الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥٧ صباحاً

حكمة المعارضة.. ولسعات الحاكم

عباس القاضي
الخميس ، ١٥ سبتمبر ٢٠١١ الساعة ٠٤:٣٠ مساءً
يُحكَى أن حكيما جلس على ضفة نهر,,وراح يتأمل في الجمال المحيط به لمح عقربا وقد وقع في الماء, وأخذ يتخبط محاولا إنقاذ نفسه من الغرق فلم يستطع ,,قرر الرجل الحكيم أن ينقذه ,مد له يده فلسعه العقرب,سحب الرجل يده متألما, ولكن ما لبث الحكيم ان عاود المحاولة بعد الاخرى لانقاذه وكل مرة يتلقى اللسع من العقرب ,وكان رجلٌ بالقرب منه يراقب ماحدث , صرخ الرجل في وجه الحكيم : ألم تتعظ من اللسع المرة تلو الاخرى وأنت تسعى لإنقاذه,,,؟ فنظر إليه الحكيم بعد أن ربت على كتفه قائلا :يابني,من طبعي أن "أحب" ومن طبع العقرب أن " تلسع".

هذه قصة وردت إلى حائطي في الفيسبوك من أحد الاصدقاء نقلتها بتصرف واختصار,,ورغم قرآتي لكثير من القصص والروايات إلا أن هذه القصة برغم قصرها وبساطتها أسرتني بمعانيها,استحوذت عليً برمزيتها ودلالتها,,حتى خلتها تسبقني إذا مشيت وتجالسني إذاجلست وتستلقي بجانبي إذا نمت,,فكان لابد من إلقاءهذا الحمل الثقيل من علَى كاهلي وأتحرر من أسرها ,بإفراغها وإسقاطها على الواقع .

فتعالوا نحلق في فضاء القصة لنهبط بها على واقعنا .
لقد ظلت المعارضة السياسية (الحكيم),تحاول المرة تلو الأخرى لإنقاذ الحزب الحاكم ورأس النظام (العقرب ) وبالتالي إنقاذ الوطن من الأوضاع المتردية نتيجة للسياسات الخاطئة منذو سنوات,وذلك من خلال تبنيها أو الإستجابة لكثير من المبادرات ولكنها كل مرة تتلقى اللسعات تلو اللسعات من الحاكم عبر الوسائل الإعلامية المختلفة ,أنها تسعى للسلطة عبر الإتفاقيات الثنائية لاعبر المؤسسات الدستورية, وأن رموز المعارضة تبحث عن مصالح شخصية.


فهبت رياح الحرية من تونس ومصر فتحول النهر (الوطن ) إلى بحر هائج فازداد العقرب تخبطا وبدى إنقاذه أكثر صعوبة.
ولأن الحكيم طبعه الحب ,فقد قام بعمل المبادرات, واستجاب لمبادرات الأشقاء والأصدقاء,ولكن العقرب ظل عقربا لم يتغير ,بل زاد سعاره في اللسع والأذى ,فكانت جمعة الكرامة وغيرها من الاعتداءات على الساحات والميادين,,,ولأن الله مُطلِعُ على الحكيم الذي لم يستخدم أيا من آلات الدفاع فضلا عن الهجوم , فقد زوده الله بكفوف وقاية بالإنضمامات الهائلة من السلك العسكري ومنحه العافية في جسده بإنضمامات العديد من مجلس النواب والوزراء والسفراء لصفوف الثورة,إلا أن الجسد ما زال مكشوفا وهاهو يلسع القلب (تعز) بحرق ساحته,,ولكن لم تمر سوى ثلاثة أيام حتى تحطمت أنيابه ,فقاموا بترحيله الى الخارج لترميمه,,وكانت قبل هذا قد تقطعت أطرافه بسقوط صعدة والجوف وابين وأجزاء من مارب , وأُصيب باعتلال في جميع جسده في تعز وعدن والحديدة وإب وحضرموت,,إلا أنه وهو ينازع سكرات الموت عهد بالأمرللعقارب الصغيرة من أبناء وأقارب الذين كان يعدًهم لخلافته,,فما كان من هذه العقارب الصغيرة إلا أن قامت بتجسيد طبعها اللئيم في اللسع,,فها هي أرحب وتعز ونهم والحيمتين وأبين تشكو من لسع العقارب الصغيرة.
ولأن الحكيم طبعه الحُب فقد قام هذه المرة بمحاولة لإنقاذ الوطن بشكل مختلف وذلك بتشكيل المجلس الوطني لقيادة الثورة بهدف توحيد الرؤى لجميع الساحات من أجل التصعيد للحسم الثوري.

ولأن قدر هذا الحكيم أن يتلقى اللسع ,لكن هذه المَرة من بعض مكونات الثورة ,دعونا نسميها لسع النحل بدلا من لسع العقرب , لان النحل إذا لسعت فإنها تصنع عسلا وشهدا,,يتمثل هذا اللسع باعتراض بعضهم على اضافته للمجلس ,والآخر يعترض على عدم اضافته بشكل يدعو للاستغراب ,وبعضهم يشترط اشياء ,وكأن المجلس هو من يحكم الآن.

وهنا نقول للحكيم , اصبر على هذا اللسع ,فقد صبرت على لسع القرب و هو اشد إيلاما,,,إلا أن بعض من يدعون زورا وبهتانا بأنهم من الثوار ,وهم لايتواجدون في الساحات والميادين بقدر تواجدهم في المواقع الإلكترونية وفي صفحات التواصل الإجتماعية ( الفيسبوك ) ,وهم لا يجدون إلا لغة الشتم والغمز واللمز في المعارضة وفي الثورة ,وهؤلاء وإن كانت لسعاتهم من لسعات النحل إلا أنهم ينتجون عسلا وشهدا لبقايا النظام ,فهم أشد إيلاما من لسعات العقرب .

وأخيرا : يبدو أن العقرب الكبير قد رمم أنيابه , فهو يطل علينا بين الحين والآخر عبر وسائل الإعلام من الخارج , ويخطط مع العقارب الصغيرة بأن ينفثوا سمومهم (الحرب الأهلية) في البحر(الوطن) قبل أن يلسعوا أنفسهم ويموتون إنتحارا كما هو طبع العقرب..ولكن يبدو أن الثوار لن يدعوهم أن ينفثوا سمومهم,,وسيتم القبض عليهم شأنهم شأن عقارب مصر والذين ظهروا مؤخرا خلف القضبان ,,قائمين ,,وقاعدين,,وعلى جنوبهم..ربنا ما جعلت هذا باطلا سبحانك ,,,,فقنا شرور وسموم العقارب.