الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٥٦ مساءً

الأمن الأسري 2-1

توفيق الكهالي
الجمعة ، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
وبعد أن عرفنا جهود الإسلام في محافظته على الأسرة المسلمة وعنايته بها ، دعونا نتعرف على ما يضمن تحقيق كل تلك الأسباب ، ويجعلها مشاهدة على أرض الواقع ، وهو إيجاد الأمن الأسري والذي هو مسؤولية كل فرد من أفراد الأسرة المسلمة وبه بإذن الله تعالى تضمن جميعاً من أن الأمة إلى خير ، وأن الفوز حليفنا ، وأننا استطعنا أن نحقق الكثير من أهدافنا المنشودة .

ولكي نوجد هذا الأمن وبعد إشارتنا بأنه مسؤولية الجميع ، وأن الجميع مطالب بتحقيق ، فإليكم هذه الطرق التي تساعد على تحقيق الأمن الأسري داخل الأسرة ، وتعين على إيجاده بين أفرادها ، وتأمل كيف نصبو إلى ما نريد ونرجوه بعد تحقيقها بإذن الله تعالى فيما يلي:

أولاً :- بناء العقيدة الإسلامية الصحيحة في قلوب أفراد الأسرة .

ويكون ذلك بتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام عندهم ، وأنه دين شامل كامل ليس فيه نقص أو خلل ، وإيجاد الخوف والخشية من الله تعالى والرجاء والاستعانة والاستغاثة به وحده دون غيره في أفئدتهم وتحقيق معنى التوكل عليه ، والرجوع له ، وموالاته جل وعلا وموالاة أنبياءه ورسله وعباده الصالحون ، والبراءة من الكفر والشرك والنفاق ، وتعريفهم بالبيع والمحذورات العقدية وتحذيرهم منها خشية أن يقعوا فيها بغير علم فإن ذلك يساعد على أن يكونوا أمناء على عقيدتهم وحراس على وفضائلهم وبه ينتشر الأمن بينهم وبين مجتمعهم ، وللأسف الشديد نجد أن كثيراً من الآباء والأمهات لا يرعون لهذا الجانب أي اهتمام ، بل أكاد أجزم بأن الكثير لم يفكر فيه أصلاً ، وتجد أيضاً من الشباب الذين يعيشون داخل محيط الأسرة المسلمة لا يدركون أهمية بناء العقيدة في قلوبهم وقلوب آبائهم وأمهاتهم وأشقاءهم وشقيقاتهم ، فلا يحرصون على تعليم أنفسهم ، ولا يريدون أن ينفعوا أسرهم ، فانتشر بين أفراد الأسرة الواحدة الخوف وعدم الثقة والجمل المطبق المخيف .


ثانياً :- حث أفراد الأسرة المسلمة على فعل ما أمر به الله تعالى ونبيه الكريم ، وترك ما نهيا عنه :-
ومن ذلك الاهتمام بأمر الصلاة والصوم ، وتدريبهم على أداءها ، وتنشئتهم على المحافظة عليها ، وقراءة القرآن الكريم وتدبر آياته وذلك بجعل ورد يومياً لجميع أفراد الأسرة آباء وأبناء والمداومة على الأذكار والدعاء وإشعارهم بأهميتها وأنها تقيهم من الشياطين والجن والدواب إضافة إلى العبادات والطاعات الأخرى والتي تكفل جميعها بإذن الله تعالى إن تعيش الأسرة المسلمة في أمان من الشيطان وأعوانه وهنا أسال نفسي وإياكم هل أهتمينا بهذا الجانب حق الاهتمام ؟هل أبناءنا وبناتنا أو آباءنا وأمهاتنا أو من يعيش معنا داخل محيط أسرنا طائعين لله ورسوله أن هم عاصين لله ورسوله هل نحن مثلاُ مؤاجرين على ما نقوم به من جهود لحماية أسرنا من الانحطاط والذلة ، أم مذنبين لأننا أوقعنا بأنفسنا وأسرنا في أسى الحطة والذلة والمعصية .


