الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٣ مساءً

الأستاذ سمير ،،، ورحلة السندباد ( 9 )

عباس القاضي
الاربعاء ، ١٦ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
أسرب مع الطلاب وكيسه على ظهره ، وحقيبته بيده ،، كانوا يلتفتون إليه لعله يبادر بالتعريف بنفسه ، يخافون من المجهول ،، فالبيئة علمتهم الحذر, أراد أن يكسر الصمت ، بسؤالهم ، ما اسم هذه المدرسة ؟ قال له أحدهم : عمار بن ياسر ،، بادره آخر : هل أنت مدرس مرسل إلى مدرستنا ؟ وأردف آخر : يا ليت تكون مدرس رياضيات ،، لا يوجد لدينا مدرس منذ ثلاث سنوات ،، وقال آخر : هل صحيح ، يا أستاذ ،، أن الرياضيات صعب ؟، رد عليه زميل له :اسكت ، يا سالم ، حتى ولو كان صعب ،، نحن لسنا حمير ،،، وضحكوا جميعا .

رد سمير : يا ليتني كنت مرسلا إليكم ، كنت سأدرسكم رياضيات رغم أنني كيمياء ، على الأقل سأكون قريبا من الشجرة ،، لكن أنجبهم تساءل : ما هي الشجرة ؟ ،، أي شجرة تقصد ؟ انتبه سمير لهذا المأزق ، والورطة التي وقع فيها ،، حاول أن يخرج من الموضوع بسؤالهم ، متى تخرجون من بيوتكم ؟ قالوا : بعد صلاة الفجر ، المهم ساعتين تفصل قريتنا بالمدرسة ،،، لكنني ، الحمد لله ، أدرس يوم وأرتاح يوم قالها مسعود وهو يعرض واقعه ،،، لما ذا يا مسعود ،، سأله الأستاذ سمير ،،، قال : بيننا ثأر قديم مع أسرة أبناؤها يدرسون بنفس المدرسة ، وحتى لا يحدث صدام بيننا قرر الشيخ و مدير المدرسة ، أن ندرس يوم وهو يدرسون يوم ، لما ذا أنت فقط ؟ قال : المشكلة مع جدي وجدهم .
بدوا يطلون على المدرسة ، المدرسة تبدوا أنها للمرحلة الأساسية فقط ، ومن مظهرها تبدوا أنها قديمة شبابيكها محطمة وأبوابها مفقودة .

وصلوا إلى المدرسة وبسرعة البرق انفض الطلاب من حوله ،،، يلتفت سمير يمينا و يسارا لا أحد سوى أصوات طلاب تردد بعد المدرسين ،، تحرك بالساحة ، لمحه أحد المدرسين ،، وأقبل عليه مرحبا ،، هل أنت مفتش من التربية ،،، سأله المدرس ؟ رد عليه سمير : لا ، أنا مدرس مرسل إلى منطقة كذا ، وانقطعت بي السبيل إلى هناك ،،، يبدو من لهجتك أنك من تعز ؟ رد عليه سمير : نعم ، فانكب عليه وهو ينتحب بكاء ، ويقول بصوت متحشرج : هل مازالت تستند بظهرها إلى جبل صبر ، وتمد قدميها في عصيفره ، وذراع في الحوبان ، والآخر في بئر باشا ؟ رد عليه سمير وهو يبكي : نعم ، نعم ، وهل ما زال أبناؤها يحلمون ؟،، قال له سمير : نعم ،،، قال له : بصوت يدل على أنه في حالة نفسية صعبة : عشر سنوات ، مرت عليَّ وأنا أحلم بالعودة إليها .