حياة شرف الدين وإزاحته وأمثاله من الشرفاء والمخلصين من المشهد ؟ لنضعه في حالة انكشاف أخلاقي بعد أن بات تعقب المجرمين في هذا البلد كالحراثة في البحر!!! ، ومن نافل القول أن رحيل د. شرف الدين خسارة كبرى للوطن عامة ولأنصار الله خاصة ولا يمكن تصور رحيله مكسباً إلا لإرهابي تكفيري متطرف أو سياسي ملوث يريد لدستور متناغم مع مخرجات الحوار القاتلة أن يمر كما مرت كثير من البنود الكارثية في الوثائق المقرة في الأيام الأخيرة للحوار وبعض الموفنبيكيين ممن كنا نحسبهم أيقاظاً كانوا رقوداً يحلمون بموقع مستقبلي بعد مرحلة موفنبيك .

وفي المقال السابق ذاته أشرتُ أيضاً " أن أهم ما ستدفعه ( أنصار الله) هو خسرانها المحتمل للرصيد ( السلمي) في ساحات الثورة ليس في صعدة بل في كل ساحات اليمن والتي كانت قد سجلت فيها أرقاماً مهمة أرعبت خصومهم في أيام الثورة والتظاهرات التي كانت تخرج كرافد أساسي للثورة السلمية حتى بعد أن انفضت الثورة وانتهى موسمها".

جماعة أنصار الله اليوم أكثر من غيرها معنية بتمييز مواقفها انسجاماً مع منطلقاتها .. صحيح أنها لجهة مخرجات الحوار قد أوضحت موقفها تفصيلا وبصورة معزولة عن التسوية السياسية برمتها والتي ستدخل فصلها التالي بعد مؤتمر الحوار ، ولكن الأصح أن تحديد الموقف من التسوية السياسية التي ستمضي بنفس أدوات فشلها أمر مهم لا تكفي عملية الرفض النظري لإبرازه ، وهنا من المفيد إدراك فشل المسار السياسي وفقاً لفشل مؤتمر الحوار كمؤشر واضح وهذا الفشل فضلا عن استهداف قيادات الجماعة بالاغتيالات إن لم يكن مانحا لحق الفيتو للاعتراض على ما يحدث على حساب الوطن والمواطن فإن من غير المتصور أن يمنع من المشاركة في الاحتشاد في الذكرى الثالثة لـ 11 فبراير المقبل كفرصة أخيرة لإنقاذ قيمة التغيير وتحقيق الدولة المدنية من براثن التبديل والصوملة مثلما لم يمنع الرفض السلفي والأخواني / الإصلاحي من الاحتشاد في المولد النبوي بذلك الزخم الواسع والنجاح الكبير ..
لا أحسب أن جماعة أنصار الله قد غاب عنها أن استقطابها إلى مؤتمر الحوار جاء على خلفية انخراطها في النضال السلمي في الثورة وتسجيلها موقعاً معتبراً في ما كان يسمى ميادين وساحات التغيير والحرية في عموم الوطن ، وليس من موقعها الحربي الذي سيبقى الكرت الذي يلوح به خصومهم كحزب الإصلاح في كل محطة سياسية وقد حصل ذلك فعلاً في مؤتمر الحوار .

وعليه فإنه ، وبعد مواجهاتها الحوارية والحربية في الفترة الماضية ستكون جماعة أنصار الله على موعد مع مواجهة حقيقية مع استحقاق 11 فبراير المقبل ، وهذه المواجهة التي لا أريد استباق مضمونها كفيلة بفرزهم سلباً أو إيجاباً ، وهذا الفرز أياً يكن سيحدد مصير الجماعة في المرحلة المقبلة في المجتمع اليمني وليس في الكانتون المؤقلم ، وسيرسم خارطة طريقها السياسي والميداني ، وفي هذا الصدد يتعين على (أنصار الله) أن تستفيد مما تتوافر عليه من (وحدة قيادة) بخلاف ما كنا نسميهم قوى التغيير الحقيقية التي لاتزال حتى الآن عاجزة عن تأليف مرجعية قيادية ، ليكون القرار الفصل مصدره قائد الحوثيين ( أنصار الله ) لا اجتهادات المحسوبين عليه ، ومن انتصر بالصدق لا يُهزم به ، بل بنقيضه .
قال تعالى : (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين .. ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون) صدق الله العظيم.