السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:١١ صباحاً

الحياة أيضا ليست مُحصنة ضد العدمية

جلال غانم
الأحد ، ١٣ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
سُرعة دوران الأحداث من حولنا وعدم استيعابنا لها توحي لنا أحيانا بعدمية هذا العالم وقُصر حضارته في انتظار انهياره الكُلي كما هو حاصل في نبوئه وحضارة المايا الأمريكية .

فالانتقال من طور تناقضات الحياة ومُسايرتها وفق ما نشتهي إلى أطوار أخرى أكثر غورا في ماهيات البعث والحساب والعدمية وحالة التفتيت وتصاعد النفس وارتقائها لن نرى في كُل ذلك إلا حالة تجرد واختبار حقيقي لقيمنا ومبادئنا ومدى قُدرتها على الصمود خارج الحسابات الإنسانية الضيقة .

فهُنالك أوجه كثيرة نعيشها كتنكر في استغلال حياتنا استغلالا عدميا ولا ندرك معنى مرئيا لهذا الاستغلال لهذا نحدث فواصل غير مُدركة في شتى أوجه هذه الحياة ونُنفذها من خلال الموت والعُنف والمنهج الذي نحمله والبشاعة التي نصنعها لنرى في نهاية كُل تدمير نهاية شكلية لأوجه هذا الوجود .

ففي الفلسفة الألمانية تعني العدمية عند شتيرنر ونيتشه نزعة ورؤية في الوجود وتعني أن أعلى القيم تُقفد كل قيمة قصوى .

إن عدمية شتيرنر سلبية وهدامة فأسس في طور ذلك فلسلفته في التمرد

أما نيتشه فهي بين السلب والإيجاب وتعني قيمة إضافية في الحياة

فهُنالك أشياء كثيرة في حياتنا غير قابلة للتسميات وغير قابلة للتخمينات وأكثر من هذا أن نعيشها كمواجهة مُباشرة تفتقد لأبسط مُقومات التفكير العادي كي لا نقع في دوامات أخرى أكثر إثارة .

أن ندرك أن مفاهيم الخطاء والصواب هي أيضا كمفاهيم الحياة قابلة للعدمية والفناء يعني أن هُنالك رصيد ومقوم إيجابي نعيشه دون شُروط ودن تعتيمات السقوط والفشل والهزيمة .

انحرافات كثيرة نمر فيها ولا ندرك أن كُل شيء قابل للتحليل والتفسير وهُنالك احتمالات كثيرة في كُل إيقاع نعيشه وهذا يعتبر من مبدءا أو مبادئ الاحتراز في الوقوع بهذا الخطاء وهذا الانحراف .

إن سياسات التمييز والقراءات الصحيحة هي من تجعلنا نسلك مسالك أكثر قُدرة على التوازن كي نشعر بكُل تناقضات الأشياء من حولنا ونعيدها إلى مُنطلقها الحقيقي في هذه الحياة .

نحن لسنا مُحصنون ضد القُبح , ولسنا مُحصنون ضد السياسات الانتهازية , ضد الظلم وضد الهواء والفراغ كمجتمع لنا وضع يتغير وفق تغير منظومة سياسية يقودها حاكم فعلي وشعب يجتر ورائه الآمال .

ولسنا من يرفض كُل أشكال وإيجابيات الحاكم مثلما نحن لا نرفض الحب والنضال والثورات والأحلام البيضاء

فكل حُلم يقابله حالة رخوة وتضاد وكُل حالة انتصار نصنعها يجب أن نعيشها ونؤمن بنقاوتها مثل إيماننا بقصور شكلية الحياة وبتناقضات الإنسان ورغبته القصوى في إثبات إيجابياته ووضع بصماته القوية في كُل مشروع إنساني عظيم .

فلا يوجد مشاريع للتراجع أمام كُل عدمية ولا يوجد عدميات أخرى للحياة أكثر من عدمية الفناء والموت لهذا كُل أمل نصنعه ننتصر ونصنع آمال جديدة قادرة على إحداث نقلة نوعية على وجه هذه الأرض خدمة منا في مشروع الإنسان وحاجته للبقاء كحاجيات البعث والحساب والفناء .