الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٢٣ صباحاً

فكفة دواليب النظام.. مهمتان عاجلتان

عارف الدوش
الخميس ، ١٠ يناير ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
• عندما قيل في بداية الثورة الشبابية الشعبية أن ثورة اليمن غير ثورة تونس ومصر وليبيا كان في القول الكثير من الصدق فمن قائل أن الثورة في اليمن لن تحدث التغيير بشكل جذري وسريع كما حدث في تونس ومصر وليبيا لظروف موضوعية وذاتية إلى قائل بأن الثورة في اليمن قد تعيد إنتاج النظام السابق بشخوص أخرى مع بعض التحسينات فصدق أصحاب مثل هذا التحليل في جزء مما قالوه فمنطق الشعوب لا يتشابه مطلقاً فلا تونس ولا مصر ولا ليبيا تشبه اليمن من جميع النواحي لهذا يصبح القول بأن لكل ربيع عربي طابعه الخاص وطريقته قولاً صحيحاً بل واستنتاجاً سياسياً صائباً.

• لقد كانت الثورة الشبابية اليمنية تتجه نحو النموذج الليبي في طريقة حسمها لتغيير النظام السابق أو النموذج السوري وهما نموذجان أختارت الثورتان فيهما أو فرض عليهما لا فرق الدخول في حرب طاحنة بين النظام وقوى الثورة أما في اليمن فقد أدى انضمام وحدات من الجيش وجزء من القبائل المسلحة للثورة الشبابية الى انقسام الجيش والقبائل مما جعل اليمن مرشحة أن تصبح صومالاً أخرى في المنطقة أو تتدخل قوات الناتو لقصف جبال صنعاء ومعسكراتها ومخازن أسلحتها لتصبح ليبيا أخرى أو يظل اليمنيون يتحاربون بمختلف أنواع الأسلحة ويدمرون بلدهم كما يفعل السوريون لإن عملية الحسم العسكري لن تنتهي لصالح طرف من الأطراف بل ستتواجد أطراف أخرى في البلاد وما أسهل ان يدخل السلاح الى اليمن وهو يتدفق إليها والسبب طول شواطئها وسيطرتها على بحرين " الأحمر والعربي " وغياب الدولة فيها ولهذا كان هناك إهتمام اقليمي أولاً ثم دولي ثانياً ولم تترك اليمن للمصير الليبي أو السوري أو للصوملة ليس حباً في سواد عيون اليمنيين بل لقرب اليمن من أكبر مخزون طاقة في العالم" السعودية ودول الخليج" ولتنوعها المذهبي " السني والشيعي " بتفرعاتهما الواقعة بين الغلو والإعتدال الأمر الذي سيكثر من اللاعبين فيها وسينقل صراع الأقطاب على المستوى الإقليمي " السعودية وإيران " من صراع بارد الى صراع ساخن إي حرب ضروس كما حصل في بداية مرحلة الستينات حتى أواخرها بين " السعودية ومصر " هذا هو السبب الرئيس الذي جعل الإهتمام الخليجي والغربي يتزايد بشكل جعل العديد من المراقبين يتحدثون عن وضع اليمن تحت الوصاية.

• وهناك من يقول ان لهذا الإهتمام الخليجي والغربي أثر محمود في تقريب وجهات نظر المتصارعين في اليمن وإجبارهم على التوافق بقوة التهديد والوعيد فكانت المبادرة الخليجية التي تحولت الى أممية لكن ما يقوله أخرون ان المبادرة الخليجية تحايلت على الثورة وسرقتها بتحويلها الى تسوية فظلت الثورة بين منطقي التسوية واستمرار الثورة بشكل تدريجي يتم من خلالها " تفكيك " دواليب النظام السابق التي بناها خلال 33عاماً وحماها بترسانة عسكرية وأمنية في كل مفاصل السلطة وجعل القبيلة هي الدولة ثم ضيق الدائرة لتصبح الدولة بيد المنطقة والعائلة فكانت كل أجهزة الدولة والسلطة صورية تديريها مكاتب أوشخصيات تجمع حولها المنتفعين ومن هنا ارتفعت الأصوات منذ اندلاع الثورة الشبابية منادية باستعادة الدولة المختطفة بيد القبيلة والأسرة.

• ومن هنا فإن التوافق والمتوافقين أمام تحديات صعبة في زمن انتقالي قصير لا يتجاوز العامين وغير مقبول في أي بلد يتوخى استعادة الدولة المنهوبة إن تظل وزارتا الدفاع والداخلية تحت رحمة القبيلة والمنطقة والعائلة بكلمات واضحة لا لبس فيها أمام الرئيس هادي مهمتان جوهريتان الأولى تتعلق بتوحيد الجيش بإلغاء الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع بوصفهما التعبير الأقصى عن التركيبة غير السوية للجيش قبل الدخول في أي حوار وطني باعتبار ذلك من أهم متطلبات التهيئة للحوار وقد تم ذلك بإعلان قرارات الهيكلة( قوات جوية وبرية وبحرية وحرس حدود" وبقى التنفيذ العملي بإخراج المعسكرات من المدن وأولها العاصمة صنعاء واستكمال تعيين قادة المناطق العسكرية بحسب هيكل وزارة الدفاع الجديد وإقناع القائدين الخصمين اللدودين "علي محسن صالح واحمد علي عبد الله صالح" بترك المؤسسة العسكرية بالإستقالة منها وشغل وظائف أخرى دبلوماسية أو مدنية أو بتأسيس حزبين سياسيين جديدين أو بالإنضمام لحزبين من القائمين بصفتهما المدنية أما المهمة الثانية هي التفرغ للتهيئة للحوار الوطني الذي يفترض فيه أنه سيناقش شكل الدولة والنظام القادم ولا مفر من البدء بتحويل النقاط الـ20 حول القضية الجنوبية إلى برنامج عملي وإجراءات وقرارات تعييد للحمة الوطنية عافيتها تدريجياً وخاصة ما يتعلق بالإعتذار الرسمي عن حرب صيف عام 94م وإعادة المسرّحين قسراً العسكريين والمدنيين والأراضي والممتلكات العامة والخاصة وقضايا الإسكان والتهميش والإقصاء وأعادة الإعتبار للشراكة الوطنية الحقيقة التي قضت عليها ودمرتها حرب صيف 94م وكل ذلك قبل الدخول في الحوار