السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:١٠ صباحاً

حصحص الحق .. لمن ستسلم نتائج الحوار ؟

عارف الدوش
الاثنين ، ١٨ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
لمن ستسلم نتائج الحوار الوطني؟ سؤال صاغه وتحدث حوله وجهر به أشخاص كثر الناس العاديون في الشارع والنخب بطرق مختلفة ومتعددة "د. ياسين سعيد نعمان وتكراره الحديث حول الدولة الضامنة وضمانات تنفيذ مخرجات الحوار ود. محمد عبدالملك المتوكل لمن ستسلمون نتائج حواركم في محاضرة له امام فريق الحكم الرشيد" وآخرون كثر في مؤتمر الحوار رجالاً ونساء وشباباً وشابات وكتاباً وصحفيين وإعلاميين وجامعيين كلهم رددوا السؤال بصيغ متعددة لكن مضمون السؤال ظل واحداً فعلاً " لمن ستسلم نتائج الحوار؟"

لم يتفق اليمنيون حول قضية أو شيء ما مثلما اتفقوا على توجيه وترديد هذا السؤال المؤرق للخائفين والمتوجسين من ذهاب نتائج الحوار الوطني مع الريح كما تعودوا في الحوارات السابقة و"ياريت" كانت تذهب مع الريح وكفى وإنما تجلب لإصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير وبناء يمن جديد الحروب والدمار والكوارث والمصائب يدفعون الثمن ويصابون بنكسة لا يفيقون منها إلا بعد مرور عشرات السنين من القهر والكمد والتسلط والاستبداد.

والسبب ان الحوارات السابقة كانت لا تربط بضمانات تنفيذ نتائجها وإنما يترك الأمر لضمائر المتحاورين وتصريحاتهم وتوقيعاتهم المعلنة وقبل ان يجف حبر التوقيعات كانت تدخل البلاد والعباد في حروب ومواجهات دامية يفرضها ويستأسد فيها من يمتلك "السلاح والمال" فيقهر من حاوره ويرمي بنتائج الحوار في سلة المهملات ويفرض مشروعة السياسي والاقتصادي بالقوة والإكراه الذي يراكم المعاناة لتتفجر عنفاً وحروب تدمر المجتمع ومقدراته.

وأقرب تجربة حوار وطني كانت تعبيراً عن حاجة وطنية شعبية انتجت "وثيقة العهد الاتفاق" ولو كانت صدقت النوايا وطبقت ما كنا وصلنا الى ما نحن فيه لكن تم الالتفاف عليها بتفجير حرب صيف 94م للهروب من تطبيق نتائجها فتحول الحكم في اليمن في إطار دائرة تحالفات قبلية ضيقة سيطرت على مقاليد القوة" السلاح والمال" وفرضت مشروعها السياسي والاقتصادي على كل اليمن لتصبح فيما بعد اسرية ضيقة وكادت اليمن تتحول الى الحكم الوراثي الملكي المطلق باسم جمهوري فقط.

فجاءت ثورات الربيع العربي وكانت فرصة للشعب وقواه الحية للخلاص من نظام فشل فشلاً ذريعاً في كل شيء إلا من تركيز السلطة والثروة بيد أقلية بدأت قبلية ثم ضاقت الدائرة لتصبح أسرية ولم يسمح المجتمعان الإقليمي والدولي لليمن بالانزلاق إلى الحرب والفوضى لأسباب كثيرة جيوسياسية تتعلق بموقعها الجغرافي بحكم قربها من خطوط التجارة الدولية بحرية وجوية وقربها من خزان النفط والغاز وقود العالم" منطقة الخليج "

فكان تدخل المجتمعين الإقليمي والدولي وكانت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي والمبعوث الدولي جمال بنعمر وكان الحوار الوطني كواحدة من آليات انتقال السلطة والحكم وبالتالي لم يكن الحوار هذه المرة " مجرد رغبة أو حالة نخبوية حيث جاء تعبيراً عن حاجة شعبية ووطنية مشتقة من المسار السلمي لثورة التغيير فإنه لا بد أن تتوفر له الضمانات الكاملة لتحقيق إرادة الناس في التغيير وبناء الدولة وحل كل القضايا العالقة والتي أغرقت البلاد في كوارث لا حصر لها" بحسب رؤية الحزب الإشتراكي اليمني لضمانات تنفيذ نتائج الحوار.

