الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:١٣ مساءً

المهم ننجح في تنفيذ وثيقة الحوار

عارف الدوش
الثلاثاء ، ٢٨ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
كان هاماً أن يختتم مؤتمر الحوار بنجاح ويخرج بوثيقة الحوار الوطني المتضمنة قرارات فرق المؤتمر التسع في الجوانب الدستورية والقانونية وتوصياتها فيما يتعلق بإصلاحات قانونية وهيكلية للدولة ومؤسسات الحكومة المركزية والحكومات الفيدرالية والبنية التشريعية على المستوى المركزي الاتحادي والفيدرالية " الأقاليم" وكذا البيان الختامي ووثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار الوطني لتكون بمثابة الجانب النظري الذي جرى التوافق عليه من قبل الأطراف السياسية ومكونات الشعب اليمني دون استثناء أحد .

وكان هاماً أن يكون الحفل الختامي بمشاركة الدول العشر الراعية والأمم المتحدة بتمثيل رفيع كما شهدناه وشهده العالم معنا وقالوا عنا أننا شعب حضاري أثرنا السلام والتوافق على النزاع والاقتتال وان الحكمة اليمانية تجلت فينا في أبهى صورها في بلد تكثر فيها الأسلحة لتصل إلى ضعف عدد السكان وأكثر قليل.

ويصبح الآن بعد الفرح والاحتفال والابتهاج المهم و الأهم هو تنفذ مخرجات وثيقة الحوار بعزيمة وإرادة تخالف ما ألفه اليمنيون خلال المراحل السابقة يتحاورون يتفقون ويختلفون يتخاصمون ويتعانقون وفي النهاية يكتبون أجمل الوثائق والنصوص لكنهم بعد الانتهاء من كتابتها والاحتفال بها ينقلبون عليها فيتحاربون والتجارب متعددة منذ مائة عام وأكثر.

منذ صلح دعان ومروراً بحروب واتفاقات فتح الإمام يحيى لمناطق ما كان يسمى " اليمن الأسفل "مروراً بحوارات واتفاقات المعارضة في عهدي الإمامين يحيى واحمد ثم حوارات واتفاقات الجمهوريين والملكيين بعد ثورة سبتمبر وكذلك حوارات واتفاقات الجمهوريين المختلفين فيما بينهم ما اصطلح عليه " أحداث أغسطس "وحوار واتفاقات وخروج المتحاربين إلى الجزائر وحوارات واتفاقات الجبهة والنظام وحوارات واتفاقات الوحدة مايو 1990م وحوارات واتفاقات وثيقة العهد والاتفاق 94م .

كل ما سبق من حوارات واتفاقات كتبت فيها وثائق ونصوص جميلة ورائعة وقدمت فيها ضمانات شفوية ومكتوبة" وتم بشأنها وضع تعهدات وحضرها شهود وجرت عملية " طبع أوجه وقبيلة " لكنها جميعها انتهت بغدر وخيانات وحروب طاحنة واغتيالات وتصفيات وأصبح لدى اليمنيين مخزون شيء في ذاكرتهم حول الحوارات والوثائق والضمانات.

ولست متحمساً أن أورد نماذجاً فالتاريخ السياسي اليمني في مجال السلطة والحكم وعلاقة السلطة بالمعارضة تاريخ آثم وقد كرر زعماء اليمن وقادتها عبارات إغلاق صفحات الماضي وفتح صفحات بيضاء لكن اليمنيين ينسوا تعهداتهم ووثائقهم التي وقعوها وقدموا بشأنها التعهدات والضمانات بما في ذلك " طبع أوجه وعليت وكفيت " .

إن ما تم التوصل إليه من نتائج في مؤتمر الحوار الوطني تضمنته " وثيقة المؤتمر " يعد متقدماً جدا ويضع اليمن على أعتاب مرحلة جديدة مختلفة شكلاً ومضموناً عما عرفته من أنظمة حكم وإن وضعت بعض الألغام فيما يتعلق بشكل الدولة" أقاليم أو إقليمين " ولكل وجهة نظر حيثيات ومبررات نتمنى ان يحل الإشكال إن أمكن عند صياغة الدستور ووضع القوانين.

هناك تفاؤل ما من أن وثيقة مخرجات الحوار يمنية فقط بل أصبحت وثيقة دولية فتنفيذها يراقبه مجلس الأمن الدولي ودول إقليمية وبالتالي فيمكن أن نقول عنها أنها ليست كالوثائق السابقة .

نتمنى أن يكون اليمنيون قد وصلوا بعد وجبات قتل وسحل وتصفيات واغتيالات ومواجهات بالأسلحة المتوسطة والثقيلة ونهب وتشريد وطرد وإقصاء وفرز بعضهم البعض بالبطاقة الشخصية أو بنبرات الكلام واللهجة وذبح بعضهم البعض أن يكونوا قد وصلوا إلى خلاصة مفادها كفاية دم وقتال من صدقهم لا مراوغة وخداع.

فمخرجات مؤتمر الحوار تعد عملاً وطنياً جباراً وفريدا يتطلب إعادة النظر في كثير من أشكال الأعمال المؤسسية المتعلقة بشكل الحكم والدولة والحكومة خاصة فيما يتعلق بالفيدرالية وتوزيع السلطة والثروة من اجل تنفيذ أن تتسع أشكال السلطة والحكم لكل أبناء اليمن أينما كانوا في الجنوب أم في الشمال في الشرق أم في الغرب.

كل الكلمات والخطابات والتصريحات التي قيلت في حفل اختتام مؤتمر الحوار الوطني 25 يناير في القصر الجمهوري بصنعاء من قبل اليمنيين والأشقاء في الإقليم والأصدقاء في العالم اشادت وامتدحت المنجز الكبير ووصفته بعضها بالمعجزة والتجربة التي لابد ان تستلهم لحل المشكلات والحروب في المناطق الأخرى سواء في العالم والعربي أو العالم .. ولكنها – أي الكلمات والتصريحات – حذرت ونبهت من عدم التنفيذ لما تم الاتفاق عليه وقدمت وعوداً بالدعم والمساعدة.

وأخيراً: هذه آخر فرصة تمنح لليمن ليخرج من كبواته التي يصنعها حكامه المدنيون والعسكر لا فرق بينهم فإما يستوعب اليمنيون الدرس وينفذوا وثيقة الحوار ويتوافقون على ما هم فيه مختلفون وهو قليل جداً جداً فإن تعاندوا وركبت شياطينهم رؤوسهم والعناد سمة قادة اليمن على مر التاريخ إلا من رحم ربي فسيتشرذمون وتقطع خارطتهم بسكاكين حادة بدون رحمة هذه المرة . اللهم أني بلغت اللهم فاشهد.