الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٥١ مساءً

الحراك السلمي الجنوبي وفقاعات الصابون

د . عبدالله محمد الجعري
الاثنين ، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٥٨ مساءً
كثُر الحديث هذه الأيام عن مؤتمر الحوار وكثُرت معه المكونات السياسية التي يدعى كل منها تمثيل الجنوب وقضيته العادلة المتمثلة في استعادة الدولة والهوية مع العلم أن كثيراً من هذه المكونات لا تمت بأي صلة للقضية الجنوبية ولا تمثلها على أرض الواقع ولا تقدر أن تحرك ساكناً في الشارع الجنوبي لا من قريب ولا من بعيد إلّا من باب من يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك.

فهناك مثلاً الجنوبيون من حزب المؤتمر ومن الإصلاح والإشتراكي وجنوبيو صنعاء وهات لك يامسميات منها ما فُرخت أمنياً من قبل صنعاء ومنها ما كان وليداً لمجالس القات ونشواته، إذ أن هناك مكونات لا يتعدى أفرادها عدد أصابع اليد ويريدون تمثيل الجنوب، وأنا هنا أتساءل بأي صفة سيمثلون الجنوب؟ هل فقط لمجرد التمثيل والظهور على الشاشات أم أنهم سيحملون فعلاً نبض الشارع الجنوبي وأحلامه المتمثلة باستعادة الدولة والهوية؟، وكيف يكونوا ممثلين عن الجنوب وكثير من هذه المكونات ستحاور تحت سقف الوحدة؟ وهي بهذا تتناقض مع الشارع الجنوبي وتطلعاته وأهدافه، فمثل هؤلاء قطعاً لا يمثلون القضية الجنوبية ولا الجنوب، لأن من ليس لديه ثقل ووزن في الشارع الجنوبي لا يحق له التحدث باسمه أو ادعاء تمثيله فهو لا يمثل إلّا نفسه والحزب الذي ينتمي له، وعلى هذا الأساس فالشارع الجنوبي هو الممثل الشرعي الفعلي للقضية الجنوبية ممثلاً بالحراك السلمي الجنوبي نبض هذا الشارع والمعبر عنه، وقد دأب نظام صنعاء مراراً على سحب البساط عن الحراك السلمي إلّا أن محاولاته العديدة لصناعة مكون أو مكونات وهمية باسم الجنوب باءت بالفشل وعجز أن يجد من شرفاء وأحرار الجنوب من يستمع إليه وينفذ رغباته وكان آخرها محولات حميد الأحمر البائسة، وهو على يقين تام ــ أي المحتل اليمني ــ أن هذه المكونات المصطنعة أمنياً في مطابخه ودهاليزه ليس لها القدرة على حشد وتأليب الشارع الجنوبي وإقامة ولو مهرجاناً واحداً، لأن هذا الشارع لا يريد بل ويرفض أي مكون بصرف النظر عن تأريخه ووزنه إذا لم يكن مع التحرير والاستقلال، وأنا أتحدى أي جنوبي لا زال يحن إلى وحدة الضم والظلم النزول إلى الشارع الجنوبي ويدعو إلى حوار تحت سقف الوحدة اللهم إلّا إذا كانوا من حزب الإصلاح الشيطاني أو حزب المؤتمر الاستيطاني وفي ظل حراسات مشددة من الأمن المركزي والجيش، وعلى فرض أن المحتل نجح في إيجاد من يدخل الحوار باسم الجنوب هل هؤلاء قادرون على تهدئه أو إسكات أبناء الجنوب ليتراجعوا عن مطالبهم في فك الارتباط عن نظام صنعاء واستعادة دولتهم، وإقناع الشارع الجنوبي بعدم إقامة المسيرات والاحتجاجات بالطبع لا وألف لا .

وأخيراً أنا على يقين أن الكثير من أبناء الجنوب يدركون أن المستهدف الحقيقي من هذا الحوار هو الحراك السلمي الجنوبي وطالما لم يدخل هذا الحراك في حوار صنعاء فهو لا يزال على خير من أمره والحوار قطعاً مصيره الفشل، لأن نظام صنعاء يريد إقحام الحراك الجنوبي في هذا الحوار وتسويقه على أنه مجرد فصيل أو جزء ليس إلا وأنه لا يمثل غالبية الشعب الجنوبي، مع أن الحراك في الحقيقة ليس فصيلاً أو جزءاً كما يحاول نظام صنعاء تصويره للعالم، بل هو كل وليس جزءاً وهو القضية ذاتها والجنوب كله، وهذه الحقيقة هي التي تؤرق صنعاء وتثير قلقها دائماً، إذ أنها ــ أي صنعاء ــ تعلم في قرارة نفسها أن الحراك السلمي هو الشارع الجنوبي وهذا الشارع هو كل الجنوب، وتصاب صنعاء بالذعر والهلع وهي تسمعه كل يوم يجلجل ولسان حاله يقول وبصوت واحد نعم لفك الارتباط واستعادة الدولة والهوية والحرية والاستقلال، وتعلم صنعاء يقيناً أن ما سوى الحراك السلمي من مكونات أخرى تخالف غاياته وأهدافه ما هي إلّا مكونات ديكورية صورية أشبه ما تكون بفقاعات الصابون.