لسنا في مجال الخوض في اوراق رؤى الأحزاب والمكونات لضمانات تنفيذ نتائج الحوار لكنا نؤكد ان تمسك الأحزاب والتنظيمات السياسية والمكونات المشاركة في مؤتمر الحوار بضرورة وأهمية وجود ضمانات لتنفيذ نتائج الحوار الوطني هو الطريق الصحيح لإخراج اليمن الى بر الأمان والسبب في هذا الإصرار من وجهة نظري الحراك السياسي والخارطة السياسية الجديدة التي تكونت بفعل تركيبة مؤتمر الحوار التي مكنت قوى ومكونات جديدة كانت مغيبة ومهمشة ومقصيه مثل الشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني من التصدر لواجهة النقاشات.

تلك القوى الجديدة طرحت قضايا كان مسكوتاً عنها بل فرضت الأصوات الجديدة التي ارتفعت خلال مناقشات ومداولات مؤتمر الحوار الوطني نتائج ومخرجات في حال توفر الضمانات لتطبيقها ستؤدي إلى بناء دولة مدنية حديثة ومواطنة متساوية واحترام حقوق الإنسان وإلغاء استخدام القوة "السلاح والمال" لفرض المشاريع السياسية والاقتصادية.

وأصبحت ضمانات تنفيذ نتائج الحوار في سلم أولويات قوى التغيير التي تعتمد السلمية منهجاً لمواصلة التغيير ومن خلال تلك الضمانات الي تريدها وتصر عليها قوى التغيير المدنية التي لا تمتلك غير قوة الحجة والمنطق السياسي والقانوني والنضال السلمي سيتم الإجابة على السؤال الجوهري " لمن ستسلم نتائج الحوار؟" وترى تلك القوى انه لا بد من الاتفاق على آليات مزمنة واضحة يتم من خلالها تنفيذ مخرجات الحوار دون القفز إلى المجهول إما بحرب أو بالتمسك بإجراء انتخابات في فبراير 2014م باعتبار ذلك منصوصاً عليه في المبادرة الخليجية.

وهناك قوى تتجاهل النظر الى باقي استحقاقات الحوار ومتطلبات تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خاصة وأن قضايا شكل الدولة وعدد الأقاليم وعملية الانتقال الى الدولة الاتحادية من اقليمين أو اقاليم يحتاج الى وقت وبالتالي لا بد من فترة تأسيسية يتفق بشأنها ومهامها وصلاحياتها وآليات عملها ومدتها الزمنية من خلال التوافق بين المكونات المشاركة في الحوار الوطني بما في ذلك تحويل مؤتمر الحوار الى هيئة تشريعية من غرفتين والبدء في تنفيذ مخرجات الحوار دستور جديد تقسيم وتحديد عدد الأقاليم وحدودها واستكمال هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية .. الخ

إن الهدف النهائي للتغيير هو الوصول الى شكل جديد لليمن بمضمون جديد عندما يتحقق ذلك بحده الأدنى الوارد في مخرجات الحوار الوطني نستطيع القول أنه سيتم اجراء انتخابات نزيهة وشفافة بعد ان نكون قد أبطلنا مفاعيل القوة" السلاح والمال" - تضاف إليها المركزية الشديدة التي تجعل المركز متحكماً بكل شيء - ومنحنا الناس حرية الاختيار وبالتالي يصبح الحوار الوطني ومخرجاته مواصلة التغيير وتجذيره وليس دردشة انتهت بانتهاء زمنها المنصوص عليها.

فاستمرار الحوار الوطني في مرحلته الجديدة بفترة تأسيسية يتم التوافق عليها وتنفيذها بإشراف دولي فاعل هو الذي سيمنع القوى التي تمتلك القوة" السلاح والمال " من الانقضاض على نتائج الحوار الوطني بحرب كما حصل في تجارب سابقة من الحوار " وثيقة العهد والاتفاق" واغتيالها بحرب صيف 94م أو استمرار افتعال الأزمات لإفراغ نتائج الحوار من مضمونها وتحويلها إلى دردشة انتهت بانتهاء زمنها وهذا ما يريده ويخطط له من يصرون على ضرورة إجراء الانتخابات وفقاً لما نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية فهم يعلمون أن نتائج الحوار لازالت حبراً على ورق وأي انتخابات ستعيد إنتاج النظام السابق بل ربما أكثر رداءة منه.

وأخيراً : نقول إن اشتراط الإشراف الدولي " الدول العشر الراعية للتسوية "على انتقال اليمن إلى الدولة الاتحادية من خلال فترة تأسيسية سيمنع أي تلاعب في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من قبل أي طرف يمتلك القوة "المال والسلاح" أو القفز على نتائج الحوار التي لا تعجبه بخلق واقع جديد يتجاوزها ليفرض بالقوة ما لم يستطع فرضه بالحوار والديمقراطية في مؤتمر الحوار الوطني.