الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٥ صباحاً

شاءت الأقدار أن نكون هكذا !!!

جلال غانم
الأحد ، ١٧ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠١:٣٠ صباحاً
خطاب مُستفحل ينتزعك من مكانك بقوة , لا تعرف كيف تُواجهه , مثله مثل حالة واقع مُستعصي مُصاب بإنزيم مناعي رهيب .

أن تخطو خطوات للأمام بعين ثاقبة أكثر على رؤية كل افتراءات الواقع المُفكك لتعود عشرات الخطوات للوراء , أن تقيس البُعد بينك وبين من حولك لترى أن المسافة مازالت فاجعة وشاسعة لن تعبرها بمُجرد خطاب مألوف أو بمُجرد مقال عابر قادر على سرد كُل تفاصيلها كي تنجو من اللعنات التي تُحاصرك في كُل لحظة .

إيمانك بالاستمرار هو من يدفعك دائما للبحث والتفتيش في الزوايا الأكثر ضيقة في حياة تتجلى دائما لمن يبحث عنها .

أنت المُثقل بأسئلة كثيرة , وأنت من يبحث عن طريق للنجاة , وأنت في خضم الخطاب الثوري المهووس المُتهم والضحية , وأنت من يجب أن يكون شريط لإبليس , لريحانتك المُُرهقة .

لا ارتقاء بدون طريق للصُعود , ولا وطن بدون حُرية مفتوحة لا تُفصل بعقلية رجل دين ولا بقائمة اتهامات جاهزة , أو بإلقاء الآخرين على شفى ذاكرة وطن مريض .

من يقول لهؤلاء أن الثورة ليست حديث عابر وأن الوطن لا يُصاغ بمُجرد أخبار انتقائية مُنافية لكل من يختلف معنا , من يخبر هؤلاء أن الشراكة دائما لا تتصالح مع الخطيئة , لا تتستر على قائمة فساد مُعلنة .

من يخبر هؤلاء أنهم لو فكروا يوما ما بقراءة رواية أو كتاب فكري يحكي كيفية سُقوط قيصر روسيا أو الصراع حول الباستيل ؟
من يخبرهم أن الثورة ليست مُضاد أو سم كبريتي يتم حقن من يختلف معهم كي يختنق ويموت دون أن ينطق بكلمة أو جملة واحدة ؟

من يخبرهم أن الشراكة لا تعني الإقصاء , لا تعني العزف على ناي الكراهية ؟

إن لم نخبرهم كُل ذلك لن نرى في يوما ما إلا ونحن نحدث أنفسنا كما في السابق ((شاءت الأقدار أن نكون هكذا)) .
لا نريد أن نكتب الوطن بحبر مُنتقى من عناقيد أدبية أو بقلم مُضاد , ولا نريد أن نرتكب مُخالفة أخلاقية أو سياسية ودينية ونلصقها بعُمر هذه المرحلة المريضة التي تتربص بكُل الخطايا .

ما نريده وطن خارج لتوه من مرحلة حصار عُقود من الزمن , وطن مُتحرر من لعنة الأقوياء , من بارود المشايخ , من لعصة السيطرة والتفكيك .

لا نريد أن نقول في زمن ما (شاءت الأقدار أن نكون هكذا))
لا نريد مزيدا من الخطايا , مزيدا من القُبح المُلصق بالجماعات الدينية بمُختلف أشكالها , نحن نريد وطن مدني نتقاسم رغيفنا وحُريتنا وكرامتنا دُون أن نحتاج لوساطة أحد .

هل نجد اليوم من يرى كُل شراكة عمل جماعي قادر على النفاذ من أحلك الظروف التارخية والصُعود على متن بوابة فكرية خارجة من قماءة الحزب الواحد من لعنة الفرد المُسيطر إلى آفاق أكثر رحبة يرى فيها اليمني نفسه وقد تحرر من كُل هذه اللعنات .