الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣٢ صباحاً

الأستاذ سمير ،،، ورحلة السندباد ( 3 )

عباس القاضي
الثلاثاء ، ٢٥ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
خارت قواه ، وهو يرى الشفق قد أُستُبدِل بالشمس ، عاد إلى الشجرة وهو يقول : إنها ثمرة دعاء أمي ، قضاء الله وقدره أن أبيت في هذا المكان الموحش ، لكن دعاءها رزقني بهذه الشجرة ذات الشعبتين ، آوي إليها فتعصمني من وحوش الليل ، وبدأ يدرب نفسه على تسلقها ،، وهو يحدث نفسه ،، يا هل ترى ؟ هل سيصبح علي الصباح ؟ حتى أتذكر هذه الليلة ، أم ماذا ؟ لا داعي لمثل هذه الهواجس , والعرق يتصبب منه وهو يصعد وينزل ، وأردف : دعاء أمي لا يخيب ، سمعتها وهي تقول بصوت باكٍ : ترجع لي بالسلامة يا سمير ، وشاهدت طفلي ذا السنتين ينظر إلي بنظرة أمل في لقاء .

أصبح الليل غسقا ، تلفت يمينا و يسارا ، لعله يرى بقية حياة لقرى تجاور المكان لكن لا فائدة ، فقد تذكر شكوى الركاب الذين كانوا معه قبل ساعات, أن الكهرباء لم تصل بعد إلى هذه المناطق .

بدأت خبايا الأرض ، تخرج من جحورها ، بصرير وصفير أصوات تعطي للمكان وحشة إلى وحشته ، لف رجليه بالشال ، الذي كان معه ليحمي قدميه من قرص أو لسع ،، ثم قال : أأأأه ، نسيت أن آخذ معي ثوما ،، يقولون : إنه إسعاف أولي للسع الثعابين .

زفر بنفس عميق ، وهو يستند إلى جذع الشجرة ، يفكر بعمق عن المفارقات بين الليلة والبارحة ، كنت في صنعاء ، استند إلى أريكة ، واضعا رِجْلا على رِجْل ، أقلب القنوات الفضائية ، والطعام والماء ينتظرني ،، واليوم في هذا المكان ! .

بدأت النجوم تتجلى بهاءا ، وتتدلى قربا ، نجوم هذه المنطقة أبهى من قمر المدينة ، يحدث نفسه بصوت مسموع ، واثقا بأنه لا يسمعه أحد .

تيمم للصلاة ، وقام ليصلي ، قائلا : سأجعل موضع الغروب على يساري حتى أتجه نحو القبلة شمالا مع الميل قليلا نحو الغرب ،، هذه قبلتنا كنت في البيت أو بجوار شجرة ، صلى بخشوع الخائف الوجل ودعا في قنوته بقلب المضطر : يا الله ابتعدت عن الخلق لأقترب منك ، لا أحد لي سواك ، اجعل لي من أمري يسرى ، أغمر قلبي بالطمأنينة ، هَدِّي سِرِّي ، ارزقني حلاوة مناجاتك في هذه الليلة الموحشة إلا بالأنس بك ، ثم سجد .