الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٨ صباحاً

الضالع بين حكمي صالح وهادي وحملة المباخر

محمد الحميدي
الأحد ، ١٦ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٣٠ مساءً
منذ إن اجتاحت قوات الاحتلال اليمني الجنوب في بداية مايو1994م وفرضت سيطرتها كلياً على أرضه في 7يوليو1994م دخلت الضالع مرحله جديدة من تاريخها السياسي والنضالي عندما رفضت هذا الواقع الذي أفرزته تلك الحرب وتبنت خيار الكفاح المسلح لتحرير الجنوب بتأسيس حركة تقرير المصير(حتم) في الضالع فشكلت رأس ألحربه في الصراع الجديد بين الشمال والجنوب.

ولكن ما إن بداءت الحركة انطلاقتها حتى سرعاًن ما تلاشت بسبب غياب القبول الشعبي لخيارها في بقية المحافظات الجنوبية بالاضافه إلى شدة بطش السلطة التي طالت المدنيين ومناطق سكنهم دون تمييز؟

ومنذ ذالك اليوم حولت السلطة مدينة الضالع والمناطق المحيطة بها إلى ثكنة عسكريه تربض على ساكنيها وكل قراها ومدنها بآلاف الأطنان من الاسلحه والعتاد والآليات وعشرات الإلف من جند وحدات القتال المدربة فأصبح فوق كل بيت رشاش وفوق كل تل ومرتفع مدفع ودبابة شكلت في مجملها قوه رعب حقيقية تستطيع من خلالها تلك القوى تغطية الضالع بشبكه ناريه تصل إلى كل زاوية وكل بيت في المدينة ومحيطها0
هذا الحال استمر في الضالع حتى بعد إعلان أبنائها ترك خيار الكفاح المسلح وتبني خيار النضال السلمي كوسيلة لتحقيق أهدافهم في الدفاع عن حقوقهم في نهاية التسعينات ثم لنيل حريتهم واستعادة دولتهم في اوخر عام 2007م.

ولم يدفع ذالك التغيير النظام لتغيير خياراته بعد إن أسقطت حججه ومبرراته في استخدام العنف ضد المدنيين بل زاد من وتيرة إجراءاته الامنيه ونفذ حملات اعتقالات وملاحقات واسعة ضد النشطاء وقصف بشده الإحياء الاهله بالسكان في مختلف القرى والمدن خلال السنوات الماضية كانت حصيلتها دمار كلي أو جزئي لألف المنازل ومنشئات البنية التحتية كخطوط الكهرباء والاتصالات والمدارس والطرقات ومختلف مؤسسات الخدمات ألعامه وقتل خلالها الإلف من الأطفال والنساء والشيوخ العزل واعتقل وجرح وشرد مئات الإلف منهم وسرح وطرد أمثالهم من وظائفهم ألعامه ومدارسهم وقطعت المرتبات التقاعدية للكثير منهم بجرة قلم من السلطات الامنيه.

وللتاريخ نقول إن أبشع الجرائم الذي ارتكبتها قوات الاحتلال اليمني في الضالع ليس إعمال القتل والدمار سالفة الذكر بل منعها المستشفيات من تقديم العلاج للجرحى وخطفهم من غرف العلاج ومنع النقاط في مخارج المدن من السماح بإسعافهم للعلاج في المحافظات المجاورة أو سفرهم إلى الخارج وقتل كل من يحاول تقديم ألمساعده لا نقاذ الجرحى الذين يسقطون خلال قمعهم للمظاهرات وتعريضهم للمسائلة والاعتقال ومصادرة أملاكهم ووسائل رزقهم .

بالاضافه إلى قيام تلك النخبة الفاشية بقطع كافة إمدادات الماء والكهرباء والهاتف ومنع وصول المحروقات والمواد التموينية والعلاج إلى الضالع ومنها إلى المديريات والقرى لفترات متفاوتة قد تمتد لشهور الأمر الذي نتج عنه وفاة العديد من الأطفال والأمهات الحوامل والعجزة وأنتج تشوهات وإعاقات جسديه وخلق معاناة نفسيه للسكان يصعب وصفها أو نسيانها تتجاوزت ما ارتكبته النازييه.

