الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٠ مساءً
الأحد ، ٣١ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٥٤ صباحاً

*نعمة الإختيار:-
الإختيار فضيلة ربانية وهبة ومنحة إلاهية،وهبها الله لك،قال تعالى الولي الحميد"إن هوإلا ذكرللعالمين،لمن شاء منكم أن يستقيم"التكوير27،28الإختيار عزتك وكرامتك وحريتك،الظالم الذي يكابر
ويراوغ ويظن أن لاعاصم له من أمر الله-عليه أن يدرك تمام الإدراك أنه واقع تحت نعمة الإختيار الربانية وأن الله من رحمته به-مازال منعم ومتفضل عليه ومانح له طريق الحق والعودة الي الله والتوبة النصوحة-والمظلوم يجب أن يعلم أن الله عزوجل لا ولن يخذل أحد-ولن يخذل شعب أو أمة من الأمم-ولاكن يجب العمل بالأسباب النافعة والشرعية وحسب الإستطاعة،ومن الأهمية أن تعرف أن الإعتماد على الله عزوجل وجميل التوكل عليه وتفويض الأمر إليه والإحتساب عنده،دعاء الي الله الحسيب الجليل الذي قال"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"البقرة186وقال الرسول صلى الله عليه وسلم"أشرف العبادة الدعاء" أخرجه البخاري "في الادب المفرد".وقال الشاعر:-
طرقت باب الرجا والناس قدرقدوا وبت أشكو إلى مولاى ماأجد
وقلت ياأملي في كل نائبة يا من عليه لكشف الضرأعتمد
أشكو إليك هموما أنت تعلمها ما لي على حملها صبر ولا جلد
*دارالإختبارودار القرار:-
فأما أن ينصرك الله عزوجل في دار الإختباروإما أن يزيح عن كاهلك شر كان مقدرا لك بما جرت عليه المقادير،واما أن يدخر لك النصرة الي دار القرار،فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه-أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:-"ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها أثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث:-إما أن تعجل له دعوته،وإما أن يدخرها له في الاخرة،وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها" وفي رواية عن الترمذي من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه:فقال رجل من القوم:-أذا نكثر،قال:-"الله أكثر"
إعلم أن حياتك في دار الاختباركسفينة مترامية الاطراف تبحر بك دون أن تشعرأو تدرك أو تحس إبحار السنين والشهور والأيام والدقائق-لا تضع يومك دون أن تحاسب نفسك ،ماذا فعلت؟وفي حق من أجرمت وأخطأت،سفينتك تبحر بها منذ أن وعيت وأصبحت مكلف أمام الله وأمام نفسك وأمام الأخرين وهذه هي نقطة الانطلاق وميناء المغادرة-؟إذا وعيت وأدركت ومددت ببصرك الى الكتب السماوية وما فيها من العبر لمن إعتبر،؟تأكد أنك في أي لحظة قد تصل ميناء الوصول-وتغادر السفينة ولن تعود مرة أخرى،وفي دار القرار ستصرخ لتعود مرة أخرى لتعمل صالحا دون أمل ودون جدوى،قال عزمن قائل:-"وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير"فاطر37،السؤال الذي سيظل يبحث عن إجابة في عقلك –ماذا فعلت لدار القرار؟
شهيد طال إنتظاره:-
مروج خضراءوأنهار ممتدة بلا نهاية ،وأنوار تنثال تحيط الاتجاهات الاربعة،حدائق غناء وثمار تأخذ بلا عناء،وبساتين ذات اليمين وذات الشمال،وبساط أخضر لشتى أنواع الزهور والورود والرياحين والنرجس والكاذي والفل والاقحوان روائح الجوري والياسمين والسوسن إختلطت بإستعدادات الإستقبال المهيب الذي يعد اليوم-حركة دؤبة تسود المكان،الكل على وعد بلقاء طال إنتظاره،الصفوف تمتد ذات الشمال وذات اليمين،حراس المكان الاطهار سادة الحق وسدنة الحقيقة،أنصار الربوبية والوحدانية ،يهتفون بصيحات"الله أكبر ولله الحمد"التي تهز أرجاء المكان فيزداد خشوعا وأجلالاوإكبارا،إختلطت بدموع الفرح التي سالت أنهارا وشوقا وفرحا ساندتها زغاريدالنصر وتباشير الوصول،محمولا على الاكتاف والاعناق والافئدة تجاوز بوابة الرفعة والعزة والمكانة الرفيعة فرحا بمقدمه إصطفت الجموع الغفيرة رافقه ثلة من الابرار صناديد العلى وخدام الحقيقة،تسابقت الجموع الطاهرة لطبع قبلة على جبينه الكريم الطاهر،وأستنشاق عبيردمائه الزكية الطاهرة التي تزين ملابسه والجنة التي إزتانت اليوم بأمر الله وإذنه وتوفيقه ،إذن وتوفيق وهداية إختيار وحب وشوق لاجبر فيه ولا إصطفاء،إزدادت فرحا وطربا واهتزت شرقا وغربا بفرحة وحرارة اللقاء ،بالثائر الشهيد الذي طال إنتظاره "البراء بن مالك"رضي الله عنه الذي عشق الشهادة في سبيل الله ،شهادة الكفاح والنظال لنصرة دين الله ولتخفق رايات الاسلام على جبال العزة والكرامة والحرية.
