الجمعة ، ٠١ نوفمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٢ صباحاً

السيادة المنقوصة ودبلجة القرارات !!

عباس الضالعي
الجمعة ، ٢٥ يناير ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
أصبحت سيادة اليمن في ظل رئاسة هادي منقوصة وأصبح القرار عاري إلى حد ما عن السيادة اليمنية ، السفير الأمريكي في اليمن يتحدث وكأنه حاكم او المندوب السامي والمبعوث الاممي يشرف على كل الخطوات التي يقوم بها الرئيس هادي
سفراء الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن يتعاملون مع اليمن كمستعمرين ، سلطات اليمن تعرض عليهم مشاكلها والعوائق التي تقف امامها ، هذا كله دليل ضعف ، وإشراك الآخرين في القرار تعبير واضح عن العجز في قيادة البلد
التدخل الأجنبي تحول في الفترة الأخيرة الى ممارسة طبيعية ، وسماء اليمن أصبحت محجوزة للطائرات الأمريكية وكأنها سماء فلوريدا ، تضرب أينما شاءت وكيفما تشاء وتقتل دون خجل ، وما على السلطات اليمنية إلا إصدار المبررات وتبلغنا بأنها كانت تعلم بتلك الضربة ، وهذه هي السذاجة الجديدة
التغيير الذي خرج من اجله اليمنيين وقدموا دمائهم وأرواحهم كان من اجل التحرر من الهيمنة سواء كانت داخلية عائلية او هيمنة خارجية ، لكن ان تحاصر السيادة اليمنية والقرار اليمني في زاوية ضيقة يمثلها الرئيس هادي فهذا هو الخطأ الأكبر الذي يرتكبه الرئيس.

بدون زعل وبدون مجاملة من احد أقول بكل ثقة ان الرئيس هادي تجاوز حدود صلاحياته الدستورية وانه ينفرد بقرار التفريط بالسيادة اليمنية دون الرجوع الى الهيئات والمؤسسات الدستورية وهذه هي الفردية وممارسة الحكم بالاعتماد على القرارات الشخصية.

الرئيس هادي يخطئ ألف مرة حين يعتمد على دعم الأجنبي لدعم قراراته ومخطئ ألف مرة لتجاوزه الصريح للدستور والقانون ، بعض التصرفات التي تصدر عن الدول الراعية للمبادرة الخليجية بواسطة سفرائهم وبعض الدبلوماسيين تعد خروج عن المبادرة وان هذه الدول أصبحت جزء من العرقلة في تطبيق بنود المبادرة.

وجود الرئيس السابق سبب رئيسي لعرقلة الحلول التوافقية ، وهذه الدول وخاصة الخليجية هي من تدعم بقاء الرئيس السابق ليبقى ذريعة لعدم تجاوز المرحلة الانتقالية ، انتقائية الدول الراعية للمبادرة يضر بالسيادة اليمنية ، وبقاء الوضع رهينة للقرار الأجنبي يضر باليمن وأمنه واستقراره .
المؤيدين للرئيس هادي تتناقص أعدادهم يوميا بسبب سياسة الارتهان ودبلجته للمواقف والقرارات وأصبح دوره يقتصر على نسخ الأوامر والتوجيهات التي يتلقاها من السفراء الأجانب ولصقها على أوراق الرئاسة اليمنية وتحويلها من أوامر الى قرارات.

الارتهان مصيبة وكارثة وفي القانون يسمى خيانة وهذا ما لا نرضاه للرئيس الذي منحناه ثقتنا ومنحه الشعب شرعية الحاكم ، سياسة الرئيس هادي تؤكد التقارب والتوافق بين الحاكم السلف والخلف وكل المؤشرات تبين أوجه التقارب بين السياستين ، الفردية ، الاعتماد على القرابة ، التعيين بالاعتماد على الولاءات ، السيطرة على مؤسسات الدولة الاقتصادية والايرادية ، السيطرة على الجيش والأمن والأجهزة السيادية ، هذه صور طفح الشعب منها في عهد الرئيس السابق وعادت من جديد في عهد الرئيس الثوري هادي.

لا نريد ان يكون الرئيس هادي ممرا آمنا لعودة الماضي ومآسيه ، ولا نريد للرئيس هادي ان يكون شبها بالصفة والسلوك لما قبله ، فالرئيس السابق كان يجيد سرد الحكايات ويجيد التضليل فقط وكان يتورط عند التنفيذ ، المستشارون والمؤسسات الدستورية كانت مجندة للحاجة وعند الطلب ، واليوم لا استشارة للمستشارين ولا حاجة للمؤسسات
لن تصل البلد الى وفاق واتفاق من خلال الانفراد بالقرار ولن تصل البلد الى بلوغ التغيير في ظل سياسة الدبلجة والتفريط بالسيادة والاعتماد على دعم الأجنبي مهما كان لونه فكلهم سواء ، لو كان هناك خيرا في الأجنبي كان بإمكانهم حل المعضلة الكبيرة في اليمن المتمثلة في تدهور الأوضاع الاقتصادية وتقديم الدعم اللازم لها بدلا من الوعود الفارغة ، كل هم الأجانب هو قتل اليمنيين بطائرات دون طيار وملاحقة اليمنيين والتجسس عليهم ، وأصبحت البلاد مرتعا للمخابرات الأجنبية ، لا نريد لليمن ان يتحول الى ساحة صراع للدول القوية التي تتشابك مصالحها وتكون اليمن هي ساحة الانتقام .
القاعدة والإرهاب ليست عقيدة او مذهب وإنما هي دوافع غضب وردة فعل ناتجة عن مواقف الدول التي تتحكم بالشعوب وتمكن الظالم من الاستمرار في ظلمه وتتحول من دوافع غضب الى دوافع انتقامية ، هذه هي القاعدة وهذا هو الإرهاب
وممارسة سفراء الدول الراعية للمبادرة من خلال سيطرتهم على عقل وشخص الرئيس هادي تمثل الآن دوافع غضب قوية لآلاف الشباب وآلاف المواطنين وآلاف المثقفين وقد تتحول مع الاستمرار الى قاعدة ، سياسة الرئيس السابق كانت اكبر عامل مد بشري للقاعدة ومع سياسة ( نسخ ولصق ودبلجه ) الحالية ربما سيتحول الأمر مع مرور الوقت الى مد بشري قوي للإرهاب ولقواعد كثيرة.

الكارثة هو الاستمرار في الخطأ وتجاهل النصائح البريئة من أي دوافع شيطانية ، ولا عيب ان يؤخذ بالنصائح الايجابية ، فبقاء الرئيس السابق عامل توتر سياسي وامني واجتماعي ، والسير باليمن رهينة للقرار الأجنبي خيانة وباعث قوي للتوتر ودافع قوي للغضب.

سياسة بعض إخواننا في الخليج ملامحها الأولية تدل على ان هناك نوايا غدر باليمن ومصالحه وأمنه واستقراره ، لان الواقع مغاير لما يقولون ... والعاقبة للمتقين ... ودمتم.