الإرباك هدفه مضمون التغيير .. تعز نموذجا
عارف الدوش
الثلاثاء , 29 يناير 2013
الساعة 05:40
مساء
إذا تفحصنا وفككنا أسباب العديد من الأزمات وقضايا الاختناق في أكثر من محافظة في البلاد سنجد أن ورائها صراعات ومعارك تحريك الشارع من أجل اقتسام الغنائم والتقاسم والمحاصصة وابتلاع حركة المجتمع ووأد الحياة المدنية الجنينية التي ارتفع سقفها بفعل الثورة الشبابية الشعبية بحجة التوافق والاتفاق فترفض المعايير والكفاءة وتطبيق النظام والقانون واللوائح ويستعاض بدلاً عنها بالتوافق والاتفاقات التي تأتي في كثير من الأحيان خارج سياق النظام والقانون واللوائح المعمول بها أو المتفق عليها ففي الوقت الذي تدعي فيه القوى السياسية أنها تعيش توافق وشراكة نجدها في الواقع العملي ما تزال بعيدة عن الشراكة المستندة إلى المصلحة التي تخدم الناس بمعايير واضحة وتقيد نفسها بأوهام وشكوك وغياب المصداقية في العلاقة ومحاولة الاستفادة من المرحلة بتحقيق أكبر قدر من المكاسب من خلال السيطرة والاستحواذ وتحميل الأمور أكثر مما تحتمل وعدم تبني برامج مشتركة للنزول إلى الجماهير ورص صفوفها لمواجهة معوقات استكمال انتقال السلطة وترسيخ قيم مدنية تعلي من شأن النظام والقانون والمعايير التي من المفترض أن يسير عليها الناس.
ولعل أخطر تجليات الإرباك تبرز في تعز من خلال الكم الهائل من الخصومات السياسية والكتابات والتصريحات الصحفية النارية التي تهتم بالعمليات الكيدية والخصومة السياسية بغير وجه حق ويتم نسيان أو تغييب بتعمد قضايا الناس وهمومهم ومعاناتهم، فلا نجد القوى السياسية وممثليها في مختلف مفاصل السلطة ليس في محافظة تعز فقط وإنما على مستوى المركز فهناك غياب لمناقشة قضايا الناس الاقتصادية والاجتماعية ولا التقدم بحلول لزيادة معدلات البطالة والفقر وتدني وتدهور مستوى الخدمات في مجالات التعليم والصحة أو ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الضرورية وإنما يتم الجنوح نحو الحشد والتجيش المنفلت والعسكرة المليشاتية وخلق أشكال ما قبل الدولة في تغييب متعمد للقانون والانتقاص من القيم والحياة المدنية الجنينية التي تكونت بفعل الثورة الشبابية السلمية.
فمثلاً عندما قال محافظ تعز شوقي هائل بصراحة وقوة إن التعيينات المركزية لمدراء المكاتب التنفيذية في المحافظة يجب أن لا تتم دون التشاور مع السلطة المحلية وإن مبدأ التفاضل والكفاءة وشروط شغل الوظائف هي الأساس في التعيين وليس الولاء أو التوافق السياسي قامت قيامة بعض القوى السياسية وكأن شوقي ارتكب جريمة يجب أن يحاسب عليها وتم استدعاء مخزون الكيد والتزوير للحقائق بهدف الالتفاف على النظام والقانون وتحريك الشارع بمعلومات مغلوطة وكيل التهم الجاهزة مثل \"أن شوقي يلتقي ويتجاوب مع قوى سياسية بعينها وأنه منحاز في قراراته ولم يتجاوب إلى آخر القائمة \" بينما هذه القوى التي تطلق التهم مترفعة ولم تشارك الرجل همومه أو لم تقدم له المقترحات ولم تسانده وهي بعيدة عنه تعلن مواقف أحياناً مساندة على سبيل الكلام وهي على أرض الواقع تقوم بوضع العراقيل فمرة تقول إنه \"القوي الأمين لمحافظة تعز\" ولا تمر أيام إلا ونجدها تشن هجوماً لاذعاً لشوقي بأنه يخدم قوى الثورة المضادة وأنه تم تعينه من قبل الرئيس السابق وتنسى أنها بذلك تسيء إلى الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي وشوقي هائل عندما قال كلامه حول تعيين مدراء المكاتب التنفيذية كان يعرف ما يقول وما يريد، فهو بذلك يرسي تقاليد التمدن والدولة المدنية القادمة والفيدرالية وصلاحيات محافظي المحافظات أو حكام الأقاليم مستقبلاً ولا مجال لتدخل المركز بكل شيء.
وأخيراً فإن كل الإرباك في جميع المحافظات، لكنه واضحاً وجلي في تعز، هدفه النهائي ضرب مضمون التغيير المدني المعتمد على إرساء نماذج النظام والقانون والأشكال الجنينية للدولة المدنية التي تعتمد مبدأ المواطنة المتساوية وفقاً للنظام والقانون وما تريده بعض القوى هو تجيير التغيير والثورة لصالح مشروعها الذي يريد تكوين خليط غير واضح بين حكم المركزية والمحلية والمدنية واللا مدنية و القانون والعرف، والأهم لديها هو تواجدها في أغلب إن لم يكن في كل مراكز اتخاذ القرار الهامة وخاصة ما يتعلق منه بالخدمات لاستخدام ذلك للحشد والانتخابات.
اخترنا لكم
آخر تحديث
الاثنين,07 يوليو 2025
الساعة 12:01
صباحا
# | اسم العملة | شراء |
---|---|---|
|
دولار أمريكي | 2739.50 |
|
ريال سعودي | 720.00 |
