الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢٦ صباحاً

تقرير إلى غريكو

جلال غانم
الخميس ، ١٧ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
ذات مرة سألني أحد الأصدقاء عن سر تعلقي بإيقاع ((تقرير إلى غريكو)) لـــ نيقوس كازنتزاكي فأجبته وحنجرتي في لحظة طُلوع ونزول للبحث عن إجابة شافية يا رفيق إنها مُذكرة حرب , وثيقة سلام عاشتها اليونان في أحلك الظُروف .

وهذا هو سر الأعمال العظيمة في حياة الإنسان عندما تُلامس الجانب الحساس في حياته كي تمنحه قراءة أفضل ومُناورات أقوى ومن هُنا بدأت قصتي مع تقرير إلى غريكو .

إن الذاكرة التي تتنفس مع العدم لا يُمكنها إلا أن تسرد حالة عظيمة , إن الدمعة التي تقطر حُرقة في لحظة مُواجهة بمعركة غير مُتكافئة لا يُمكنها إلا أن تتصالح مع الخطيئة ذاتها .
أحيانا أشعر أني بحاجة إلى إيمان فكري كإيمان كازنتزاكي وأرفض بشدة الإيمان الديني الذي ينتهي بكتاب مقروش وراهب يحمل على صدره أكثر من سلسلة كي يمنحنا حياة وإيمان مُفصل على مقاس تخلفه المسبوق بشهوة دنيوية قبيحة .

كومة جينات نبيلة نحملها دُون سابق إنذار للحُب , للقدر , للقس اللعين .

كم أشعر بالفخر بسيرة ذاتية كـــ تقرير إلى غريكو إنها حالة صمود وصعود في آن واحد كارتقاء بين رُباعي مُخيف ((المسيح , بوذا , لينين , أوليس)) كتجربة لكُل منهم نبوءاتهم الطويلة ومدى تأثير ذلك في حياة نيكوس كازنتزاكي في التدين بطقوس أكثر قُدرة على التمرُد خارج سطوة الكنسية وأفعالها المُشينة .

أن تكون راهبا خير لك من أن تكون بائع للموتى كشعار لم يؤمن به كازنتزاكي في يوما ما لان وجه الموت الحقيقي هو من صنعته الرُهبان في عصر بائد اجتاحته الحُروب والظُلم والجهل فلا يوجد راهب يمُكن أن يمنحك حياتك بشكلها النقي أكثر من ما يُلوثك ويتمتم عليك قذارته الدنيئة .

إن حقيقة الإيمان هو ما نحمله في ذاتنا من قيم ومبادئ خارج سُلطة وطُقوس الأفراد , خارج مُربعات الموت الاصطناعي , خارج سُلطة القدر التي نُعلقها على سلسلة راهب يتحكم في مُجريات حياتنا , مصدر الهواء الذي نتنفسه .

أن نختبئ في جيوب الذاكرة في لحظة غفوة , أفضل من تلاوة راهب على قبرنا هذا ما كان يتمتم به كازنتزاكي في أكثر من جزيرة يونانية .

بالرغم من أنه لم يجد جوابا شافيا عن سر تعلق الإنسان بالدين والرُهبان الذي ملئوا الحياة
شكرا لممدوح عدوان الذي منحني ذات يوم شرف قراءة تقرير إلى غريكو وأنا لازلت شاب يافع في إحدى قُرى مُحافظة إب والروعة دائما مع نيقوس كازنتزاكي الكاتب الذي يأخذك إلى نهايات الأشياء لتكتشف أنها البدايات والتي أغنت البشرية عن مئات الحُروب التي عاشتها , مئات الاحتفالات التي صنعتها أيادي حُكام ديكتاتوريين ورُهبان ساقطون .

وكثيرا ما أتوقف عند أعمال هذا الكاتب الرائع كــــ ( المنشق - المسيح يُصلب من جديد - تقرير إلى غريكو - زوربا)