الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥٣ صباحاً

بئس المنطق والضمير

صالح احمد كعوات
الجمعة ، ١٦ أغسطس ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
ما ارتكب من مجازر ضد شعب مصر جرائم يندا لها الجبين وتدمع لها العين وتشيب من بشاعتها الرؤوس، خاصة وأنها جاءت في ظل صمت مريب وإعلام راقص على الأشلاء، يزيّن للقاتل فعلته، ويتّهم المقتول بخيانة الوطن، إعلام يعكس الحقائق القاتل مضطرٌّ لما يفعل وهو يرتكب أخفّ الضررين وأهون الشرّين والمقتول مجرم إرهابي معتدٍ يمارس العنف، بئست وسائل الإعلام هذه ومنطقها الأرعن الذي يزيّن القتل والوحشيّة ويصنع من القاتل بطلاً قومياً ومن المجرم أسطورة، بئس منطق المدنيّة إن كانت هذه حقيقتها وبئس دعاتها المخرّفون الذين يفرحون بسفك دماء الشعوب ويزغردون فوق الأشلاء وعلى ضفاف انهار الدماء، بئست الجنديّة العسكريّة التي تحوّلت من دفاع عن الأوطان إلى تطهير وإبادة للشعوب، ومن مواجهةٍ للعدوّ الخارجي إلى انتقام من الأطفال والنساء والشباب الذين لا يجدون غير التكبير والتهليل وصيحات الاستغاثة، من رأى صورة تلك المرأة الحرّة الشريفة التي تقف عند أقدام أحد العسكر وكأنها تستنجد وتستغيث وهو واقف متبختر، وصورة أخرى لإحدى الحرائر وهي تقف تصيح في مجموعة من الجنود وكأنها تخاطب فيهم روح الوطنية وتستلهم فيه الضمير وهم لا يعبّرون إلا عن نشوة الانتصار بعد أن غاصت أقدامهم في دماء شعبهم وكأنهم كانوا ضمن جيش صلاح الدين الذي حرر القدس، وصورة أخرى لسائق المجنزرة الذي داس على أحد أبناء مصر فهشّم رأسه دون اعتبار لإنسانيّته، صور وصور دامية خلّفها المجرمون في مسرح الجريمة، أشلاء ممزّقة وجثث متفحّمة، بئس هذا المنطق الذي يبرر القتل، وبئست الضمائر الميتّة التي تدافع عن الإجرام أو تسكت عنه، بأي ذنب ومنطق قُتل هؤلاء، إن كان بمنطق الديمقراطية فبئست هذه الديمقراطية الانتقائية التي لا تعترف إلا بما يريد هؤلاء المدّعون المخرّفون ، وان كان باسم الأمن فتباً لهذا الأمن الذي لا يتحقق إلا بقتل الشعب في حين أن طائرات العدو تستبيح الوطن، وان كان باسم الثورة فسحقاً لها ثورة تعيد القهر السياسي وتكرّر سياسة الانتقام والإقصاء وتنشر لغة التخوين، وان كان باسم شعب مصر فلن يسكت شعب مصر عن المجرمين الذين يقتلون ويذبحون باسمه، لقد كانت جرائم إبادة ذكّرتنا بما فعله الصرب في البوسنة وما فعلته إسرائيل في صبرا وشاتيلا والحرم القدسي وغزة، تباً لهم ولمن سكت عنهم وبرّر لهم فعائلهم الشنيعة ودَعم هذه الممارسات القذرة، إن الدماء الزكيّة التي سالت في ميادين الكرامة لن تكون إلا وقوداً لاستمرار الثورة ولعنةً على كل القتلة والمجرمين، ولن تُسكت الأحرار كما يتوهم العابثون.