الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٥٠ مساءً

تحرير مصر وتغيير اليمن 2

اسكندر شاهر
الأحد ، ٠٩ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
في مقال الأسبوع الماضي أشرت إلى إحتمال سقوط " الأخوان المسلمين" في مصر وفق مؤشرات أولى للاحتجاجات المناهضة للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي وأصر على عدم التراجع عنه بل أعقبه بالدعوة إلى الاستفتاء على مشروع دستور غير توافقي الأمر الذي زاد من حدة الاحتجاجات .. ولفتّ في المقال ذاته إلى انعكاسات مثل هذا الاحتمال على أداء الأخوان في اليمن ممثلين بحزب الإصلاح ..

إصرار جماعة الاخوان على قرار مرسي أكد تغور فكرة الإقصاء لدى الجماعة ، بل إن وصول الاحتجاجات إلى قصر الاتحادية وهروب مرسي من الباب الخلفي وبالتالي الدفع بمناصريه ومجموعات بلطجية للهجوم والاعتداء على الثوار المعارضين بالرغم من سلمية احتجاجهم كل ذلك دفع بكثيرين نحو مقارنة الحدث بواقعة الجمل التي سبقت تنحي مبارك وكانت سبباً مباشراً للإطاحة بحكمه .

ليس هذا فحسب ، بل إن آراءًا مصرية وعربية عديدة ذهبت إلى الحديث بقوة عن ارتباط مباشر بين الرئيس مرسي وواشنطن لافتة إلى وجود ضوء أخضر من الإدارة الامريكية له للقيام بسحق المعارضة أوإضعافها .

المشهد في مصر يقترب من احتمالين لاثالث لهما ، الأول : هو تراجع الرئيس مرسي عن قراره بصورة وبتوقيت يسبق سيادة ( سبق السيف العذل ) وبالتالي تعود الحياة السياسية إلى مجاريها الطبيعية وتهدأ ميادين الثورة .

الثاني : هو أن تؤكد جماعة الاخوان أنها لم تتفهم الثورة ولم تتعلم من درس المخلوع مبارك وأنها أكثر منه شغفاً بالسلطة وتمسكاً بها وأنها في سبيل ذلك مستعدة لسيل من الدماء ولكن هذا الأمر سواءا كانت واشنطن مع مرسي أم تخلت عنه كما تخلت عن سلفه لن يؤول إلا إلى الحرب الاهلية لاسيما وأن أصواتاً أخوانجية وسلفية ارتفعت وحتى عبر الفضائيات ولوحت بإعلان الجهاد ضد كل من يعارض قرارات مرسي أو يطالب برحيله ، بالرغم من أن الشعب المنتفض يقدم صورة حضارية بإعطاء رئيسه فرصة أخيرة للتراجع والاحتفاظ بمنصبه ، إلا أن خطاب الرئيس مرسي الأخير والذي لم يلامس رغبات المنتفضين قد يعزز الاحتمال الثاني أو قد يدع الباب موارباً له ولمخاطره .

وأما فيما يخص انعكاسات هذين الاحتمالين على موقف جماعة الاخوان أو حزب الإصلاح في اليمن فإنها وفق العلاقة الحميمية القائمة بين حزب الإصلاح والسفير الأمريكي بصنعاء ستكون في أعلى مستويات التماهي مع الفوارق البديهية والخصوصيات اليمنية على أن انخراط الإصلاح في تكتل اللقاء المشترك وكما أشرت في المقال السابق من شأنه أن يخفف من وطأة احتمالات السقوط الذريع ، ومايهمنا في محاكاة التجربة المصرية هو انعكاسات ميدان التحرير على ساحات وميادين التغيير والحرية في اليمن لاسيما وأن استحقاقات المبادرة الخليجية تمضي (بصح أو خطأ) فيما لم تغادر حتى الآن قوى التغيير الحقيقية منطقة الانفعال إلى مرحلة الفعل .. ولكن لو سقط الرئيس محمد مرسي فلاشك في أن ثورة جديدة ستتخلق في اليمن كما حدث يوم سقوط مبارك ، فالحكمة اليمانية -على ما يبدو- تقتضي متابعة البدايات ومحاكاة النهايات .

"إيماءة"
اقتضت مجريات الأحداث في مصر ، استحداث حلقة رقم 2 من هذا المقال ، وقد تستدعي المستجدات القادمة حلقات أكثر ، فلمصر مكانتها ولتحريرها مركزيته ، ولليمن موقعها ولتغييرها أهميته .