السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١٥ صباحاً

أصمُد كي تبقى على قيد الحياة ...!!!

جلال غانم
الجمعة ، ٣٠ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
عندما تُفكر في اختزال تاريخ كائن مفقود منحته كامل عضويتك , رشحته لشغل أماكن الحنين في ذاتك يوما ما لا تعرف حينها كيف تُكابر لُغة الفُقدان , كيف تُمرر غصتك .

تعتريك لُغة مضادة , تفكيك دائم لكُل شيء , تستهويك غيمة بُكاء , تتناقض في ذاتك مواطئ الحُب والحنين , لم تعد تُؤمن بشيء , آلة الزمن ما زالت حادة , والقدر ما زال يضرب منا من يشاء ويبقي منا من يشاء على خاصرته .

فتاريخك كُل يوم تسقط من عليه أشياءك الجميلة , لا تعرف المُواجهة , لا تعرف من أين تبدءا وكيف سوف تنتهي .

عليك فقط أن تُلملم أشلاءك وشضاياك , عليك أن تستعد لفُصول أكثر جدبا , أكثر لُقاحا وتزاوجا ورخوا

مُلغم الوقت , مُصاب بخديعة دائمة , تزييف الوجوه تُمر من هُنا وهنا , الوطن في لحظة إعياء .

مُر بي من هُنا وهناك , عدد لي طُرق إيمانك , نجمتك القروية , صوت فيروز وُهدهد الصباح

لأني أريدك بتفاصيل أكثر قُدرة على المُواجهة والصمود فالهزائم عندما تتخذ من جِلدك موطن لها لن تعرف حينها كيف تُخفف وقعها في داخلك .

أنت اليوم في مُواجهة دائمة مع قاموس لُغة حُروفها أكثر غُموضا , أكثر من علامة استفهام في قراءتك لواقع فج لا تستطع لُغة بعينها أن تُفكك أضداده أو حتى أن تمنحك فيه لحظة صفاء .

كحُب عابر ألتصق بك وتحملت به كُل معاناتك , اكتشفت فيه قوتك وضُعفك , دوافعك وانفعالاتك ولم تعرف مصدر أنين قلبك في هذا الحُب , تبدءا في رسم ملامح البُعد , تبدءا مُبررات الرحيل ترسم ملامح الأفق , تستحضر لُغة القبيلة بقوة , منطق الأشياء القميئة , مُلغم أنت بكل الاحتمالات .

كوابيسك تُسيطر عليك , مساءك غيمة حزينة , صباحاتك ما زالت دُون شجن لأنك من تفتقد في كُل لحظة ذاتك كي تمنحها لحظة تصالح آنية .

غُربة تتجرع مُرها , كُل يوم تكتشف مُرها , لم تكن فيها إلا كائن افتراضي يقرءا ويكتب ويعمل تحت كُل الظروف ولا يعي كيف يعيش بمقاييس أكثر إنسانية , بقلب وابتسامة دائمة .

فقط في كُل لحظة تتذكر كيفية توفير لُقمة عيشك , كيف تحيا بشروط أقل تكلف لان قدرك منحك أن تكتب خارج جدار الذاكرة والزمن , خارج الوطن والأهل , قدرك الذي لم يمنحك غير الحرائق الدائمة والممات النهائي .

الكُل في حالة احتضار , إعياء يقترب من الموت , تستهلك لُغتك فقط كي تشعر بانتصار مؤقت على آلة الوقت وعلى شكلية الظروف والحياة معا .

مُصاب بسكتة قلم , مُصاب أنت , مازلت مُصاب بكُل أنواع التساقطات

عليك أن تنسى ولو لبُرهة من الزمن شجنك وهزائمك , مواطئ حنينك , رياحك العتية

لأنك لن تستطع أن تُقاوم كوابيس المنفى وفجائعه التي تُقايضك بالحياة موت وبالموت صعقة وصفة دائمة

لن تستطع أن تقرا كُل زواياتك التي أخذ منها الزمن الكثير
لن ترى سوى مصادر حُب على أُفق يتوارى خلف نجمات الصباح
لن ترى بعد هذا اليوم سوى ظلك , أنت هو ظلك وظلك هو قاموسك , وقاموسك هو حياتك التي تعرفها من أول سقطة على هذه الأرض .

الحقيقة مُرة دائما , لكن لا تكتشف قيمة للدمع أحيانا احتراما لسعيك للعيش بسلام ومنح غيرك فُرصة للظُهور بشكل أفضل بين الآخرين .

ظُروفك تصنع منك أحيانا رجل مُتمرد ورُبما وغد لا يعترف بأي قراءة للزمن , أن تصمد فقط كي تبقى على قيد الحياة هذا على الأقل ما تعلمته من كبرياء أخي المُهندس أمين عندما يقول لك في كُل وقائعي عليك أن تصمد وطالما أنت قادر على التنفس فتأكد بأنك قادر على الحُلم مرة ومرتين وثلاث .