الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٩ مساءً

تحرير مصر وتغيير اليمن

اسكندر شاهر
الأحد ، ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
(للثورة شعبٌ يحميها) ، بهذا الشعار الرائع عبر المصريون عن رفضهم للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري محمد مرسي قبل أيام ، وأصرّ على عدم التراجع عنه ..

ميدان التحرير بالقاهرة الذي أسقط الرئيس المخلوع مبارك غصّ بحشود وطقوس ثورية وشعارات تحررية ارتفع سقفها إلى حد المطالبة برحيل مرسي لاسيما بعد أن لوحت جماعته ( الأخوان المسلمين ) بمليونية لتأييد الإعلان الدستوري كان قد أقر موعدها ثم تم تأجيلها لما تحتمله من مخاطر أمنية غير محمودة العواقب ..

مررتُ عدة مرات بميدان التحرير في القاهرة خلال أيام الاسبوع الماضي ولمستُ غضباً بلا حدود ، وكان المرشح الناصري حمدين صباحي يترجل وتحيطه جماعة من مناصريه وهو يمضي قدماً مؤكداً خيارات المعارضة ورفضها الصريح والواضح وتصميمها الآكد بإسقاط الإعلان الدستوري غير الدستوري ، وكانت الشعارات المناهضة للأخوان قد ملأت الأماكن والساحات والأزقة وحتى محطات المترو ، ومن بين الشعارات التي انتشرت ( مصر ضد الاخوان مش ضد الإسلام ) و ( يسقط حكم المرشد ) وحتى الشعارات التي كانت تردد في الميدان لم تخل من تعليق ساخر من وحي ظرافة المصريين ، فبينما كنت في الساحة كانت مجموعة ثورية تردد بصوت واحد ( تحيا مصر تحيا مصر) ، فعلق مواطن مصري عابر قائلاً : ( هيّ ماتت ) .. وأردف قائلاً : مصر طول عمرها سبعة آلاف سنة وما ماتتش .. قولوا : ( أنت إمشي ومش هنمشي ) .. يقصد مرسي ..

ساحات عديدة في مختلف محافظات مصر خرجت هي الأخرى معلنة "الشعب يريد إسقاط حكم الأخوان" ، وبهذا تعيش مصر مخاضاً ثورياً جديداً ..

هذه الحالة تؤكد بأن الثورة مستمرة وأن استمراريتها هي الضامن الوحيد لتحقيق كافة أهدافها ، كما أن هذه الحالة المصرية لها انعكاساتها المباشرة على اليمن والتغيير فيه والذي لم يحدث أو لم يكتمل وفق الرأيين المختلفين حياله .. ففي يوم 11 فبراير 2011م ، أعلن المخلوع محمد حسني مبارك عن تنحيه منهياً بذلك حكمه الممتد لثلاثة عقود ، وعلى إثر ذلك انطلقت في اليوم ذاته شرارة الثورة الشبابية الشعبية السلمية من مدينة تعز معلنة بصوت عال : الشعب يريد إسقاط النظام .. هذه المحاكاة للتجربة المصرية ليست العامل الوحيد لقيام ثورتنا فلقد كنا ولانزال أحوج من المصريين إلى ثورة تغيير .. ولكن ما يحدث في مصر ومنذ زمن بعيد يلقي بظلاله على الوضع في بلادنا ، واليوم يكرر التاريخ نفسه بلا شك فلقد كانت جماعة الأخوان المسلمين في اليمن ممثلة بحزب الإصلاح قد تفرعنت مع صعود الأخوان إلى سدة الحكم في تونس ثم في مصر على وجه الخصوص ، واليوم نشهد تباعاً تراجع المواقف لدى هذه الجماعة ، وأما على صعيد ثورة التغيير فلاشك أن إفرازات الثورة المتجددة في ميدان التحرير بالقاهرة ستؤثر إيجاباً لجهة بعث الروح الثورية في ساحات الحرية والتغيير في بلادنا ، وستنهض بالمعيار الثوري في مقابل المعيار السياسي أو "التسووي" إن صح التعبير والذي يبدو ماضياً في إنجاز استحقاقاته وإن تعثر معظمها على أن الدفع الدولي في هذا الاتجاه يمنح هذا الخط التسووي قوة لن يقدر عليها إلا الثورة لو تجددت كما تتجدد اليوم في مصر .

أرباب التسوية السياسية في اليمن يعلمون ذلك جيداً ويدركون هذا البعد الخطير لاسيما حزب الإصلاح وهذا ما يفسر الجهد المبكر و السعي الحثيث لإزالة الساحات وجرفها وكنس الثوار المرابطين فيها .

مايحدث في تحرير مصر سيعكس نفسه على تغيير اليمن .. نريد لهذه الفرضية التي صدقت طويلاً أن تصدق هذه المرة ، وتتحول مسألة إنقاذ الثورة من جبهة إنقاذ إلى جبهة إنجاز ..
إيماءة.

هناك عامل مهم سيؤدي إلى حماية الأخوان المسلمين أو حزب الإصلاح في اليمن من السقوط فيما لو سقط أخوان مصر ، وهو أن الإصلاح يأكل الثوم بفم غيره من خلال تحالفه مع اللقاء المشترك ، وبعد الاتفاق الأخير مع الحوثيين فإن رائحة الثوم تطال أنصار الله ، وهذا قد يكون خلفه ( اختراق ) ، وأما السؤال : من اخترق الآخر ؟ ، فالإجابة عنه مؤجلة .. !!!