الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٩ مساءً

الأسرة العدنية والحراكيش

عبدالباسط العريقي
الجمعة ، ٠١ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٦ مساءً


كانت عدن منذ مئات السنين ومازالت وستظل مدينة تجارية ساحلية مفتوحة كغيرها من المدن التجارية الساحلية في المنطقة مثل مدينة جدة ومدينة دبي ؛ اجتمعت فيها وامتزجت وذابت وتداخلت مختلف الجنسيات والثقافات وكونت الإنسان والشخصية العدنية اليوم ؛ فالذي عاش وتربى وترعرع في عدن أو كان قريبأ من أهلها الطيبيين المسالمين المتحضرين يعرف تمام المعرفة أنه ما من أسرة عدنية إلا وتعود أصولها وجذورها إلى غير مدينة عدن ؛ فلا يوجد أسرة عدنية 100% ؛ فهناك أسر عدنية تعود أصولها وجذورها إلى ما كان يسمى بالشمال وخاصة محافظتي إب وتعز وبالذات منطقة الحجرية لقربها من عدن ؛ وهناك أسر تعود أصولها إلى لحج وأبين وشبوة وحضرموت ؛ وأسر أخرى تعود أصولها وجذورها إلى الهند والصومال وشرق أفريقيا وهناك من يسموا بـ (المولدين) ؛ وقد عاشوا جميعآ في مدينة عدن منذ مئات السنين أبآ عن جد واختلطوا وتزاوجوا فيما بينهم وتشاركوا ظل سمائها ونسمات هوائها ومائها وبحرها وترابها وحلوها ومرها وأصبحت تجمعهم جميعآ الهوية والشخصية العدنية المميزة .
والمتتبع اليوم لمطالب بعض الحراكيين يدرك تمامآ أن هؤلاء النفر القليل - وإن كانوا جنوبيون – فهم دخلاء على عدن وأهلها ويجهلون التركيبة السكانية لأبناء عدن ؛ فهم يطالبون بإخراج كل ما له علاقة وأصل بالشمال ؛ وإذا كانوا كذلك فعليهم ترحيل كل أبناء عدن إلى حيث جاء أجدادهم وليس الشماليون فقط !!
بعض هؤلاء الحراكيش ما هم إلا امتداد لآبائهم وأجدادهم الذين حكموا عدن والجنوب بشكل عام بالنار والحديد وبطاقة الهوية والفرز المناطقي العنصري منذ خروج المستعمر البريطاني وحتى بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي وتاريخهم وأياديهم كانت وما زالت ملطخة بدماء أبناء عدن خاصة وأبناء الجنوب عامة من خلال الكثير من المجازر والتصفيات الجسدية والحروب والأحداث التي ما كانت تنطفئ حتى تظهر بوادرها إلى السطح من جديد .
إن من يحلمون ويتوهمون بالإنفصال وفك الإرتباط ؛ عليهم أن يدركوا أن الوضع المحلي والإقليمي والدولي اليوم ليس كما كان قبل عام 1990م ؛ كما أن الأمور لن تصير إلى ما كانت عليه قبل الوحدة ؛ بل هناك أجندات ومشاريع إنفصالية كثيرة هنا وهناك بعضها جاهز وينادي بالإنفصال من الآن ؛ فهناك سلطنة لحج ؛ وسلطنة الفضلي ؛ وسلطنة يافع ؛ وسلطنة الضالع ؛ وإمارة أبين ؛ وسلطنة زنجبار ؛ وسلطنة مودية ولودر ؛ وسلطنة العوالق والأشراف ؛ وسلطنة الكثيري ؛ والإمارات العربية الحضرمية المتحدة – هذا إن اتحدت – وسلطنة المهرة .. إلخ والحبل على الجرار .
ومما يؤسف له أن بعض الحراكيين تم غسيل أدمغتهم وشراء ذممهم وتعبئتهم تعبئة عنصرية غاية في الخطورة على البلاد والعباد فنسأل الله تعالى أن يردهم إلى رشدهم وأمتهم ردآ جميلآ أو أن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر ويخلص البلاد والعباد من شرورهم وأحقادهم العنصرية البغيضة