ثالثاً :- ومن طرق تحقيق الأمن في الأسرة المسلمة صلاح الآباء والأمهات :-
وصلاحهم صلاح لأسرهم ، وعزة لأبنائهم ، وفيه خير كثير لمجتمعاتهم كيف لا وهم القدوات التي تسعى أجيالهم للأخذ منهم ، والتأسي بأفعالهم والاهتداء بآرائهم ، والولد أو البنت في صغرهم أكثر ما يؤثر عليهم في أيامهم الأولى هم الآباء والأمهات ، فتجدهم يقلدون حركاتهم ، ويتعلمون منهم تصرفاتهم ويريدون أن يكونوا مثلهم في معاملاتهم وبناء شخصياتهم ، فاحرص أيها الأب أن تكون مثلاُ يحتذى به في أسرتك ، واحرصي أيتها الأم بأن تكوني ف مصدر خير لأفراد أسرتك وتأملا لنتأمل جميعاً قوله تعالى : - { وأَمَّا الْجِدارُ فَكَانَ لِغُلامينِ يَتِيميْنِ فِى الْمَدِينَةَ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزلَّهُما وَكَأنَ أَبُوهُما صالحاً فأراد ربك أن يبلغ أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ... الآية } الكهف 82

فبصلاح الأب هنا سخر الله تعالى موسى وصاحبه بأن يقيما الجدار لكي يكون أمان لكنز الغلامين حتى يستخرجاه بأنفسهما .
فكيف أنت أيها الأب مع صلاح قلبك ، وأنت أيتها الأم ، هل أدركتما أهمية ذلك الصلاح على أبناءكم .
إن عيشكم في الغي والفساد هو إعلان بفساد من تعولون ، وسبباً في غيهم وضلالهم وهو انطلاقه منهم لحياة يسودها الخوف وعدم الاستقرار


رابعاً :- المحافظة على الأخلاق والقيم الإسلامية النبيلة :-
ويكون ذلك بالمحافظة عليها داخل الأسرة وبين أفرادها ، وأشاعتها بينهم سواءاً بفعل القدوة لهذه الأخلاق والقيم بينهم ، أو بتعليمها لهم بين الفترة والأخرى ، ومن تلك الأخلاق الحسنة و اللحمة والأخوة على خير ، التعلم الإيثار والتضحية والصبر ، و التدرب على إكرام الضيف ، وإعانة الجار، وإغاثة الملهوف ، وإعانة المضطر ، والوقوف بجانب المظلوم و نصرته ، ورد كيد الظالم ودحره ، تعويد أفراد الأسرة حب الآخرين والعمل لأجلهم ، وتوضيح أهمية الابتسامة والسلام والصلة ، وهذا كله مما يجعل الأسرة تعيش في أمان داخلي بين أفرادها ويطرح بينهم الثقة ، إضافة إلى أنه يجعلها تعيش في أمان أخر مع منهم خارج محيط الأسرة ، فكم حر الشر خلق طيّب


خامساً :- تنوير أفراد الأسرة بأهميتها في سيرة الإسلام .
وذلك بإيضاح دور الأب ودور الأم ودور الأبناء ، كلُ في مهمته وعمله ، وأن تلك الأدوار كفيلة بإذن الله على تحقيق الأمن الأسري والذي يضمن أيضاً سيرة الأسرة الصالحة على خطى ثابتة مآلها عزة الإسلام والمسلمين ، فهل بيّنا نحن الآباء تلك الأدوار لأبنائنا وأهميتها وأنها نم أسباب نصرة هذا الدين العظيم أم لا ؟


سادساً :- أن يعرف الآباء الحقوق التي عليهم للأبناء .
والتي أتي بها الشرع الحكيم وأوصى بمراعاتها ومن تلك الحقوق التي للأبناء على آباءهم رعايتهم رعاية شاملة كاملة ، واختيار أحسن الأسماء لهم ، والنفقة عليهم ، ومتابعتهم عن قرب ، وتحصينهم من الشرور المفاسد .


