الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٣٨ مساءً

عن الحملة الأمنية واستقرار أجواء الحوار القادم

علي محمد الذهب
الجمعة ، ١٥ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٢:١١ مساءً


أن تشعر بأن هنالك دولة، وأن هنالك نظام، وأن هنالك قانون؛ فذلك مما يعني أن البلد في خير، وأن المواطن يجد نفسه مذعنا لسلطة الدولة التي تهيئ له هذا الواقع وأن يتنازل عن بعض حقوقه وحرياته لقاء ذلك، وهذا هو ما يجري في كثير من المجتمعات المتحضرة.
لليوم الخامس على التوالي يلمس سكان العاصمة نشاطا أمنيا محموما لا ينتجه إلا نظام متماسك، وهو مؤشر جيد على التعافي الذي بدأت تشعر به منظومتا الدفاع والأمن، يأتي ذلك مع اقتراب انطلاقة فعاليات المؤتمر الوطني للحوار، وهو ما يذكرنا بتلك الحالات التي كانت تنتاب هذه وحدات الجيش وأجهزة الأمن في نظام ما قبل فبراير 2011م، مع كل واقعة مخلة بالأمن القومي اليمني؛ كالعمليات الإرهابية التي كان ينفذها أو يهدد بتنفيذها تنظيم القاعدة.
كأي مواطن، أشعر أن مثل هذا النشاط -شرط الجدية والديمومة- أمر مطلوب لاستتباب الأمن والسكينة، والشعور ذاته بأن هذا العمل جاء للمواطن ذاته لا لأن يقال إن الحكومة أو لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار قد فعلت كذا وكذا، مقابل الملايين التي أنفقت من أجل مثل هكذا تحركات، ثم ما تلبث هذه التحركات أن تتلاشى كرائحة عطر مزيف الماركة!!
وكما أسلفت؛ فإن ذلك النشاط هو من ضروريات الحياة المستقرة لأي مجتمع، لا سيما أنه يأتي في ظل الظروف المضطربة التي تمر بها البلاد؛ إنما الأهم فيها أن تكون مدروسة ومهيأة تهيئة تامة؛ وليس على الصورة المرتجلة التي تبدو عليها الآن، بل وتحولها من وسيلة لتحقيق الأمن إلى وسيلة لاضطرابه وشل حركة ومصالح المواطنين وهي تدار على هذا النحو المرتبك.
اليوم، نلاحظ الكثير من وحدات القوات المسلحة ووحدات الأمن تملأ الشوارع وعلى مسافات متقاربة، وبأعداد كثيفة تكشف عن غياب خطة أمنية حقيقية ناجعة، الأمر الذي قد يجعل من هذا النشاط هدرا للطاقات والإمكانيات وغيرها، وإرباكا لحركة المواطنين، وتعطيلا لمصالحهم، في ظل الضيق الذي تتسم به شوارعنا وسيادة سوء التنظيم المروري وفوضى البيع والشراء الذي تعانيه.
إن على اللجنة العسكرية التي تتولى هذا الجانب أن تعيد النظر فيما هو حاصل، وأن لا تأخذها الظاهرة المبهرَجة؛ فتصدقها هي قبل المواطن المعني بها في المقام الأول، وتحسب أن هذا المواطن قد تنطلي عليه مثل هذه الأعمال العقيمة والمشلولة، والتي-في الحقيقة- لا تخدمه بل تؤذيه قبل أن تقدم له خدمة بناءة ومثمرة.
ما أريد قوله وأهمس به في أذن كل مسئول: إن هذا النشاط مطلوب، ويحقق الكثير من الاستقرار الذي تتطلبه المرحلة؛ لكن أن يأتي ذلك على هذه الصفة؛ فهو الفشل بعينة، نعم الفشل الذي يحسبه القائمون عليه نجاحا، والحقيقة أنه إرهاق لمنتسبي الوحدات العسكرية والأمنية، وتبديد غير مبرر لأموال الأمة التي لا ينال منها الجندي الذي ينزل إلى الشارع سوى الفتات، مثلما أن ذلك فيه الكثير من التعطيل لمصالح المواطنين!!