السبت ، ٠٤ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٣٩ صباحاً

زواج المتعه...وانعمتاه!!

حمير أحمد السنيدار
الاربعاء ، ١٣ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
بالرغم من أن الموضوع الشاغل الآن في الساحة اليمنية هو ذكرى الثورة الشبابية وأيضاً قضية الحوار الوطني إلا أني سأخرج عن الجماعة المتحدثة والكاتبة عن هذين الموضوعين لأتناول موضوع من المهم إن لم يكن الأهم النقاش والخوض فيه كونه أصبح موضوع مطروح بلهفة للنقاش وبشكل واضح وعلني بعد الثورة بعد أن كان موجوداً على شكل مستخفي قبلها.

فمن الملاحظ هذه الأيام أن كثير من اليمنيين خاصة فئة الشباب ممن يستخدمون شبكات التواصل الإجتماعي والمنتديات على الإنترنت يطرحون موضوع زواج المتعة مع السؤال هل هو حلال أم حرام؟ وهنا لن أتناول الجوانب الشرعية والفقهية لهذا الموضوع ولكن سأطرح بعض التعليقات والتساؤلات البريئة جداً كبراءة من يطرحون الموضوع نفسه للنقاش ويثيرون اللغط فيه بين عوام الناس.

لاشك أن النفس البشرية للرجل قد جُبلت على حب الشهوات من النساء والولدان والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة, ومن يلاحظ الترتيب السابق المقتبس من الآية الكريمة سيجد بأن النساء أولى هذه الشهوات كدليل على مكانتها النفسية لدي الرجل الطبيعي والذي بدوره منذ خلق الله الإنسانية يسعى بجد وتعب لكي يحصل على تكاليف زواجه من بنات حواء ثم يشمل هذا الجد في طلب الرزق على أولاده الذين هم من نتاج هذا الزواج, والبعض الآخر والعياذ بالله يستسهل الأمر فيجد في الرذيلة والفجور مخرجاً ومتنفساً له أياً كانت النتائج في الدنيا والآخرة, وهنا لا تكمن المشكلة أو اللبس كون الحالتين ظاهرتين للناس جميعاً وعلى إتفاق بينهم أن الأولى حلال والآخرى حرام وبشكل قاطع لا لبس فيه.

ولكن المشكلة تكمن في أن نجد من يحاول أن يختلق حالة ثالثة تضعنا في منتصف الحالتين السابقتين محاولاً أن يختلق ويلوي عنق الآيات والأحاديث ليبرر بأن هناك آلية تجوز شرعاً إسمها زواج المتعة تمكننا نحن معشر الرجال من أن نستمتع بما طاب لنا من النساء والزمن الذي نشتهيه مع إعفائنا من أدنى مسؤولية أو واجبات تواجهنا في الزواج المتعارف عليه بين الناس, ويا له من حل عبقري لنا معشر الرجال يخلصنا من أزمة الضمير المصاحبة للحالة الثانية والتي تمنع الكثيرين منا من اللجوء أو الإقتراب منها, ولكن هنا تكمن أسئلة يجب الإجابة عليها! إن كان هذا الحل السحري والمسمى بزواج المتعة جائز شرعاً وحلالاً علينا حتى يومنا هذا فلماذا ظلم آبائنا وأجدادنا أنفسهم على مدى قرون مضت ولم نسمع أنهم قد لجأوا إليه بعيداً عن أعباء ومعاناة تكاليف الزواج التقليدي؟ بل القهر والغيظ في الموضوع أنه لماذا تركنا آبائنا وأجدادنا (عيال الذين) نعيش حالة القحط والإحباط العاطفي والنفسي طيلة سنوات عمرنا الفائتة منتظرين الزواج ولم يرشدونا بأن نوفر من مصروفنا اليومي لكي نستغله آخر الأسبوع في قضاء زواج متعة لمدة سويعات مع إحدى بنات الناس وخلصنا من الدوشة؟ ولماذا لم نجد رواجاً لهذا الزواج المزعوم بين إخواننا المسلمين المنتشرين شرقاً وغرباً خاصة في بلاد الفاتنات الشقراوات ناهبات الأرواح؟!

والسؤال الأهم هو لماذا لم نسمع أن رسولنا الأكرم قد تمتع (وحاشى لله) أو أن أحداً من آله الأكرمين الأطهار قد فعل ذلك صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟ وإن كان الرسول قد أحل ذلك بصورة دائمة إلى يومنا هذا فلماذا يعتبر محرم بين الغالبية العظمى الساحقة من المسلمين بمختلف مذاهبهم من أيام الرسول إلى الآن؟ هل هم بالعامية (مش وش نعمة) أم ماذا؟

الغريب والعجيب في الأمر أن بعضاً من أهلنا وأحبتنا باليمن يروجون لهذه الفكرة ويطرحونها للنقاش وكأنهم قد أتوا بما لم يأتِ به الأوائل بل وكأنهم قد حصلوا على دين جديد وعصري مناسب لموضة هذه الأيام والظروف الحالية, فإن كان كذلك فلماذا عندما يُفتح باب النقاش حول بعض العبادات(أياً كان الخلاف عليها) كصلاة التراويح أو صيام الايام الست من شوال وغيرها يبدأ البعض بالإستنكار والتشنج إلى أن يُقال(ما رأينا ولاعرفنا آبائنا أو أجدادنا قد فعلوا هذا من قبل), فلماذا لا يكون نفس الرد على من يروج ويطرح فكرة زواج المتعة؟ طبعاً الإجابة على هذا السؤال لا تحتاج للبيب, فالأمر المتعلق بالعبادات عادةً ما تستثقله النفس البشرية والعكس تماماً مع الشهوات التي تكون محل رغبة لديها بحيث تحاول هذه النفس البشرية أن تنبش وتبحث عن المبررات والشبهات التي تجعلها تتمتع بهذه الشهوات متجاوزةً الشعور بألم الضمير وذل المعصية.

إن أشد ما يثير الحزن والأسى أن نجد بعض من يتبنون هذه الفكرة المخزية ويطرحونها للنقاش( يطرحونها على عوام الناس) نجد البعض منهم ممن ينتسبون للأسر الأصيلة والكريمة بل ومنهم من ينتمي للسلالة النبوية الشريفة الطاهرة في اليمن, وأخص هنا مدينة صنعاء التاريخية التي أتشرف بالإنتماء إليها والتي لم نسمع أبداً من آبائنا أو أجدادنا أن أهلها الكرام المنتشر بينهم المذهب الزيدي المحترم قد أحلوا بينهم (وحاشى لله) المتعة أو أنهم قد سمحوا لبناتهم العفيفات (والعياذ بالله) أن يتمتعن مع غيرهن من الرجال, إذن فلماذا هذا الترويج المذموم وهذا الطرح الغير بريئ لمثل هذه أفكار تجلب العار على المجتمع اليمني ككل والمعروف إلتزامه بدينه الحنيف ومذاهبه العدول؟ فهل يريدون هؤلاء أن يروا بناتنا وأخواتنا العفيفات الطاهرات وقد أصبحن سلعة تباع وتشترى في بيوت آبائهن بإسم الدين أم يريدون أن ينتشر اللقطاء مجهولي النسب بين مجتمعنا بإسم الدين أيضاً قبحهم الله؟...فوالله ما كان ذلك ولن يكون.