الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:١٤ صباحاً

"مفهوم الوهابيّة بين دولة الوهم ودولة صناعة الجهل..!"

عبدالله الخراز
الاثنين ، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٣٠ مساءً
الارستقراطية مركبة من كلمتين يونانيتين وتعني الفاضل أو الجيّد وتعني القوة أو السلطة..!

الارستقراطية الذي استخدمها أفلاطون في الجمهورية واستخدمها أرسطو في السياسة سأستخدمها أنا ولكن في صناعة الوهم وحكم ارستقراطي يبحث على نشر الوهم وصناعة الجهل ووضع الغبش على المعرفة التاريخية..!


أولاً: ارستقراطية الوهم!..
الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في قصةٍ دوّنها التاريخ وحكاها علماء الجزيرة العربية حيث أنّه أتى وكان الناس في شركٍ وضياع بين عبادة الأوثان والقيام على تعظيم بعض الجمادات! والوثنية المحضة التي هدمها الإسلام قبل ذلك عندما بُعِث النبي محمد صلى الله عليه وسلم فأودى بجميع الخرافات والوثنيات إلى الهلاك وبعد مرور الأعوام والسنوات والقرون تفكك الدين عند بعض الناس في الجزيرة العربية وتركّب الجهل مرةً أخرى وعادت الوثنية إلى جزيرة العرب..
في ظل تلك الأوضاع خرج محمد بن عبدالوهاب ليودي بالوثنية مرةً أخرى ويدعوا إلى التوحيد فكان نتاج دعوته هو تحالفٌ شرعيٌّ سياسي حول بناء دولةٍ إسلامية لا وثنية لكنَّ السؤال العقلاني الذي يطرح نفسه هو من أين أتى وصف الوهابية والمعتقد المنسوب إلى الشيخ؟

في تاريخ ابن عبدالوهاب الطويل لم يُبادر لتأسيس تركيبٍ مذهبي أو يتطلّع إلى شأنٍ دينيٍّ جديد وكما قال تجاه ما يدور حوله: سبحانك ربي هذا بهتانٌ عظيم.! فنشأة الوهابيّة ليست معتقداً بنى عليه الشيخ دعوته بل كانت دعوته دعوةٌ للكتاب والسنة على مذهب أهل السنة والجماعة وحتى في مؤلّفاته لا يذكر إلا آياتٍ وأحاديث صحيحة ونتج عن دعوته خروج علماءٍ كبارٍ أجلّاء وبناء دولةٍ إسلامية أسسها وركائزها تتمحور حول توحيد الله وحده واتباع سنة رسوله فكيف تُنسب دعوته إلى معتقدٍ جديد وهل الدعوة إلى التوحيد أصبح مذهباً لا يختص بالإسلام في أصله! فلازلت أفكّر وأفكّر من أين نشأت دولة الوهم الارستقراطية التي خلقت الوهابية مع أن المعنى اللغوي للوهابية يرجع لعبدالوهاب وعبدالوهاب هو والد الشيخ محمد وأحد من وقف سداً وحاجزاً منيعاً أمام دعوته!..فيدل ذلك على أن المصطلح قد خُلِقَ من رحم دولة الوهم الارستقراطية ولا صحة له في الأصل..!


ثانياً: ارستقراطية صناعة الجهل!.
الخلط في التاريخ كان مجالاً وطريقاً لدولة صناعة الجهل حول مفهوم الوهابية فقد وضع غبشاً حول تاريخ الوهابية ولمن تُنسب فقد ذكر الونشريسي في كتاب المعيار المعرب في فتاوى أهل المغرب أنّ الشيخ علي اللخمي مفتي الأندلس وشمال أفريقيا سُئل عن أهل بلدٍ بنى عندهم الوهابيون مسجداً ما حكم الصلاة فيه؟

وكتاب المعيار هو كتاب يجمع الفتاوى في الفقه المالكي.. وكان جواب الشيخ اللخمي: هذه فرقة ضالة خارجية كافرة , قطع الله دابرها من الأرض يجب هدم المسجد وإبعادهم عن ديار المسلمين!.

سطعت دولة صناعة الجهل الارستقراطية كعادتها في وضع اللبس حول هذه القضية وكما كان التحالف سابقاً مع دولة الوهم من أجل نسبة الوهابية إلى محمد بن عبد الوهاب قامت دولة صناعة الجهل لتكمل المهمة بالتحريف والتعطيل للتاريخ من أجل وضع التراب على أعين أهل شمال أفريقيا والمغرب العربي وبدأوا بلفت الأنظار لدعوة ابن عبد الوهاب أنّها هي المعنيّة في سياق فتوى اللخمي ولكنّ الحقيقة التاريخية التي جهلها الكثير هي:-

أنّ الونشريسي توفي في عام 914هـ وتوفي الشيخ اللخمي في عام 478هـ بينما ولادة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كانت عام 1115هـ..!

إذاً الوهابية المذكورة لا تمتُّ للشيخ محمد بن عبد الوهاب بصلة فالشيخ لم يلد بعد عند إصدار الفتوى إذاً ماهي الحقيقة..؟!

الحقيقة التي ذكرها ألفرد بل في كتابه "الفرق الإسلامية في شمال أفريقيا" والذي ترجمه عبد الرحمن بدوي أن الوهبية أو الوهابية هي فرقة خارجية أباضية أسسها عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم الخارجي الأباضي وسميت باسمه "وهابية" الذي عطّل الشرائع وألغى الحج وتوفي في عام 197هـ..!
الوهابية مفهومٌ وضعته طبقة ارستقراطية صنعت دولةً وهمية وأخرى تصنع الجهل من أجل اللعب بالمصطلحات وتلطيخ المعنى التاريخي للوهابية وتلطيخ الدعوة إلى التوحيد التي وصلت إلى الآفاق.. كرهها من يريد للجهل أن ينتشر وتشبّث بها من يريد للعدل أن يستقر لأن أعظم ظلمٍ في الأرض هو ظلم الشرك قال تعالى: "إنّ الشرك لظلمٌ عظيم" فلابد للعاقل أن يعي ما يسمع وما يُقال لألّى يقع في تخوين الآخرين وتصنيفهم حسب رغباته فالدين الإسلامي دينٌ ينبذ التفرق ويدعوا إلى توحيد الكلمة وضم الشمل فإذا اختلف عالمٌ في المملكة العربية السعودية مع عالمٍ في المغرب أو في اليمن أو في العراق لا يعني أنّ أحدهم ضلّ بمعتقدٍ مخالف أو تاه بعقيدةٍ غير مستساغة بل إنّ الخلاف والاختلاف سنةٌ كونية يجب الإيمان بها ولا يكون الخلاف سبباً للتفرقة وإلقاء التهم ورمي المخالف بأبشع الأوصاف كالتنكيل بعقيدته أو مذهبه أو انتماءه الديني يجب علينا أن لا نذوب ونغتر وسط دويلات الأوهام والجهل الذي وضعتها طبقة معيّنة وشريحة خاصة فقط من أجل خدش التاريخ وطعن الواقع..!

الوهابية أصبحت مفهوماً مطاطيّاً يعبث به ارستقراطيّون يحكمون دويلات الوهم والجهل..!