الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣٧ صباحاً

دماج وحرب استهداف نتائج الحوار

عارف الدوش
الاثنين ، ١١ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
أجدني أتفق تماماً مع الرأي والتحليل الذي يذهب بأن ما يجري في دماج بين السلفيين والحوثيين لا علاقة له بالمذهبية بالمرة وإنما هو صراع سياسي تحركه أصابع سياسية داخلية وخارجية تلتقي مصالحها عند تقاطع ما حتى وإن بدت متناقضة في الشكل والمظهر أو في البعد الفكري والسياسي وبرغم التناقض الفكري والمذهبي بين الحوثيين بشكلهم القديم " الزيدية" أو الجديد " الحوثية أو أنصار الله" وبين السلفيين قبل مجيء الشيخ مقبل الوادعي وبعد مجيئه وتأسيسه مركز الحديث بدماج صعدة وفي عز تشدده وشدته على المخالفين له ولمدرسته لم نشهد قتالاً بين النقيضين.

وأتفق مع من يقول أن الصراع الدائر في دماج سياسي ألتقت فيه مصالح قوى داخلية وخارجية في لحظة محددة من الزمن فرضتها تحولات وتغييرات واستحقاقات وأصبحت هذه القوى وإن بدت متناقضة تجد نفسها عاجزة عن تلبية تلك الاستحقاقات وهي قوى وأطراف على الدوام لا تتحقّق مصالحها إلاّ بإشعال الحروب وإثارة الفوضى وإن بدت أنها متعارضة فكريا وسياسياً أو استخدمت شعارات المرحلة للخداع والتمويه أو حتى ركبت موجات التغيير وسفن الثورات.

ما يجري في تعز وعدن وحضرموت وصنعاء والحديدة وصعدة وفي أكثر من مكان يكشف عن مخطط واحد وإن بدت أدواته متنوعة ومختلفة ومتناقضة فكل ما تشهده البلاد من فوضى وفتن وقلاقل يهدف إلى إعاقة عملية التقدم السياسي ويخدم القوى والأطراف التي لا تتحقق مصالحها إلا في ظل غياب الدولة والنظام والقانون مهما تناقضت لبوسها الفكرية والسياسية فهي تصل في الأخير إلى هدف واحد هو إرباك الحكومة والدولة والقوى السياسية المدنية أو الباحثة عن التغيير بمضمون اجتماعي واضح وهو ما تراه القوى والأطراف التي تنمو وتكبر وتتضخم في ظل الفوضى والحروب سماً قاتلاً لمصالحها بل يدخلها مرحلة تقزم.

وكما تحالفت قوى متعددة من مشارب شتى ربطتها مصلحة واحدة ضد مخرجات "وثيقة العهد والإتفاق" فكونت تحالف حرب 94 التي كان مسرحها حيث تواجدت القوى المطالبة بتجذير التغيير الذي جاء مع تحقيق الوحدة بعد 22مايو 90 فإننا نرى اليوم أن قرع طبول الحرب في صعدة بين الحوثيين «أنصار الله» والسلفيين هو نسخة أخرى من حروب الالتفاف على مضمون تغيير جديد طرحته مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في مرحلة حرجة شديدة التعقيد أنتجت خارطة سياسية قزمت من تأثير قوى الفوضى ورفض الدولة والنظام والقانون.

والحديث عن حرب في صعدة ضد قرية دماج بكل أنواع السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل وتصويرها بأنها حرب لا ينقصها غير الطيران ضدّ مجموعة طلاب في معهدهم كل ما يقومون به هو الدفاع عن أنفسهم هو من قبيل تأجيج وإشعال الفتنة وتأليب الناس بتصوير الأمر على أنه استهداف طائفي ويشترك في إشعال الفتنة و ذلك التأليب «الحوثيون - أنصار الله» فهم من فرض حصاراً جائراً ثم قاموا بالقصف ومحاولة الاقتحام لمعهد ديني حتى وإن قيل أنه تحول إلى ثكنة عسكرية فهو يضم مجاميع سلفية تعد أقلية أمام نفوذ الحوثيين «أنصار الله» ولا يشكل خطورة بل يثبت موقف الحوثيين «أنصار الله» من الآخر وعدم قدرتهم على قبوله و التعايش معه.

وقد كان واضحاً أن هناك سيناريو يرسم وتحدث الكثير من الكتاب والسياسيين عن مخططات داخلية تلتقي مع أخرى خارجية لتفخيخ مؤتمر الحوار واستهداف مضمون مخرجاته وكان توسع الصراع الحوثي السلفي خارج أسوار صعدة تعبيراً عن انخراط «الحوثيين» كجماعة مسلحة ذات نفوذ قوي وواسع في صعدة في إطار المخططات الهادفة لتفجير الصراع واطلاق توصيف له بأنه سني شيعي حتى يتاح المجال لمركزي قيادة هذا الصراع في المنطقة «السعودية وإيران» بتحريك بيادقهما على رقعة شطرنج اليمن كلها وليس فقط في صعدة وما جاورها.

وتوسع الصراع الحوثي السلفي في صعدة وخارجها وتحوله إلى حرب سيحدث خللاً كبيراً في منظومة العملية السياسية كما سيصيب الخارطة السياسية التي أفرزتها الثورة الشبابية الشعبية فبراير 2011م بخلل كبير وسيعيد ترتيب التحالفات من جديد بما يعيد إنتاج قوى هيمنة جديدة تسيطر على السلطة والثروة والقوة وتضرب قوى التغيير المطالبة بمضمون اجتماعي حقيقي يقلب الطاولة على قوى الفوضى واللا دولة ويعيد قوى لها نفوذ في البلاد وتمتلك عناصر القوة «السلاح والمال» إلى ترتيب تحالفات خارج تحالفها الحالي بشد حزب الإصلاح إلى قاعدته التي لا تزال تضم قوى سلفية واسعة ومؤثرة وسيضعف إتجاه التحديث والتجديد داخله.

كما سيؤدي ذلك إلى استدراج الحوثيين "أنصار الله" للتنسيق والتحالف مع أنصار النظام السابق وهذا سيلحقهم في صف الطغيان والاستبداد بعد أن كانوا في صف الثورة والتغيير وكان أمل كثير من النخب السياسية والثقافية بتحولهم إلى حزب سياسي ببرنامج واضح المعالم ينتصر للمستضعفين ويقف ضد الاستبداد والطغيان والظلم .

وأخيراً: باختصار إن اشتداد الصراع الحوثي السلفي يعيد ترتيب أوراق القوى التقليدية التي كان مؤتمر الحوار الوطني بما وصل إليه من مخرجات خلال سبعة أشهر قد أصابها بالضجر وهو في الأخير صراع يضعف تيار القوى الديمقراطية المدنية ويستهدف مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة ويهدد مستقبل اليمن ويفتح باب التدخلات الإقليمية والدولية على مصراعيه.