قبل منتصف ليل أمس وصلتني رسالة إخبارية على هاتفي نصها " مصدر في الهيئة الوطنية لاسترداد الأموال المنهوبة: حافظ معياد في الأردن لتأسيس بنك تجاري للمخلوع بـ"6 مليار دولار" نهبت من أموال اليمنيين "
هذا هو الخبر الكارثة ، اليمن بلد يختلف عن كل بلدان العالم في كل شيء حتى بتعامله مع الأنظمة والقوانين وتنفيذها من الأجهزة المعنية ، مثل هذا الخبر لو كان في دولة – أي دولة – بما فيها الصومال كيف سيتم التعامل معه من الأجهزة المعنية الرقابية والوقائية والعدلية والأمنية ويعتبر نشر هذه المعلومة على وسائل الإعلام يعتبر بلاغا إلى النائب العام ، يتعاملون بشدة وحزم مع أي معلومات وفضائح فساد مالية وصلت الى الصحافة ولا يمكن تجاهلها او التحقيق فيها مهما كان درجة الفساد ونفوذ الفاسدين ،، لكن في اليمن كل شيء مباح ومتاح وممكن وما لا يمكن هو قيام الأجهزة المعنية بالحفاظ على المال العام بدورها وواجبها
الفساد في اليمن وصل الى مستويات غير معقولة حتى أصبحت ممارسة الفساد مشروعة في قانون الغاب اليمني ، والفاسد في اليمن لا يمكن ان يطلق عليه أي وصف جارح ، ويتسابق الكثيرين لوصفهم بأوصاف لم تلقى على بال احد في سوق عكاظ ، الفاسد يسمى برجل وذيب الرجال وبطل وأسد وشخص نادر وكبير ..و...و... وهذه المسميات هي التي يتعامل معها سيادة النائم العام وباقي الأجهزة المعنية.
الأغلبية وخاصة المسئولين على هذه الأجهزة يعرفون ان حافظ معياد مسئول بدرجة كبيرة ومباشرة عن تهريب أموال اليمن التي سرقت من الخزينة العامة لسنوات طويلة وسبب وجوده على رأس كاك بنك يتصل بهذه المهمة ليعرف كيف يتصرف بهذه الأموال
الرئيس عبد ربه منصور ورئيس الحكومة ورئيس جهاز الأمن القومي والسياسي والداخلية ومعهم كبار السياسيين يعرفون جريمة حافظ معياد ويعرفون استثماراته التي أسسها أخيرا لكنهم جميعا لا يتكلمون ولا يهتمون ولا تتحرك ضمائرهم ، هؤلاء جميعا معذورين ومسئوليتهم تقتصر على بيع الكلام ومضغ العلكة في الغالب.
المسئولية المباشرة تقع على عاتق النائب العام المكلف أساسا بالتغطية والتستر على هذه الجرائم وغيرها وتحديدا الجرائم المتعلقة بالمخلوع وعائلته وحاشيته التي أنهكت الشعب وضيعت البلاد ، هذا النائم العام تم اختياره بعناية ولمهمة محددة ليس لها صلة بالشعب ولا بطبيعة عمل النيابة العامة والشواهد كثيرة وكل يوم شاهد على قضايا فساد بالمليارات ، يكتفي النائب العام بتحريك قضايا متعلقة بفراشين وموظفين صغار ومن يقتضي التخلص منه ، أما القضايا الكبيرة فالنائب العام أمامها نائم ونعامة وصم بكم ، وهذا هو الحاصل ، ولو كان عكس ذلك كان له ان اصدر مذكرة استدعاء للتحقيق فيما نسب لحافظ معياد.
لكن هذا النائب العام يعرف حقيقة وضعه ودوره ويعرف ان حافظ معياد ربما كان وراء تعيينه في هذا الكرسي وربما ان النائب العام يخاف من فتح فمه او تحريك قلمه بإتجاه حافظ معياد.
أما الحكومة والرئيس وباقي الفرقة لم يصلوا الى هذه الدرجة ودورهم يقتصر على تحصيل الحاصل وانجاز المنجز ويعتمدون على فن التسريب وبيع الوهم والوعود العرقوبية ونسوا أنهم جاءوا على جماجم ونعوش مئات الشهداء وآلاف الجرحى وتناسوا وعودهم وعهودهم وان وجودهم على هذا الحال صار جزءا من المشكلة الجديدة القديمة بمسمياتها وعناوينها وأدواتها وأشخاصها ولم يتغير الا وجه علي عبد الله صالح وعلي مجور وهذه نعمة من الله وخطوة ضرورية للحفاظ على عيوننا وآذاننا من الأذى.
التغيير حصل شكلا وبقى المشهد السابق مضمونا والتغيير لا يعني استبدال زيد من الناس بدل عمرو وهذا هو تبديل وتحريك لا اقل ولا أكثر ، اما التغيير فيعني تنفيذ القانون وتطبيقه على الكل وان يكون القانون هو صاحب السيادة في العمل وغير ذلك فالمعنى غير متصل بالتغيير ، وهذه مشكلة دول الربيع العربي تغير وجه الحاكم وبقيت أدواته تحكم.
والوضع الان يحتاج الى التصحيح والتصحيح لن يأتي مع بقاء هذه الأدوات ولم يأتي تفضلا او تكرما او منحة من فخامة الرئيس هادي والواقع يستدعي ضرورة التغيير بوسائل أخرى الثورية من أهم هذه الوسائل.
من المعيب جدا ان يبقي الرئيس هادي على النائب العام الحالي وهو يعرف الظروف التي دفعت به لتولي هذا الموقع ويكفي الرئيس هادي ان يستند الى تلك الظروف وتكون سببا لاقتلاعه وبقاءه مخجل في حق الرئيس والحكومة لان وظيفة النائب العام عنوان للمرحلة الجديدة.
اذا لم يقلع هذا النائب العام بسبب سكوته على جرائم الفساد الكبيرة فيعني أننا أمام حالة من التهريج وان الثورة تبخرت يوما ما في الرياض ... والتغيير يبدأ من بوابة النائب العام الذي أصبح اقتلاعه ضرورة وفريضة ... ودمتم.