سابعاً :- أن يعرف الأبناء الحقوق التي عليهم لأباهم .
ومن ذلك طاعتهم برهم ووجوب صلتهم ، ومراعاة مشاعرهم وعدم إيذاءهما بالفعل أو القول وذلك أن الوالدين هما سبب وجود الابن في هذه الحياة فكيف يقابلان بالتجهم والعنت والسخرية من الأبناء .


ثامناً :- أن يعرف كلاً من الزوجين حق كل واحد منهما على الآخر.
فالزوج عليه مراعاة زوجته الحفاظ عليها ، ووجوب نصحها وإرشادها ، وسترها ، وأن نجد نصيباً من الرحمة والود والألفة ، وأن لا يعنف عليها إلا إذا كان ذلك مطلباً مهما ً ، وأن لا يكون الضرب علاجاً لكل مشكلة .
وعلى الزوجة في المقابل أن تحفظ فراشه ، وتستر عيوبه ، وأن لا تأخذ من ماله إلا ما يكفيها وولدها بالمعروف ، وأن تعي بأن القوامة له وليس لها ، وأن لا تخرج من بيته إلا بإذنه .

وهناك حقوق مشتركة كحفظ السر ، وإشباع الرغبات الجنسية ، وتربية الأولاد كل تلك الحقوق ، ومتى ما وجدت اهتماماً وعناية فإنها تكون سبباً آخر في تحقيق الأمن الأسري والذي يبحث عنه جميع أفراد الأسرة المسلمة ، ومن المعلوم أن التفريط فيها وجعلها خارج دائرة المتابعة يهز من شأن الأسرة ، ويسود فيها التخبط والعشوائية ، قد يكون في آخرها أمور لا يرغبها الجميع كالطلاق مثلاً وغيره .


تاسعاً :- تلبية حاجات أفراد الأسرة المسلمة :-
وهذا من أهم الطرق في تحقيق الأمن الأسري ، فإن عدم توفر متطلبات العيش الهنيء ، والحياة الأسرية الكريه يجعل كل فرد من أفراد هذه الأسرة يبحث عنها عن الغير ، فالذي يحتاج إلى الرصيد العاطفي كالحب والرحمة فإنه يبحث عنها عن الآخرين وهذه مشكلة كبيرة جداً لأنها بداية انحراف أخلاقي حتمي وكثير من الآباء والأمهات لا يعون هذه المسألة جيداً ، والذين يبحثون عن المال ولا يجدونه عند آباءهم وأمهاتهم لعدم توفيرهم له يجعل الابن أو البنت يبحثان عنه بطرق إجرامية أخرى كالسرقة مثلاً : وهناك من يبحث عن الثقة وتحقيق الذات والمسؤولية فلا يجد من يوفرها له من أفراد أسرته فيذهب لتحقيقها بأساليب مضره له ولأسرته وللمجتمع كاملاً .


عاشراً :- إعداد الأبناء لكي يكونوا لبنات خير في مجتمعاتهم .

ويكون ذلك بتعليمهم حمل مسؤولية هذا الدين وأن يكون لكل واحد منهم رسالة إيمانية مشرقة ، وأن يسعى جاهداً لحماية الإسلام من موقعه ، وعلى الأب والأم أن يكتشفوا المواهب في أبناءهم وأن يحاولوا أن يعملوا على تسخيرها للأمة عن طريق هذا الابن أو هذه البنت ، وأن يصنعوا منهم عناصر مؤثرة ، وهمم صادقة ، وقادة ناجحين، وعلماء بارزين وبهذا تستطيع الأسرة أن تكون فعلاً قد ساعدت في صناعة مجد أمة وهذا ما نطالب به قل أسرة في ظل هذه الأوضاع التي تعيشها أمتنا الإسلامية .


