الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٤٨ صباحاً

"الروتين الاجتماعي..!"

عبدالله الخراز
الأحد ، ٠٩ يونيو ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
لا أريد التفصيل والتعمق بل عليَّ أن أوضح هذا المفهوم من المنظور العرفي بين أوساط المجتمع فنعني بالروتين هو المداومة على نظام معين أو طريقة معينة أو حياة اعتدنا عليها فترةً من الزمن فأصبحت مزاولتها عادةً وتكراراً مُمِلاًّ.

فلقد خلق الله الإنسان محباً للتغيير يعيش على هذه الطريقة التجديدية ومن خلالها ينضج معرفياًّ, واجتماعياًّ, ومهارياًّ, وممارسة اختيار التغيير أو الروتين هو بيد الإنسان ذاته فإنَّ الله لا يُغيّر ما بقومٍ حتى يُغيّروا ما بأنفسهم.

وإذا أُصيب الروتين مجتمعاً بأكمله أصبح داءً عُضالاً يجب التخلص منه بشتى الوسائل الخيّرة, فسلاح التجديد يحفظ هوية المجتمعات ويصونها, ومنار المجتمعات هم الشباب ومنطلق حديثي هو عن إصابة الشباب بهذا الداء وانعكاسه على الجمود والبرود في حركة المجتمع. وإصابة الشباب بالروتين يعود لعدة أسباب تنصب معظمها في عدم الشعور بالمسؤولية ومن هنا تنطلق صرخات الشباب في بحثهم عن هويتهم المسؤولة التي يبحثون عنها..!

السلم النفسي لبناء المسؤولية لدى الشاب يبدأ بعاطفته وينتهي بطموحه ومستقبله..

فكر الشاب هو أرقى ما يمتلكه لبناء المسؤولية وزيادة الإنتاجية. ففي السلم النفسي لن تطأ رتبة الفكر إلا بعد استقرارك على رتبة العاطفة التي منها يتماسك فكر الإنسان وينضج ودليل ذلك عندما تتعامل مع بعضهم تجد قصور التفكير السليم أو تخلفه عمن حوله من أبناء سنِّهِ والكثير منهم يفتقرون إلى الحنان والعاطفة والاحتواء من قِبَلِ المنزل.

فالعاطفة تؤثر بشكل قوي وكبير وفعّال جداً على فكرِ الشاب وطريقة تعامله مع الأفكار والمستجدات في الحياة ولا يخفى على أكثركم أهمية استواء الفكر ونضجه لدى الشاب لأن العمل الناجح هو عبارة عن فكرة طُبِّقت بأكثر مسؤولية وهذا يظهر جلياًّ في حسن التعامل مع الأفكار وسلامة طرحها ولعل الأفكار لدينا في الوطن العربي كثيرة ومتجددة وكثيفة لكنها تفتقر لحسن التعامل معها فطرح الأفكار ينقسم إلى قسمين: الفكرة الجديدة, وتقبُّل الفكرة الجديدة.

فمن يطرح الأفكار الجديدة يجب عليه أن يعي تقبل الناس لهذه الفكرة وهذا يظهر في احترام ثقافة المجتمع ورمزيته فلن يتقبل أية مجتمعٍ مهما نضجت الفكرة المقدمة له إلا إذا احتُرمت رمزيته وثقافته وعاداته فالإخفاق يظهر جلياًّ في طريقة طرحنا للأفكار الجديدة فعند بناء العاطفة والفكر ينعكس هذا على العمل الميداني وقوة شعوره بالمسؤولية فمن حفظ عاطفته وصان فكره حَمُد عمله وبالضرورة أن يزدان طموحه ويصلح حاله.

فالسلم النفسي يبدأ تربوياًّ بملأ العاطفة ثم فكرياًّ عند استواء الفكر فميدانياًّ حيث الشعور بالمسؤولية وأخيراً ينتهي السلم للوصول للقمة وهو الطموح والمستقبل وإتمام العملية النفسية للشاب.

