الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٢٠ مساءً

الساموراي اليماني والحكمة اليابانية

اسكندر شاهر
الأحد ، ٢٨ يوليو ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
تتحول الحكمة اليمانية إلى نوع من الأسطورة التاريخية التي لا تزال بحاجة إلى دراسة كافية لعلم “الدراية والرجال” وصولاً إلى “عنعنة “ حقيقية تؤكد صلة الرسول الأعظم (ص) بمقولة : ( الإيمان يمان والحكمة يمانية )، وعليه فإنها – المقولة- أحوج ما تكون إلى تفسير كاف لسبب ومناسبة قولها وربطها ربطاً موضوعياً باللحظة التاريخية التي قيلت بها وعدم سحبها إلى ما بعد ذلك بحيث لا تصل إلى عهد إسلامي آخر فضلاً عن وصولها إلى التاريخ الحديث والمعاصر ،، وبمناسبة انسحابها إلى عهود مابعد الرسول (ص) فقد لفتني قول الوزير السابق وعضو مؤتمر الحوار الوطني وأستاذ التاريخ د. صالح باصرة لقناة ( السعيدة ) الفضائية بأن التحكيم في معركة صفين كان مسألة يمنية وأن الأشعث بن قيس الكندي تبناها وحشد لها ، بل دفعه المذيع إلى استخدام مصطلح "المبادرة اليمنية" بعد أن ذكر المذيع "المبادرة الخليجية" على سبيل الدعابة .. وهو الأمر الذي أثار ضحكي حد القهقهة .. ليس لأنه توصيف تسطيحي بل لأنه تضمّن تكريساً لأسطورة الحكمة اليمانية في مبالغة تجاوزت حدها فلم يكن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام رابع الخلفاء الراشدين عند أهل السنة ، والإمام الأول المعصوم عند الشيعة (الجعفرية ) بحاجة إلى مبادرة يمنية يعالج من خلالها حادثة رفع المصاحف وصولا إلى التحكيم الذي انتهى إلى عزله وهو الخليفة وصاحب البيعة وتثبيت معاوية وهو الوالي على دمشق والذي لا بيعة له ، والحقيقة أن حال اليمانيين لم يكن أكثر من حال المحاربين القدماء وحتى هذه الهواية العسكرية فقدناها مع مرور الزمن ومع استهلاكها في حروب داخلية ، وفي كل هذا بحث طويل ليس هنا محله .

قناعتي بغياب الحكمة عن شعب اليمن والتي اعتقد أنها تصدق وتصح نسبتها علمياً وعملياً لشعب اليابان ليست بحاجة إلى إثبات أو نفي مقولة الرسول الأعظم (ص) ، فما يدعم غيابها هو واقع شعبنا وبلادنا والسلبية التي تملأه من ساسه لرأسه ، وإذا كان قد تبقى منها شيئا فقد قضت عليه "المبادرة الخليجية" ذات الورقتين ، التي باتت دستوراً يحكم البلاد والعباد ، فأقصى ما يمكن أن يقدمه أي شعب في السيرورة الحضارية هو (الثورة / الصحوة) بكل ما تحمل من مؤونة ثقيلة ، وهاهي قد استنفذت بالكامل وتحولت إلى أضحوكة حرفت مسار البلد إلى منحدر عجيب سيصعب تجاوزه لعقود طويلة ..
ولكن لا بأس أن يستعير اليماني "الغشيم" من الياباني "الحكيم" سيفا الساموراي .. ذلك الفارس الذي يجسد في تراث اليابان صورة المحاربين القدماء .. إنه الفارس الذي يتمنطق بسيفين أحدهما طويل والآخر قصير ...

ولئن استهلكنا سيوفنا "الطوال" في اليمن وقطعنا رأس الثورة قرباناً لمن قامت الثورة لإسقاطهم ودفعنا بهم إلى السلطة مجدداً بعد منحهم الحصانة كحصان طروادة ، فمن الواجب أن نستعمل سيف الساموراي الآخر ، وليقرر هذا الفارس اليماني أن يقطع بالسيف "القصير" حكمته المشكوك بها بيقين (العزل السياسي) ، فيقرر – أعني الشعب - أن يعزل نفسه سياسياً ويتبرأ من أية عملية سياسية مسلماً الأمر لرأفة غير محتملة الوقوع من الرئيس هادي والحمران وحكوماتهم ، ويخرج في حركة تعبيرية مضادة ومناقضة لحركة ( تمرد ) ويسميها ، حركة ( عزل ) ، حتى لا يكرر تجربة الأخوان ويستنسخ كلمة ( تجرد ) ، وتقوم حركة عزل بجمع توقيعات الملايين بتفويض هادي والتمديد له مدى الحياة .. حياته أم حياتنا أم حياة الحمران لا يُهم مادام الشعب مُغيباً على الدوام !!!.. وبحيث تتضمن الوثيقة إعفاء البلاد والعباد من تكاليف أية عملية سياسية ، فقد ثبت عملياً أننا شعب مُسير وليس مُخيراً ، وبالتالي لا داعي لانتظار تسويات مرتقبة أو نتائج انتخابات أو استفتاء معروفة سلفاً ولاداعي لأن يرشح هادي نفسه أمام نفسه مثلما كان ترفا وضحكاً على الذقون أن يرشح صالح نفسه أمام مرشح آخر محكوم عليه بالفشل مسبقاً .. ولعل عملية العزل السياسي التاريخية هذه ستكون كفيلة بأن لا تختلط الأوراق أكثر مما هي مختلطة عسانا نتحرر من الحمران ونُشفى من عمى الألوان ، من خلال فسحة (استراحة محارب لا حكيم) قد تؤمنها عملية العزل بين الجلاد والضحية .

إيـماءة
أستطيع (الظن) بأن اختطاف الدبلوماسي الإيراني بصنعاء مؤخراً تقف وراءه جهات قبلية يمنية (مشائخ ومتمشيخيون مرتهنون للرياض) تلقوا دعماً من جهات محسوبة على إيران ويمارسون الابتزاز ، وهم أنفسهم الذين لفتنا في وقت سابق إلى خطورة التعاطي معهم حتى لا تحاكي طهران وسواها تجربة العقيد القذافي المضحوك عليه مع (عملاء السعودية في اليمن) ، وبالتالي تكون المباراة صفرية والنتائج كارثية كعادتها ، والحليم تكفيه الإيماءة ...!!