الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٤٧ مساءً

من أنصار القذافي إلى أنصار صالح!

د . عبد الملك الضرعي
الاثنين ، ١٢ سبتمبر ٢٠١١ الساعة ١١:٠١ صباحاً
منذ مطلع عام 2011م ، شهد الوطن العربي حراكاً شعبياً غير مسبوق في تأريخه المعاصر ، ذلك الطوفان الشعبي تمكن من إسقاط زين العابدين بن علي وحسني مبارك في أسابيع محدودة ، وعلى الرغم من وصول مؤثرات الثورة التونسية والمصرية إلى مختلف دول الوطن العربي وبدرجات متفاوتة، إلاَّ أن ثلاث دول لم تتمكن من السيطرة على تصاعد الحراك الشعبي وهي ليبيا وسوريا واليمن ، وعلى الرغم من وجود تباين نسبي بين الثلاث الدول إلاَّ أن أنظمتها السياسية اتفقت على آلية الحسم العسكري للبقاء في الحكم عبر تشكيلات عسكرية تدار عائليا كما في ليبيا واليمن ،أو طائفياً كما في سوريا يضاف إليها مليشيا تعرف بالبلاطجة أو الشبيحة ، إضافة إلى تحالفات عشائرية وقبلية مؤيدة أو معارضة لأنظمة الحكم ، ولأن الحياة تجارب ومواقف ، فسوف نحاول طرح تجارب االحكام السابقين مع أنصارهم للعضة والعبرة ، ونوجهها للأنصار والحكام في آن واحد ، لأن ما كان ينكره القذافي ويصر على استحالته في ليبيا أصبح واقعاً معاشاً ولايستبعد أن يتم ذلك في بقية البلدان وخاصة اليمن وسوريا ، على كل حال سوف نطرح هذه الرسائل الإفتراضية علها تفيد.

الرسالة الأولى إلى الإعلاميين : تقدمها هالة المصراتي إلى الردمي وأمثاله ، هالة المصراتي نموذج للعديد من مذيعي القنوات الرسمية (اليمن –سبأ –عدن- الإيمان وغيرها) هالة المصراتي في آخر ظهور لها أشهرت مسدس أمام شاشة التلفاز الليبي قائلة ياقاتل يامقتول وأنها لن تسمح بدخول الإرهابيين إلى القنوات الليبية وسوف تصمد مع بقية زملائها حتى الموت ، وجاءت ببعض الفتاوى مثل من قال أن ما يقوم به الإهاربيين جهاد(تقصد الثوار) و..الخ ذلك لايوجد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، واليوم تقول لقد خُدعت من قبل القذافي الديكتاتوروأعوانه لأنهم قدموا لها معلومات خاطئة عن الثوار ، ولكنها بعد أن قابلت الثوار وجدتهم مؤدبين وأبطال يدافعون عن ليبيا ضد الظلم والفساد والديكتاتورية ، هالة المصراتي كانت تستميت في الدفاع عن القذافي وعائلته ، ولم يشاهدها الجمهور يوماً ما لابسة للحجاب ، أما اليوم فقد لبست البالطو الأسود والحجاب وأعلنت أنها مع ثوار17فبراير ضد الطاغية وأعوانه ، ياترى هل يتابع مذيعي الفضائيات اليمنية تلك التحولات ، وهل سيأتي يوم يصعد الردمي وزملاءه استديوهات الفضائيات اليمنية معلنيين أنهم تعرضوا لحملة تضليل وإكراه من قبل الأسرة الحاكمة ومخابراتها ، وأنهم لم يكونوا راضين عن مايقدموه وأنهم يعتذرون عن كل ما بدر منهم.

الرسالة الثانية إلى العسكريين من المواليين للسلطة : تقدمها كتائب القذافي إلى الحرس الجمهوري والأمن المركزي والأمن القومي وأي تشكيلات عسكرية أخرى ، تلك الكتائب دُرِّبت وجهزت للدفاع عن التراب الليبي ، ولكنها أُختطفت من عائلة القذافي وتحولت إلى سيف مسلط على رقاب أبناء الشعب الليبي ، ولكي يضمن القذافي ولائها له سلم أهم قواتها لأنجاله سيف والساعدي وخميس ، ولكن ماذاجرى لقد واجه القذافي مأزقاً لايحسد عليه بسبب تمرد الأحرار من الجيش الليبي وانضمامهم إلى ثورة 17 فبراير لأنهم علموا أن واجبهم العسكري لحماية الوطن ، وليس لقتل أبنائه ، مما دفع بالقذافي إلى طلب النجدة من المرتزقة الأفارقة ،ولكن تقدمت قوى الثورة بشكل سريع في الإسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك حتى أصبحت على مشارف طرابلس ، وفيها كانت تتوقع قوى الثورة تعرضها لخسائر فادحة عند اقتحامها للعاصمة طرابلس ، تلك العاصمة التي أحاطها القذافي بترسانة من الأسلحة والكتائب العسكرية ، تشمل تشكيلات حماية خارج المدينة وتشكيلات حماية أخرى حول مقره في باب العزيزية ، ولكن ماذا جرى؟؟؟ لقد وجدت قوات حماية طرابلس أن الشعب الليبي قال كلمته في رفض حكم القذافي الذي قتل وشرد عشرات الألاف من خيرة أبناء الشعب ووجدوا أن واجبهم العسكري ينص على حماية الشعب الليبي ، فاتخذت القيادة العسكرية الحامية لطرابلس وباب العزيزية والتي لم يكن أبناء القذافي جزء منها قرار بالإنحياز إلى الشعب الليبي ، وبالتالي السماح لقوى الثورة بدخول العاصمة دون أدنى مقاومة ، ولم يشعر القذافي إلاَّ وطلائع الثوار تقتحم قصره ، فهرب مذعوراً عبر سراديب القصر باحثاً عن صخرة أو صحراء تؤويه .

