الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٨ مساءً

الرقص الوسيلة المثلى للتصالح مع الذات

جلال غانم
الثلاثاء ، ٢٠ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
انتابني شُعور بالأسى وأنا أرى مقطع فيديو لشباب وشابات يرقصون في شوارع أوتاوا (كندا) على إيقاع زوربا يتمايلون متحدين فوضى الزمن وزحمة الشوارع كأطفال لا يفقهون إلا لُغة البراءة والتعايش .

وأنا أرى هذا المشهد النادر شعرت كم نحن مُحتاجون إلى مئات السنين للوصول إلى هذه الثقافة التي تُقيم الإنسان وفقا لحاجاته ورغباته وسعادته وحُزنه - دون إسقاط لهويته وحقه في العيش الكريم داخل وطنه - وليس وفق عِرقه وطائفته ودينه وقبيلته التي ينتمي إليها .

ثقافة الصميل وسياسات الانتشال التي تربت مُجتمعاتنا عليها كحالة انتصار على الحق والعدل والمساواة لم تجلب لنا إلا مزيدا من البؤس والتعاسة والتراجع في تصنيف المُجتمعات العالمية وعدم قُدرتها على النمو والإنتاج .

فالتنشئة الاجتماعية والتوجهات السياسية وعدم قُدرتها على الموائمة بين إنتاج نظام سياسي جيد واستغلال الموارد البشرية الاستغلال الأمثل سبب لدينا حالة رُكام وذحل كُل يوم ينصهر ويتفتت لمزيد من القُشور والتباينات التي أنتجت لنا مُجتمع مشلول غير قادر على الحركة والعيش بحُرية بقدر ما خلقت لدينا ظُروف طورتها عوامل الفقر والفشل إلى لوثة مُجتمعية دائمة وغيبوبة تامة كنتيجة حتمية لعدم القُدرة على التمييز بين كيفية العيش من أجل البناء وكيف الهدم من أجل التلصص والعيش تحت رحمة الآخرين .

التنوع وصناعة ظروف أفضل وبدائل للعيش خارج التسنين القاتل للتربية التي نتلقاها في المدارس وفي المعاهد والجامعات سوف تخلق نتيجة أفضل ونفوذ أقل للتسلل إلى عقلية الطالب وزرع مئات العُقد التي تُساعد على التحريض والقتل وعدم تقييم الآخر واحترام مبادئه وسوف تنتج لدينا مساحات أفضل للتفكير والتمييز واحترام المرآة ومنحها مزيدا من الحُرية وفك القيود دون تغييب لأي قوانين العدالة المحلية والاجتماعية المدعومة بالتحقير وعدم التهذيب لأي من هذه الحُقوق .

تخيلوا معي أن نجد اليمني كما السويدي أو الكندي يرقص على إيقاع زوربا في شارع حدة أو التحرير أو في شوارع عدن كردة فعل على خيباته المتتالية وفجائعه التي يتلقاها كُل يوم كمشاريع لموت المُستقبل والوطن وموت الضمير المُنادي بالحرية وتحريري الثورة من مُربعات الموت وفوبيا الدين والفساد .

تخيلوا أن تتحول هزائمنا وفجائعنا إلى مُجرد رقصات , أن تتحول الثورة إلى مُجرد حالة جُنون مصحوب بإيقاع إنساني رهيف .

ثقافة العُنف التي نصطحبها في تاريخنا ونُقدس عاداتنا التي تتناقض مع حُرية العدل والبناء هي من أنتجت مُجتمع جلف وعنيف غير قادر على استيعاب ما يجرى من حولة سوى بلُغة العُنف والبندقية .