سقوط صالح ومجيء الإصلاح والاشتراكي وغيره من أحزاب القاء المشترك ثم استلام هادي للحكم لم يغيير واقع الحال في هذه ألمحافظه حيث انتهجت تلك الحكومة نفس النهج واستمرت قواتها العسكرية تمارس تعسفها وقمعها وقتلها لأبناء الضالع على نفس النمط السابق وزادت من الطين بله بنقل خبرات العنف التي اكتسبتها بعض وحداتها في إحداث ثورة الشباب إلى الضالع عندما استبدلت اللواء 35 مدرع باللواء 33 مدرع بقيادة جنرال الحرب ضبعان المتهم بارتكاب العديد من المجازر والانتهاكات في مدينة تعز خلال الأعوام 2011م- 2012م
لواء ضبعان الإرهابي وتحت قيادة سلطة هادي دشن أولى مجازره في الضالع أوائل هذا الشهر بعدوانه الإثم على منطقة الجليلة التي قصفها بالمدافع وقنص جنوده أهاليها الأمنيين إلى منازلهم فسقط على أثره خمسه شهداء وسبعه جرحى بينهم طفله وامرأة ودمر قرابة أربعين مسكن ومنشئه واعتقل وخطف من الخط العام عشرات الأشخاص بينهم حسين وهشام الجعدي
حكومة ثورة الشباب التي تدعي مدنيتها ومناصرتها لحقوق الإنسان ورفضها للظلم والعدوان وأدانت جرائم صالح في الجنوب لم تدن جريمة الجليلة وفعلت كما يفعل صالح فشكلت لجنه من مجلس النواب في بداية الشهر الجاري لبحث حيثيات الواقعة والتي لم تطىء قدمها ارض الضالع بعد. وشكل هادي بدوره لجنه عسكريه من أبناء ألضالع ممن لا يمتلكون إي صلاحيات أو سلطات لاتخاذ القرار ويعرفون في الوسط الشعبي اصطلاحاً (بحملة المباخر ) بهدف إسقاط الواجب وجعلهم في مواجهة أهلهم وتحميلهم تبعات القضية وهم لا حول ولاقوه لهم و يعانون من ظلم وجور السطله كغيرهم من أبناء الضالع والجنوب وكما يقول المثل فاقد الشيء لا يعطيه.

لجنة هادي العسكرية وصلت الضالع مساء أمس على حياء والتقت بالجناة قبل الضحايا كالقيادات الامنيه والعسكرية مع اتصال محدود لذوي الوجاهات والنفوذ من أصحاب الولاءات لدولة الاحتلال والمصالح النفعية ومن يرتبطون بنفس المشيمة فلا بحثت خلفية القضية وأسبابها ودوافعها الحقيقية المتأصلة في الثقافة الثأرية للوحدات العسكرية. ولا زارت المواقع العسكرية والنقاط الامنيه ومعسكرات تموضعها لتحديد حجم المناطق السكانية المتأثرة منها وبما يمكنها من تشكيل صوره صحيحة عن طبيعة الوضع القائم ,ولا زارت الجرحى والمنازل المدمرة لتقييم الإضرار ولا حاولت دراسة إبعاد نقل ضبعان ولوائه إلى الضالع بدل محاكمته على جرائمه في تعز أو نقله إلى جهة أخرى كما تجاهلت نهائياً أي لقاء بالمعتقلين في سجون الاحتلال أو بحث شكاوي الآخرين كالجريح محسن الزبيدي.

أبناء الضالع بشكل عام عبروا عن أسفهم الشديد لمشاركة بعض أبنائهم السلطة في تمرير جرائمها تلك وقيامهم بمحاولة تنظيف فعلتها بدلاَ من أدائهم لواجبهم الوطني والأخلاقي نحو أهلهم وشعبهم واستغلال مواقعهم للضغط عليها وإقناعها برفع معسكراتها كونهم الأعلم والأعرف أكثر من غيرهم بحقيقة القضية ودوافعها منذ أكثر من 18 عام ولا يبرر عجزهم وضعفهم ووضعهم العملي إي تغييب لإرادتهم وعدم فعلهم.

السلطة المحلية في الضالع هي ايضاً كعادتها سارعت إلى إسقاط واجبها تجاه تلك الإحداث واتخذت قرار برفع المواقع العسكرية رغم علمها إن القرار ليس له إي اثر قانوني لان السلطة الفعلية ليس للسلطة المحلية بل للسلطة العسكرية0
ختاماً نقول إن الضالع ستضل جرح الجنوب الدامي الذي ينزف حتى يرحل أخر جندي يماني محتل من ارض الجنوب ما لم يرفع هادي قواعده العسكرية أو يبرر وجودها فالضالع ليست منطقه حدودية ولا حاضنه للإرهاب أو قطاع الطرق من الإعراب ولا منطقه استراتيجيه للنفط والغاز أو الصناعات الثقيلة وكل ثروتها ورأس مالها رجالها ونضالها وتاريخها العريق الرافض للظلم والطغيان.