السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:١٧ مساءً

الانتصار المزعوم

ماجد حسين سراج
الثلاثاء ، ١٤ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٦:٤٥ مساءً
أسفرت الجولات المتكررة للجان الوساطة الرامية إلى وضع حد للصراع الدائر بين أتباع الشيخ الحجوري في دار الحديث بدماج (السلفيين) وبين ما يعرف بأنصار الله (الحوثيين) إلى توقيع اتفاق اعتبرته تتويجاً لجهودها المتواصلة، يقضي بإخراج سلفيي دماج من غير أبناء المنطقة وانتقالهم إلى محافظة الحديدة، وتعويض المتضررين والجرحى، وضمان عدم إلحاق الضرر أو ملاحقة المتبقين في دار الحديث بدماج واستمرارهم، وهو ما اعتبر من جانب السلفيين تنازلناً لحقن الدماء ومنعاً للفتنة، فيما اعتبر الحوثيون أو أنصار الله, كما يحبون أن يطلق عليهم، ذلك انتصاراً حاسماً جاء نتيجة للحصار الذي فرضوه على المنطقة لأكثر من أربعة أشهر، بينما ترى الدولة ذلك تتويجاً لجهود طويلة من الوساطة ومحاولات احتواء الأزمة، والتي أثرت سلباً على مكانة الدولة وقدرتها على السيطرة أمام المجتمع الدولي و الاقليمي.

وبالنظر إلى هذه الاتفاقية من زاوية أخرى، نجد أنها تحوي من الفخاخ أكثر مما تحويه من مساعي الحل الجاد والدائم, بل وتؤسس لمشكلات مستقبلية أعمق وأكثر امتداداً قد تطال الأرض والإنسان، خصوصاً إذا ما أخذنا جانب التدخل والدعم الإقليمي في الحسبان، فالاتفاق يسمح للسلفيين بالانتقال إلى محافظة الحديدة, وإنشاء مراكز جديدة لهم في بيئة رخوة تسمح بتغلغل آراءهم وأفكارهم بسهولة ويسر نتيجة لمحدودية تعليم أبناء المنطقة وامتيازهم بالعاطفة واللين في الطباع، بالإضافة إلى أن تحديد المنطقة بالاسم يعطيهم الشرعية الرسمية لتواجدهم فيها بحيث لا يمكن لأحد إرغامهم على مغادرتها مستقبلاً.

كما أن عدم تضمين الاتفاقية لآلية واضحة فيما يتعلق بإقامة حاملي الجنسيات الأخرى، يحفزهم على الالتحاق بالمقار الجديدة, ويزيد من أعدادهم في ظل تقاعس وزارة الداخلية ممثلة في مصلحة الهجرة والجوازات عن القيام بمهامها، الأمر الذي يمثل تهديداً لأمن البلد خصوصاً بعد أن أوردت الإحصاءات الرسمية أن من بين قتلى الاشتباكات الأخيرة أكثر من سبعين عنصراً من جنسيات مختلفة، فيما يتم الاستبقاء على دار الحديث في دماج, وضمان عدم مساس أنصار الله بمن تبقى فيها, وضمان الدولة لاستمراريتها, وهو ما يبقي الروح الانتقامية ويغذي الأحقاد والضغائن، وفى المقابل كشفت الاتفاقية عن استمرارية الدولة في انتهاج الحلول الآنية والترقيعية التي انتهجتها خلال الفترات السابقة وعدم تمكنها من تقديم الحلول الجذرية الكفيلة بالتخفيف من أزمات البلد، كما كشفت عن محدودية رؤية الحوثيين وتركيزهم على مصالحهم الفئوية الضيقة.

كنت أتمنى أن تكفل الاتفاقية حق التعايش السلمي بين الجميع وأن تكون نواة للقضاء على كل محفزات الصراع الطائفي والمناطقي وأن تعمل على احتواء الخلافات المذهبية التي تعززها قوى إقليمية نعلمها جميعاً ونعلم توجهاتها الرامية إلي إغراق البلد في أتون صراعات دائمة سيكون الخاسر الأكبر فيها هو اليمن.