الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٥٧ مساءً

ذاكرة ثورية لوطن واحد

علي محمد الذهب
الأحد ، ٠١ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
ستة وأربعون عاما تفصلنا عن حصار صنعاء، حصار السبعين يوما، الذي بدأت أيامه الأولى في 28 نوفمبر عام 1967م، والمدة ذاتها هي ما يفصلنا عن رحيل آخر جندي بريطاني من جنوب البلاد، في الثلاثين من نوفمبر من العام ذاته، بعد احتلال بريطاني لتلك المناطق استمر مدة 129عاما، وهي جميعها سنوات تحكي معها عظمة نضال وكفاح هذا الشعب في سبيل التخلص من حكم إمامي رجعي كهنوتي متخلف في الشمال، ومن حكم محتل أجنبي بغيض في الجنوب.

إنها ملاحم بطولية سطرها اليمنيون في طريق ومراحل النضال والكفاح الذي حملوا راياته جيلا إثر جيل، وهم يؤمنون بعدالة قضيتهم، ويثقون بنصر ربهم خلال مواجهتهم قوى التخلف وقوى الاستعمار التي كانت تسخر من مطالبهم ومن أهدافهم المشروعة.. تلك القوى التي لا تختلف في أسلوبها الأخرق الذي تعاملت به مع أبناء هذا الشعب وهي تحتل أرضه وتحتكر خيراته وتستأثر بموارده وتحرمه من أبسط حقوقه، فضلا عن تمزيق البلاد إلى شطرين جغرافيين، والإمعان في بذر التفرقة والكراهية والعنصرية والمذهبية والعصبية في أوساطه.

لقد راهنت تلك القوى ومعها أذنابها في الداخل والخارج في ذلك الوقت على تحويل اليمن بشطريه إلى ساحة من ساحات الحرب الطويلة الأجل على هذا الكوكب، ومنّت نفوسها بالعودة إلى حكم البلاد والسيطرة عليه وهي تحشد لذلك الحصار وتستدعي قضها وقضيضها، حيث أغراها خروج القوات المصرية التي كانت تدعم وتؤازر ثوار سبتمبر، وعلى الاتجاه الآخر راهنت قوى الاحتلال البريطاني على الاقتتال وشيوع الفتنة في صفوف القوى السياسية والثورية في مناطق الجنوب، وأن هذه القوى ستمضي إلى المواجهة المسلحة التي لا تبقي ولا تذر، وأن ذلك سيكون طريق العودة لاحتلال البلاد بأي صفة.

رحل اللورد همفري تريفليان، ورحل الملك الطريد محمد البدر، عن اليمن، وخابت خطط الجنرال كواندا وتكهنات المرتزق بوب دينار، وانتصر اليمن وأبناؤه الأحرار، وتحطمت آمال عودة الغاصبين والطامحين على أضغاث الأحلام، وأيقنوا أنه مهما بلغت قوتهم ومهما بلغ تواطؤ ومساندة قوى الرجعية والتخلف والاستعمار، فلن يستطيع أحد الوقوف في طريق الشعب اليمني الذي اختار طريق الحرية والخلاص طريقا لا رجعة منه.

انتصر اليمن، ومضى نحو وحدته المباركة، وحدة التراب ووحدة النظام، أما الشعب اليمني فهو يؤمن بأنه موحَّد الهوى والهوية، ولن تضيره تلك الأصوات المأجورة التي تريد له العودة إلى حالة التمزق والفرقة والحروب التي تشتعل من وقت لآخر بإيعاز من الأعداء الذين لا يهنأ لهم عيش ولا يهدأ لهم بال إلا أن يروا اليمن تكسوها الدماء ويحل في ديارها الخراب، لكن هيهات أن ينالوا ذلك ما دام الشباب اليمني الوحدوي الحر يعي مرامي هذه الدعاوى المغرضة التي لا تخدم سوى أعداء الأمة.