الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:١٧ مساءً

"حول..نظرية الوحدة والتوحّد.." (2)

عبدالله الخراز
الخميس ، ١٤ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
لا زلنا لوحدنا حول حديث الوحدة, لنقسِّم روح الوحيد ونفسيّته ونقدّمها لكي نقرأ الوحدة من العمق الإنساني..!

استغرقتُ وقتاً طويلاً عند تخريجي لهذه المقالة المكمّلة وهذا يعود لإسبابٍ عديدة قد خاب قلمي حيالها فلم يعد يُجيدُ رسم الحرف وتخريجه.

بكيتُ على حين غفلةٍ إنسانيّةٍ..لم أكن أتوقّع أنَّ الإنسان يسير في بعض أموره مستمداًّ حاجاته من الفناء, أو من طرقات الخلاء..!

أُجيد التحدُّث عن الظلم, وبارعٌ في تعبيري عن الحريات وقوانينها, ولامعٌ بريقي في الفلسفة والتنظير ولكنّي ابتعدتُ عن الحياة بتنظيري هذا, فما كتبتُه عن مظلومٍ بائس, وفقيرٍ يائس, كان مجردُ حبرٍ على ورقٍ وما خُفيَ كان أعظم..

بكيتُ من عمق فلسفة المفاهيم الحياتيّة ورمزيَّاتها, وسقت دموعي أرضاً قاحالةً من فساد البشر.. واجهتُ وحدةً من نوعٍ مختلف, وحدةٌ عن العيش والإحساس بالحياة, عن التبصُّر في أرزاق الإنسان, عن التَّمعُّنِ حول الإنسانيّة والعمل العادل الخالد في روايات الخيال..! ولكنّها في الواقع تقطن في جوف الفقير البائس...نعم إنَّه الفقر..!

يُنهك نفس الآدميين, ويروّع إنسانيّتهم, ويُنازعهم كما أنَّه يساومهم حياتهم مُقابل البقاء على الحياة, يُقاضيهم في محكمة التزوير..وهم بكل تأكيد حسب مواد المحكمة والحكم: (الداعي و المدّعي و المحامي..!) أمَّا القاضي فهو الغنى يحاسبهم على سرقةِ ما لم يسرقوا, وقتل من لم يقتلوا, وقذف من لم يقذفوا..!

لُعنوا من بوابة الفقر لِيدَّعوا على أنفسهم فيحكم الغنى عليهم بالوباء والشقاء..إذاً لم يتبقّى لهم شيء..أصبحوا عظاماً بالية, نفوسٌ قاصرة, أرواحٌ خانعة..!

اشتدَّ عِراكهم مع الظلام كي يرحلوا عنه, ولكنَّه كان قاضياً يحكم من أجل ذاته ليكتمهم في بوتقته الشاحبة ويبقوا في صراعٍ مع الوحدة..!

نيران الأماني لم تعد تُنير طريق الحياة بل أصبحت تأكلها كما تأكل الحطب, فشاع فسادُ القلوب, وتأصَّلتْ فكرة وحيدٍ يُعاني ظلم الفقر وقسوة الحياة.......لذلك نسج حبري هذه الأبيات:-

إنِّي بكيتُ على وحيدٍ لم يزل..
يروي قصيدة فقره الملذوعِ
جَارَ الغنيُّ على الفقير لجوعهِ..
هل يا تُرى ذنبُ الفقير الجوعِ
كنتُ الجمادَ على الرصيفِ مراقباً..
وأتى لِيَطْرُقَ بابنا بخشوعِ
حتى دنا ولباسُ جلدهِ أسودٌ..
يشكوا حياةً من حروب الجوعِ
كم يا ترى صُفِعَ الفقيرُ بصفعةٍ..
كنَّا لها بمثابةِ الموضوعِ
كم يا ترى جاد الإله بنعمةٍ..
كنّا جحوداً للغنى المشروعِ

..وبعد..
فإنّي سردتُ وحدةً سافكةً قاتلة..طعنت أرواح أهلِها, وأبكتني وانهرتُ بعد مشاهدتي لها..لم أعد أرجوا شيئاً بعد هذا إلّا أن أكون رافعاً هذه الوحدة على أكفّي باكياً متضرّعاً أرجوا رحمة الله لهم.....عذراً..لم أنتهي بعد, فإنَّ للحديثِ بقيّة..