الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٠ صباحاً

العميد هلال وحلم الرئاسة

عبدالعزيز الصلاحي
الأحد ، ٢٥ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
من حق الشخص ان يحلم مايريد ويطمح لمايريد , ومن حق الشعب ان يحلم ويطمح , وحلم وطموح الشعب هو الأولى من حلم الاشخاص والنخب , لقد عانا الشعب اليمني طيلت الخمسين السنه الماضية من بلوى القياده الفاشلة والرجعية والغير مسؤولة اللهم إلا الرئيس الحمدي كما يقال عنه .

كان الرؤساء السابقين لليمن يأتون من رحم السلطات السابقة , فما إن يمسك بزمام السلطة حتى يعود طاقم السلطة السابقة بمنظومتها المتكاملة قوانينها ورجالها , إذن لم يتغير شئ لم يأتي الى السلطة رجل من اوساط الشعب يعاني معاناتهم ويعيش همومهم ويعمل على حل مشاكلهم المتجذرة والمستعصية , كما أنه لم يأتي الى السلطة رجل اكاديمي متخصص بشؤون الإدارة أو الاقتصاد او السياسة او القانون , بل جلهم عبارة عن قادة عسكريين غير محترفين ذا مرجعية قبلية متخلفة .
لذلك عاش اليمن طيلة تلك الفترة الماضية تحت وطأة براثن الفقر والتخلف فلم يرى لا عدل ولا اقتصاد ولا صحة ولا تعليم بل كان كل يوم وكل شهر وكل سنه الى الأسوأ لم يشعر الشعب اليمني انه تولى عليه في أي يوم من الأيام من يهتم به او يرحمه أو يحس به .

ومازلنا وإلى اليوم نعاني من هذه المعادلة الظالمه التي تريد ان تبقي اليمن تحت وطأ حكم جبري غاشم لا يؤمن بالعدالة ولا بالمساواه ولا بالعلم ولا بالحضارة ولا بادنى شئ من حقوق الانسان .

وهناك والى اليوم بعض الشخصيات التي مازالت تقاوم خروج الشعب من قمقمه , ومن هؤلاء رجالات النظام السابق وبالاخص من يعنيه هذا المقال وهو العميد عبدالقادر هلال , الذي هو احد رجالات الرئيس السابق , والذي مازال يرى ان الفضل فيما وصل اليه هو لرفيق دربه علي عبدالله صالح الذي عمل على ترقيته من مدير عام مديرية الى محافظ لمحافظة إب ثم محافظا لتعز وحضرموت ووزيرا للإدارة المحلية .

تلك الفتره لم تذهب على الرجل سدى وإنما عمل على استغلالها ايما استغلال , لم يستغلها لخدمة المواطنين أو حل مشاكلهم بل استغلها لبناء منضومة مكونة من بعض رجالات الاعمال تجار ومقاولين ومشائخ قبلية وقيادات أمنية وعسكرية ومثقفين واصحاب نفوذ , تعمل ليل نهار لتلميع شخصيته وبناء نفوذه شبية إلى حد ما بمنضومة صالح الفاسدة والمستبدة , لم نسمعه يوم من الأيام يعارض سياسة زميلة ورفيق دربة خلال تلك الحقبة بل كان تلميذا مخلصا وولدا مطيعا .

إلا انه وفي الفترة الأخيرة من حكم صالح عندما شعر صالح بخطورة الرجل ومايقوم به من كسب للولاءات وبناء نفوذ جديد عمل على اقصائة وتهميشة من المشهد السياسي , ولكن فجأة تعود العلاقات الحميمة بين الرجلين بعد الثورة اذا ان الرجلين وجهان لعملة واحدة ليس بينهما أي فرق من جميع النواحي سواء السياسة التي ينتهجها الطرفان من كسب الولاءات وتوزيع الهبات والوظائف لبناء مصادر للقوة والنفوذ أو من الناحية القبلية اذا ان الرجلين ينتميان الى منطقة سنحان أو من ناحية مرجعيتهما العسكرية والثقافية فكلا الرجلين قيادات عسكرية ( مشير وعميد ) او من ناحية البراغماتية والنفاق السياسي فقد كان علي عبدالله صالح في بداية حكمة يعمل مايعمله الرجل اليوم , وهو بناء علاقة قوية مؤقته مبنية على المصالح والشراكة الآنية المتبادلة , بينه وبين القوى السياسية الموجودة في الساحة سواء اليمين او اليسار او الوسط , وسواء القبلية او السياسية او العسكرية ورجال المال والاعمال , وكلها علاقات ليست في أي حال من الأحوال في مصلحة الشعب , بل هي عبارة عن تحالفات مشبوهة لإحكام السيطرة على السلطة والثروة , واعادة انتاج النظام السابق بكل مساوئة وانحرافاته الذي ثار عليه الشعب .

تحركات العميد هلال اليوم ومن خلال امانة العاصمة توحي بان الرجل يعتقد ان الفرصة سانحة للإنقضاض على السلطة واعادة انتاج منظومة الفساد والإستبداد من جديد , يعتقد ان الانتخابات الرئاسية القادمة فرصة ذهبية لتحقيق الحلم والطموح .

المشكلة تكمن في ان الرجل لم ينتقد في أي يوم من الأيام سياسة النظام السابق بل هو جزء من منظومة الفساد والاستبداد وركن من أركانه , فبكل تأكيد انه وفي حال حالفه الحظ لتحقيق حلمة لن يتغير وضع الشعب اليمني بل انه سيحتاج في ذلك الوقت الى ثورة من جديد .

اليمن لا يحتاج الى قيادات بقدر احتياجه الى نظام وقانون , لا يحتاج الى ولاءات بقدر احتياجه الى كفاءات , لا يحتاج الى رجل ذو خلفية عسكرية أو قبلية بقدر احتياجه الى رجل ذو خلفية سياسية واقتصادية وإدارية , كل من له علاقه بنظام على صالح لن يقدم لليمن غير المزيد من التدهور والانهيار والانحطاط كل من ايده او شاركه بسياسته الى الرمق الاخير لن يقدم لليمن غير الشقاء والظلم والاستبداد .