"موقعة تستر" التي دارت رحاها بين جيوش الفرس وأهل الاهواز،(جيوش الظلم والاستبداد وإمتهان حقوق البشر في البلدان التي كانوا يحكموها بالحديد والنار –فصادروا حقوق المرأة والطفل والاغلبية وحكموا بالاقلية عصورا من الزمان –همشوا الاكثرية من شعوبهم وحكموا حكم متوارث وصادروا الحق في التعبير وفي الاعتراض والفكر والمشاركة واعدموا كل من خالفهم في الرائ وصادروا أرض الله لحسابهم وجعلوا سكان الارض عبيدا لهم –حكموا بما لم ينزل الله سبحانه وتعالى وعبدوا النار من دون الله)وبين جيوش الاسلام التي سيرها "أمير المؤمنين"الفاروق عمر بن الخطاب بقيادة سهيل بن عدى والبراء بن مالك من أجل العدل ولتحرير شعوب فارس والاهواز من جلاديها ومن الاستعباد والقهر والظلم،البراء بن مالك ذلك البطل الذي كان شعاره الذي لا يفارقه"الله والجنة"وسعيه الحثيث للشهادة في سبيل الله،لاحت معركة اليمامة بقيادة سيف الله المسلول "خالد بن الوليد" وابلى فيها البراء بن مالك بلاءا حسنا،ولم ينل مطلبه الذي سعى من اجله،ناجز وقاتل وجندل الكثير من أئمة الكفر والالحاد ،وفي حروب العراق مع الفرس ،مرة أخري ينال الحياة ومطلبه الموت في سبيل الله،وفي موقعة"تستر"لم يدرك البراء بن مالك أنه سينال مطلبه،وسيكون على موعد مع الحلم الذي طالما سعى من أجله وكافح للحصول عليه،كعادته بارزفصرع البراء وحده" مئة"مبارز من الفرس ثم التحمت الجيوش ولم يسمع حينها الا تكبيرات الله أكبر وصليل السيوف وأنين الجرحى وإحتظارات الموتى والظلم والاستعباد،وتساقط جنود الحق شهداء تلو الشهداء،وجنود الكفر والطغيان والتضليل والخداع تسيطر على محيط المعركة وتكاد أو كادت تجهز علي جيوش الحق والخير والعدل،فأقترب بعض الصحابة من البراء ونادوه:-أتذكر يا براء قول الرسول صلى الله عليه وسلم عنك"رب أشعث أغبر ذي طرين لا يؤبه له ،لو أقسم على الله لأبره،منهم البراء بن مالك"يا براء أقسم على ربك ليهزمهم وينصرنا"رفع البراء يديه ضارعا متوكلا محتسبا داعيا:-اللهم امنحنا أكتافهم ،اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم ،والحقني اليوم بنبيك"وكان النصر للمسلمين في هذه المعركة عظيما وللبراء بن مالك الذي حقق حلمه وحصل على مبتغاه ولحق بحبيبه،كان الوعد ،وكان النداء،وكان الحشد العظيم وحرارة ودفء اللقاء والاستقبال على الضفة الاخرى،للثائرالشهيد الذي طال إنتظاره.