ولكن كيف يساهم المجتمع في بناء السلم النفسي للشاب؟!.
الدافع الذي دفعني لكتابة هذا المقال هو دافع أسى للغة الروتينية المرتفعة لدى أوساط الشباب وقراءتي لهذه اللغة كان يظهر وضوح النقص في السلم النفسي وهذا من عوامل الحياة التي يعيشها الشاب.

المدرسة, المنزل, المجتمع...
فالمنزل يعتني بالجانب التربوي الأول لدى الشاب وأقصد بالتحديد اكتساب العاطفة أما المدرسة فاكتمال الاهتمام بالجانب التربوي وبنا الجانب الفكري والمجتمع فبتيسير العمل الميداني للشاب ومن هنا تبدأ حكاية المفارقات وقصص بناء الروتين الاجتماعي فحاجة الشاب إلى مداراة احتياجاته بحيث إسدال له ميادين للعمل الجاد الجالب للمسؤولية وإظهار المواهب الشبابية المدفونة والتخلي عن الروتين الاجتماعي الذي يعيشه الشاب في قوائم حياته الخالية من الفاعلية.

أهمية العمل التطوعي ومؤسسات المجتمع المدني تكمن في كون الشباب هم عمادها وهذا يعود على الحكومات اقتصادياًّ واجتماعياًّ وسياسياًّ مما يجعل من الدولة مشروعاً ناتجاً للنهضة والمشاركة مع دول الإقليم.

ففي أمريكا مثلاً بين كل أربعة من السكان واحد قضى زمناً في العمل التطوعي, عدد ساعات العمل التطوعي بلغ 8 مليار ساعة.
وفي عام 2010م وصل الدخل من هذا العمل 1.5 ترليون دولار! أي عُشر الدخل القومي لأمريكا و35بالمئة منه يذهب للمؤسسات الدينية ومعظمها يُصرف في التبشير!.

ومن هذا المنطلق تأتي المناشدة ومن هذه النقطة يأتي النحيب والبكاء على المشروع الأهم وهو تكوين الشباب وجعلهم مشروعاً ناهضاً للوطن والأمة, فالوصول لهذه الأرقام في جزء بسيط من العالم إنما هو على أكتاف شباب.

من السهل جداً أن يقوم الشباب بهذا بل وبأكثر من هذا بكثير لأنهم بكل بساطة يملكون القدرة والفراغ الذي يساعدهم وبقوة على التجاوب مع مستجدات الحياة بكل جدية وقدرة كامنة يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصحة والفراغ".

وهذه النعمتان هي عادةً ما تكون مركز القوة في الشباب ومركز بناء المشاريع ومركز النهضة والتطور والرقي للمجتمعات.

الأمة اليوم كلها تُناشد وتُنادي الشباب بأن أقبلوا وسارعوا وانهضوا بنا..

اليوم الجميع يستقرأ المستقبل بأن يكون الشباب عماده وقوائمه وقاداته..

اليوم نرى ونسمع ما يحدث من مشاريع مُناهضة لمجدنا ومهددة لتقدمنا وانتصارنا, ولا نُقدّم حيالها إلا الخواء..
الشاب أصبح يُعاني من اتهامات مجتمعه بأنه عديم المسؤولية لا يهتم, غير مُبالي, وفي المُقابل لا يجد من يمسك بيده ويُعينه ويُمهّد له الطريق..

الشباب بحاجة للمعونة النفسية لهم, للمعونة الاجتماعية لطموحاتهم, للمعونة الإنسانية لأفكارهم ورؤاهم..

العمل التطوعي هو الحل ليُظهر الشاب قدرته وسط الميدان..
العمل الخيري هو الأصل في ملأ الفراغ المُعانى من قِبَلِ الشباب..

العمل التطوعي من "اللازم" و"اللابد" منه في ظل المشاريع المناهضة والمضادة والتي تمتد وتقوم بأعمال التخويف والتخوين والمُبارزة الشبابية..!

قبل أيام إيران تُكمل مشروعها الصفوي بتجنيد 1200يمني للقتال مع حزب الله في القُصير ونحن وا أسفاه نبخل على شبابنا بأن يكون لهم المشاركة الاجتماعية والخيرية بين أقرانه وأبناء مجتمعه..!