السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٦ صباحاً

تشافيز مُتمـــــــــردا

جلال غانم
الاثنين ، ١١ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٤ مساءً

أي عالم عبثي هذا الذي نعيش فيه ..!
أي فاجعة نتقبلها ونصحو على رحيل بعض الرائعين كــ هوجو تشافيز زعيم الحركة الثورية البوليفارية والقائد الاشتراكي المحنك , الوريث اللاتيني للبطل (سيمون بوليفار) ...!
من يمنحنا بعد اليوم على شاشات التلفزة نجمة حمراء لــ جبهة بطل بحجم شافيز , فأي مرارة أن تُصاب أعماقنا بنزيف يستشري بين الوريد والخاصرة المُضمخه من ذُهول وهول الفاجعة ...!
من يشهر سيفه بعد اليوم في وجه العدالة الدولية , من يقول لكُل سياسات الغطرسة لا , ومن يُنادي بعدالة قضية العرب بفلسطين , ومن يبحث عن يسار عالمي قوي لا يتهاوى تحت ضربات الرأسمال ..!
وكيف لنا أن نرى بعد اليوم فيدل كاسترو يصحو كسير الخاطر والجناح , ومن يبحث عن بدائل الاستفراد بحُكم العالم خارج مقصلة الشيوعية غير الواقعية والرأسمالية الوحشية !
كيف لنا أن نرى بعد اليوم شافيز ببزته العسكرية الكاكية , بوجهة الممتلئ وضحكته المُتزنة ..!
فمن منا ليرى بعد هذا اليوم عالم مُقتدر , تسوده روح الثورة والتغيير والعطاء , من منا ليرى شعارات إنسانيه تتجاوز دراكولا الموت الُممتد بين الأمريكتين ليؤسس لدولة الدولارات العُظمى , ليبني أوطان تقوم على الدم , ومن منا ليرى ثورة لاتينية اشتراكية بحجم ابن كاراكاس تشافيز .
شافيز هو تشافيز , والتاريخ لا ينصف من يحط رقبته على المقصلة , وأن بُناة الغد لا يتصالحون مع جلاديهم , وأن حُرية الشعوب لا تُُقاس بحجم الحصار , بحجم الدمار , بحجم الموت , بل بقُدرة هذه الشُعوب على ترديد نشيد الحُرية تحت كُل الظروف .
تشافيز من هُواة القراءة إلى رجل عسكري إلى قائد ثورة وانقلاب وتصحيح في مسار العبث بـــ برامي النفط الوطني إلى رُوح صارخة , إلى مُتمرد وهاوي جديد .
عليكم أبهاء الرائعون أن تصمتوا بعد اليوم في عالم قميء , عالم رقمي غير قابل إلا للقراءات القاتلة , عليكم أبهاء العرب أن تعوا أن دُروس الحُرية غير قابلة للمُزايدة , وأن ثوراتكم التي لم تخلق أي حراك اجتماعي سوف تتحول في زمن قادم إلى سُم زُعاف , سم قادم لتبدءا بتأسيس دولة المشاريع الطائفية والجهوية لـــ تنتهي بلُغات العُنف والبارود وطلقات الرصاص .
رُبما تكون أجمل الأحلام التي لم تتحقق بعد , لكن في المُقابل اسواء الفجائع هي التي لم نراها بعد فهل بين كُل حُلم وفجيعة فيصل حقيقي قابل للقراءة , قابل للفهم والإستعياب ؟
فقد كان درويش مُحقا عندما قال :
(أيها الحاضر تحملنا قليلا , فلسنا سوى عابري سبيل ثُقلاء الظل )
فلتتحملنا أيها الزمن برثائنا لموتانا , لمناضلينا الإنسانيين , ولتتحمل حُزننا كي نعتذر لك في زمن آخر .
فعندما نتلقى خبر فاجع بحجمك يا رفيق (تشي تشافيز) في مساء نصطلى ونكتوي فيه بأخبار علي مُحسن والمخلوع وبيت الأحمر والحوثيين واكتشافات الزنداني الجينية والثورة الغارقة في برك من الدم , في موائد الأقوياء كي تبدءا تمثيلية المسرحية الهزلية على شعب أعزل أسمة الشعب اليمني القابل للتشريح والقتل ومُمارسة كُل المشاريع الدينية الكاذبة على جُمجمته لـــ نتلقى رحيلك بدم بارد كي نبداء يوم آخر مليء بروائح الساسة الثوريين الجُدد كما يسموهم هُنا .
تشافيز المُتمرد , والقادم من أقاصي الأمريكيتين يُقدم للعالم اليوم عزاء ومأساة جديدة برحيله كي نُودع اليوم تشي جيفارا آخر , ورجل فضل الابتعاد عن الأضواء كي تتسنى له القُدرة على بناء وطن بحجم فنزويلا .
إن هذا العالم بات لا يتقبل إلا السيئين , وأن الموت لا يأخذ في طريقة إلا النُبلاء وأصحاب القضايا والمواقف الإنسانية المُثلى .
وأنك يا تشافيز أصبحت تعتلي الهامات وتجاوزت كُل رجال ديننا الذين تربعوا على إمبراطوريات الفتاوي , على خداع الشُعوب بالفضيلة والرذيلة , وأنك يا سيدي سوف تظل الحليف والرفيق لكل الضعفاء وسوف يشعر من وقف أمامك يوما ما أنه مهزوم في هذه اللحظات ورُبما نرى خطاب آخر وجديد من على البيت الأبيض ينعي رحيلك ليبحث عن تصالح وفتح ورقة وصفحة جديدة مع شعب رائع كالشعب الفنزويلي .