الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٤٠ صباحاً

تذكرة سفر , وهويات مُستعجلة .....!

جلال غانم
الجمعة ، ١٢ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٢٢ مساءً

ما أصعب أن تكون دقيقاُ في العِشق , دقيقا في قراءة المسافات الفاصلة بين ثالوث ضوء وكمنجة ساحرة , أن تكون المشتعل أو الوثني المُرتد .
أن تقيم علاقة لا تتجاوز طور الدفء أو أن تبني وطن لا يتجاوز حبات وزخات المطر , ولون البنفسج , وندوب ورقة نردي للخريف .
هكذا تبدءا العلاقات الساحرة , وهكذا نتدحرج معها لـــ نقرا أقدارنا ونصيغها ونكتبها على عجل مُتمتمين أن للكتابات موسم آخر قادر على فصل مسرح العشق والحنين عن مسرح العبث والخوف والعُنف والاحتراق .
لا وقت للتأمل أو لــ نحتسي فيه شاي الصباح ,
لا وقت لبنا أوطان من ورق , من محبرة عاشق ومن مطفأة ذاكرة
حياتنا مُفرغة إلا من سلسلة يومية مُتقاذفة لا نعرف المُستقر منها إلا بترديد شعارات عفت أن تأخذنا إلى وضعية اتكاء أفضل , و قادرة على حمايتنا من فراغ سُلطة ومن تاريخ يتكرر بسُطور إضافية تحمل معها كُل يوم نفس الآلات ونفس النغم الممقوت الذي نسمع دويه في ساعات الصُداع اليومية .
لست مُحارب كي أروي لكم قصة ( الساموراي) , ولست شاعر كي أتمتم عليكم بعض من ما كتبه لوركا , ولست من يستطع أن يُبدل علامات النهار ليمحو ظلام الليل .
أنا أنا .......
بعض من مآقي الشمس , من غُبار القحط ومُدن الأغنيات ....
طائر الرعد ..... بصوت سميح القاسم
وقمة الموت في بوح هذا الوطن المُترجل على أرخبيل المُتوسط , طائر الرعد حين يقول بمداده بلغنا قمة الموت .
سيرتنا لن تكون أشبه بــــ قُبعة الكاوبوي الأمريكية وليست كــــ ساندريلا التي نسيت إحدى نعليها في إحدى بيوت الطبقة الفارهه .
سيرتنا تتجاوز كُل خرائط المُلوك , كُل تقديرات الأشقاء , كل بائعي الصُحف في شوارعنا التعيسة , ونتشابه كُلنا بـــ وطن مُمزق في الجُرح وفي الهوية والانتماء .
الصُدفة هي من صنعت منك كاتب , من صنعت منك رئيس وسياسي مُخضرم , وهي من صنعت منك قارئ مُحترف لا يجد ما يأكله سوى بالهجوم على الحُروف .
الصدفة إذاُ من تصنع منا أوطان , من تصنع منا مُغامرين وعاشقين وكاذبين .
وطن يعيش بقيمة الصُدفة ....
تاريخ يُكتب وثورة تمُر سريعا وشُهداء لم يستطيعوا أن يكتبوا مُذكراتهم التي تفتقر إلى وظيفة عامة أو حُلم نبيل عصي على التحقيق .
أحلام مُتقلبة وعلى عجل تُكتب بارتجال , وهُنالك من يعيش التماثل المزاجي في الكتابة وفي مُمارسة العشق المُباح .
هُنالك بين مُدن المُتحاورون وفنادقهم أنا وأنت وكُل الكُتاب ومن حملتهم الصدفة ليمارسوا فضولهم في وطن ضيق لا يتسع لأكثر من ثوب فضفاض , لا يتسع سوى لرواد جوازات السفر المُلطخة بالأحمر والمُتطلعة لبناء مُجتمع تسوده رائحة اليقظة والهروب .
أحجز لي يا سيدي تذكره أسمها ((وطن))
أحجز لنا معاُ تذكره أخرى أسمها ((يمن)) .
فـــ الهويات والأوطان أصبحت في زمن كـــهذا عصية على أبنائها , وحين قررت أن أبني لُغة تُستثنى منها لقاءات الموت المُستعجلة لم أجد مسكونا في ذاتي سوى حقارة وبشاعة تاريخ يحكي قصة حاكم وجماعة لم نرى في كينونتها وجودا للإنسان على قيد هذه الحياة .