الحادي عشر :- تطهير البيت من الملاهي والمفاسد والمعاصي .
فقد أصبحت أكثر بيوت المسلمين مأوى للفساد ، ومرتع للملاهي ، ومقر لاقتراف الذنوب والآثام مما جعلها وسائلها فرائس سهلة للشيطان وأعوانه ، فمن قنوات فضائية هابطة وسخيفة ، إلى مجلات خليعة إلى تقليد أعمى للكفرين في اللبس والشكل والحركة الأمر الذي جعل البيت المسلم غير آمن بل قد تحل عقوبة من الله عليه وعلى أفراده بسبب تلك الذنوب والمعاصي ، والواجب أن يحرص الأب المسلم والأم المسلمة على تطهير بيتها من ذلك كله وجعله بيتاً محفوفاً بالأمن ، تسكنه الطمأنينة والحب ، وتأوي إليه السكينة والاستقرار .

وبعد ذكر هذه الطرق فإني استطيع القول بأن المسلم متى ما حرص على إقامتها والعمل على إيجادها في منزلة وبين أفراد أسرته فإن ذلك يضمن بإذن الله تعالى الأمن النفسي ولأولاده ولزوجته ولم حوله أيضاً .

بقي أن أقول أن أعداء الإسلام يعملون كل ما بوسعهم لهدم كيان الأسرة المسلمة وتشتيت أفرادها ، وإقصاء القوامة فيها لأنهم أدركوا فعلاً ما يشكله هذا الكيان بالنسبة للأمة متى ما ضُمين له الأمن ، وهُيأ له الاستقرار والسكينة . فهاهم في كل يوم يخرجون لنا بنداءات ، ويعلنون بيننا باقتراحات تدل على ذلك فمن ضرورة إخراج المرأة من بيتها ،إلى التعليم المختلط ، إلى رفع الحجاب إلى ضرورة إيجاد قانون لحرية الجنس والاستماع ، ونشر الشذوذ ، وغيرها من الدعاوي المغرضة الهّدامة للأسرة وللأسف الشديد أن كل ذالك معلوم عند أغلب أبناء الملة ولكنهم على أقسام ثلاثة في مواجهة هذا العدوان .

القسم الأول :- يدرك خطورته ويعلم بتحركه ويرفض رفضاً شديداً ولكنه لا يحرك ساكناً لا في منزله ولا في مجتمعه لجهله أو ضعف شخصيته أو خشيته من المواجهة .

القسم الثاني :ـ يدرك خطورته ويعلم بتحركه ولكنه لا يقرضه بل يقول إن ذلك من استحدثه العلم , وهو نوع من التطور ويكفي أنه يأتينا من الغرب

القسم الثالث :ـ يدرك خطورته ويعلم بتركه ويعمل ليل نهار لتبين هذا الخطر وتبيين حركته للناس وهو يواجههم بكل ما أوتي من قوه ‘ وأصحاب هذا القسم قليل جداً إذا قسناه بأمة المليار وثلاثمائة مليون مسلم.

وهنا أذكر أهم النتائج الحاصلة للمسلم بعد تحقيقه بهذا الأمن الأسري :-

1- أن تحقيق كل واحد منا لأمن أسرته ومحافظته عليه يؤدي إلى مجتمع مسلم مترابط من جميع الجهات .

2.صلاح الأبناء وهدايتهم واتخاذهم السبيل الحق الذي يقمن بإذن الله حمايتهم من الشهوات والشبهات .

3.تفعيل أوامر الإسلام ونواهيه في البيت المسلم ، وهذا ما نبحث عنه في ظل أعراف كثير من بيوت المسلمين .

4.قرب الأبناء من أباهم ، وفتح صدورهم لهم ، ونقاشهم ،وبث همومهم ومآسيهم ومشاعرهم لهم هذا من جانب الأبناء ، ومن حق الآباء فيكونون على علم تام بما يصير لأبناهم ويعتري طريقهم ، ومن ثم يوجهون نصائحهم وتجاربهم التي تعين الأبناء على حياتهم وشؤونهم الخاصة والعامة .