الرسالة الثالثة إلى أنصار السلطة من المدنيين : وخاصة المنضويين تحت تشكيلات من المليشيا القبلية المتواجدة في بعض المخيمات وغيرها ،أو ضيوف الإعلام الرسمي من اللعانيين والشتامين أشباه المثقفين ، وهذه مرسلة إليهم من الجماهير الغفيرة في الساحة الخضراء التي كانت تردد( الله ومعمر وليبيا وبس ) ومن ضيوف القنوات الرسمية الليبية الذين كانوا يكيلون أبشع التهم والشتائم لثوار 17 فبراير ، والإدعاء بأنها حرب نصرانية وبأن الثوار إرهابيين وظلاميين ، ومن القاعدة ..الخ ، نقول لايوجد فرق كبير بن هؤلاء والمقولات التي يرددها أنصار السلطة في قنوات التلفاز أوميدان السبعين وكذا العبارات التي تكتب في لوحات طويلة تشير إلى الولاء والتأييد، وأشياء أخرى عديدة من طقوس تقديس السلطة والزعماء سمعناها في طرابلس ولازلنا نسمعها في دمشق وصنعاء ، على كل حال إليكم النتيجة أولها بعض الإخوة السلفيين من الذين كانت تستضيفهم القنوات الليبية ويحثون الشعب على طاعة ولي الأمر ، الآن غيروا رأيهم وقالوا نحن مع من استتب له الأمر وهو ولي أمرنا ، أما أصحاب المسيرات فقد خرجوا رافعين أعلام ليبيا الجديدة منددين بحكم القذافي قائلين كنا نخرج في المظاهرات مكرهين وإلاَّ سوف تقطع رواتبنا ونعاقب من الكتائب فكنا مسيرين غير مخيرين ، فليعذرنا الشعب الليبي ، ويستغفروا ربهم لأنهم نطقوا بالشرك بقولهم (الله ومعمر وليبيا وبس) ثم يدعون على القذافي بالويل والثبور والهلاك و..الخ ، فهل ياترى سيخرج زوار ميدان السبعين يوماً ما ينقضون ما قالوه ..لاندري ، ولكن ما نعلمه بكل تأكيد أن أنصار القذافي كانو أكثر ولاءً واعتقاداً في القذافي ونظامه وأسرته ، من أنصار الرئيس صالح ، يرجع ذلك لطبيعة التربية التي غرسها القذافي عبر كتابه الأخضر وطرق أخرى أوجد من خلالها تياراً موالياً بلا حدود.

تلك المواقف من الشعب الليبي شاهدنا مثلها من أنصار مبارك وزين العابدين بن على ، بل أن عدد من أشباه المثقفين ضيوف قنوات الإعلام المصري والتونسي مطلع 2011م ، تجدهم اليوم في مقدمة رافعي القضايا في المحاكم المصرية والتونسية ضد مبارك وبن علي ، ويوجد الكثيرمن أشباه هؤلاء المطبلين نشاهدهم في شاشات التلفاز السوري واليمني ، ولكننا على يقين أن غالبية هؤلاء تتغير مواقفهم حسب الطقس ، وإليكم نماذج مثل شخص يدعى المساوى الذي قال يوماً ما وعند تصاعد ثورة الشباب(ليذهب علي عبدالله صالح وأولاده إلى الجحيم ) ثم بعد أسابيع وبعد أن تأكد له تعثر الحسم الثوري عاد مهاجماً وبشراسة الثوار ومدافعاً عن السلطة ، ومشاعره تلك قابلة للتغير حسب التحولات السياسية ، إن مثل هؤلاء لاخير فيهم لا للسلطة ولا للمعارضة ، لأن السياسية والصحافة لديهم تقوم على القاعدة الفلسفية الشهيرة( الغاية تبرر الوسيلة)، وخطرهم على الحكام أكثر من الشعوب لأنهم يدخلوهم في أوهام النصر والعظمة والمجد الذي لايزول .

أخيراً أوردنا تلك الرسائل المفترضة ونحن على ثقة ومن خلال دروس التاريخ والسياسية أن خيارات الشعوب لاتهزم وإن طال الزمن ، ومن المؤكد أن خيارات غالبية أنصار الرئيس علي عبدالله صالح في الوقت الراهن سوف تتغير في اتجاه خيارات الثورة الشبابية الشعبية السلمية عند توفر معطيات جديدة تغير من التوازنات السياسية الحالية ، ندعوه تعالى أن يبعد عن بقية الحكام بطانة السؤ التي تأمرهم بالمنكر وتنهاهم عن المعروف ، وتعينهم على الظلم والمعصية ، ونرجوه تعالى أن يحمي أمتنا من كل مكروه إنه على ما يشاء قدير.