الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٥٣ صباحاً

المُرشدي سيرة( نشوانية ) لا تنتهي

جلال غانم
الأحد ، ١٠ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
الموت هو العنوان الأبرز في يافطات المشهد اليمني فالفجائع التي يُخلفها تُدمينا أحيانا وتطرحنا أرضا من إعياء المُخاض أحيانا أخرى .

إن وفاة الفنان الكبير ((محمد مرشد ناجي)) في وقت حالك كهذا يضعنا أمام مُحاكاة للدمع , للموت المُستمر , ولا يدع لنا مجال لقراءة سيرة مثل هؤلاء الرائعين إلى في لحظات تواري كهذه .

من سيرة نشوان الأغنية التي جابت القُرى وجباة الرفاق والتي كان وقعها مُدوي , يزداد مع وتر القضية الوطنية والتي صاغ كلمات هذه الأغنية الكاتب الرائع سُلطان الصريمي لتأتي في وقت عصيب لمُجريات التحولات في مُعظم المناطق الجنوبية والشمالية معا إلى عشرات الأغاني التي أنتشر وقعها في اليمن والخليج وبعض الأقطار العربية الأخرى .

المُرشدي رحمه الله سيرة فن تتجسد مع التصاقه بالكفاح الوطني ومُحاكاته للثورة ضد الظُلم والفساد التي كان يقودها رفاق الحركة الوطنية من ماجد مُرشد إلى عبد العزيز السقاف إلى عاطف ((مُثنى غالب)) إلى نُعمان قائد حسن وغيرهم والذين أثروا الوطن على أنفسهم وفضلوا الموت صمتا دون ضجيج ودون مُتاجرة بأسمائهم في مزادات ومجالس الشيوخ الذين حكموا البلاد طوال عُمر الجمهورية .

لم يكونوا يوما ما في بلاط حاكم مُعين , ولم يروا غير فقرهم المُدقع دفاعا عن قضايا وطن والذي هو في أمس الحاجة لهم في أوقات عصيبة كهذه .

فكما خالد بن طوبال الذي بُترت إحدى يديه في معارك تحرير الجزائر لم يُفكر يوما ما بتعويض مُعين بقدر ما فكر برسم لوحة ((حنين) بيده الأخرى والتي بيعت في مزاد السوق المالي العالمي لنقل جُثمان سي الطاهر من فرنسا إلى الجزائر ليتكرر المشهد اليوم مع مُرشدي اليمن وعاطف وغيرهم الذين واروا الثرى صمتا .

أحيانا الدموع هي من تكتب , وأحيانا أخرى القدر هو من يضعنا أمام فرامه زمن لا يعي حجم الناس ومقدراتهم على التأثير على الجماهير .

يا للدهشة !!؟

في الوقت الذي نبكي فيه الرفيق عاطف إثر موته بنوبة قلبية في وايومينج الأمريكية قبل ثلاثة أشهر من الآن والذي فظل التواري بعيدا عن ما يدور في الساحة من تساقط للرؤوس ومن تأسيس إمبراطوريات جديدة بأسماء أشخاص نُفاجاء بالمُرشدي ليضع نهاية لحياته ولتضعنا الأقدار أمام فجائع لا تنتهي إلى بمُغادرة جسد كُل منا إلى غير رجعة .

المُرشدي صوت أعتدنا ترتيل أغانية في كُل مُناسبة حزبية ووطنية تعبيرا عن الشُموخ والعُلى والذي تعرفنا على صوته صغارا من رِفاق الحزب الاشتراكي ((عاطف , حمود ناجي , الخالدي , عُمر)) وغيرهم

كُل ما نستطيع أن نقوله أن هذا البلد كُل يوم يلفظ أنفاسه بمُغادرة مُبدعيه وكُتابه ومُناضليه إلى غير رجعة ليحتفظ فقط بحُقرائه وسُراقه وفاسديه كي يصنعوا ثورات تقليديه لم تتعدى هامش القلب ورياح الجُنون

نُم قرير العين يا سيد الحرف والكلمة فلم يعد هذا البلد يتسع لك ولكل من يحلم بوطن يتعدى سيرة الأشخاص إلى جوهر الانتماء , وأعرف أن هُنالك جيل سوف يبكيك ويبكي من حولك لأنكم طير عابر مر في سماء مُقفرة ولم تستطع جنازير بلد وأرتال عسكر أن تحفظ للفن وللمُبدعين الحق في التواجد الحقيقي في عُمر هذا الوطن المُستباح .

ولنجعل من نومك واستراحتك الأبدية فُرصة لنتصالح مع الدمع كي تحترق ذاكرتنا على تاريخ زمن جميل ولى دُون رجعة كُنتم فيه المُلهم للجماهير وقاده فوق العادة لفكر لاح وأخذ حيز أوسع في لحظات زمنية وجيزة .

لا يسعنا في لحظات كهذه إلا أن ننذر للدمع وللصُراخ والزفرات الطويلة كطريق وعذاب لا ينفك إلى أن يصمت في انتظار فجيعة وطنية قادمة .