السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢١ صباحاً
الخميس ، ١٥ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
الحياة فيها من النتوءات والإرهاصات ما تجعل منها متغيّرة الطبائع واللوازم والأشكال.. والأزمة هي محطة تغييرية مفاجئة تحدث للإنسان ولا يمكن لنا أن نصفها بالسلبية دائماً إلا بعد التشخيص والنظر الدقيق فيها..!
*الأزمة:-

يقال في اللغة الأزمة: الشدة . وتُوصف السنة القليلة الغيث والزرع بالأزمة لولوج القحط والجدب فيها.

وكما ذكرنا آنفاً أن الأزمة محطة تغييرية مفاجئة لهذا فهي تتدخل في معظم شؤون الحياة ونستطيع أن نصف إنساناً بأنه "مأزوم" وهذا ما سنذكره لاحقاً..
سنذكر بعض الأزمات التي تؤثر على ا
لإنسان وتقسوا عليه في طبائع الحياة المختلفة منها:-
الأزمة النفسية:- (هي عبارة عن العجز في ضبط التوازن النفسي وانعدام القدرة على حل المشكلات...)

نلاحظ أننا ذكرنا هنا كلمة "عجز" فهنا اتسع معنى الأزمة فصارت كناية على التوتر وعدم التوازن وهذا شيء نفسي ومعظم الأزمات النفسية هي توتر من مشكلة معينة سواءً اجتماعية أو سياسية أو غيرها والأزمة الاجتماعية عادةً ما تتمحور حول الأسرة والتربية.. فمثلاً العجزعن اتخاذ القرار بشكل منضبط داخل الأسرة يولّد أزمة تنظيمية للعائلة وهذا يعود على التربية للأبناء بشكل سلبي والأزمات الاجتماعية هي أيضاً عبارة عن إرهاصات في التعامل مع المجتمع فتأزُّم العلاقات الاجتماعية سببه إما أخلاقي أوتربوي وهما منظومتان متكاملتان فالأخلاق هي كيفية انعكاس ضوء التربية على سطح قلب الإنسان فتأزُّم التربية من تأزُّم الأخلاق التي تولّد لنا الأزمة الاجتماعية..

الأزمة المالية "الاقتصادية":- (تعرف الأزمات الاقتصادية بأنها اضطراب فجائي يطرأ على التوازن الاقتصادي في قطرٍ ما أو عدة أقطار...)

هذا يعطينا معنى أوسع للأزمة فنقول بأنها طفرة من حالة ناعمة إلى حالة قاسية والأزمة الاقتصادية هي طفرة تحدث للمال العام من حالة ثابتة إلى حالة مرنة قابلة للضعف والقوة وهذا النوع من الأزمات معدي للغاية بحيث أنّه لا يقتصر على التأثير في البلد ذاته بل يمتد إلى الأقاليم المجاورة وهذا ما نسميه بالأزمة العالمية!.

الأزمة السياسية:- يحدث هذا النوع من الأزمات بسبب حالة تأزم بين الحاكم والمحكوم والتأزم يكون مقتصر على نظرة الشعب ونظرة الحكومة فالشعب إذا عاش وخالط مشكلة معيّنه فهو يصف الواقع , أما الحكومة فتنظر إلى هذه المشكلات بمنظور نخبوي يفيد النظرة الباردة للأحداث ومن هنا يحدث التأزم..

*الإنسان المأزوم والنظرة السلبية!..
ماذكرناه آنفاً هو إطار للأزمات فمثلاً الأزمة الاجتماعية هي أنواع مختلفة ولكن ما ذكرته هو الإطار الذي يحمل هذه الأنواع ويتمحور حولها والناس بمخالطتهم للأزمات وشعورهم بها يحدث على إثرها الانقسام فنرى إنساناً إيجابيّاً وآخر "سلبي"!

فالإنسان السلبي هو من يتخذ من الأزمة حياة وينظر إلى المستقبل كنظرة الأزمة له فيقع في مأزق التأزم فيُصبح إنساناً مأزوماً إذا طرأت عليه مشكلة تجده معكّر في حاضره ومستقبله وتتولد عنده أوهام نفسية والنتيجة:- الأزمة تتضاعف ولا حل لها!. وهذا أكثر ما يحدث للمتأزم الاجتماعي أو للمضطهد إضطهاداً تربويّاً سواءً بعنفٍ أسري أو حتى شائكةٍ زوجيّة أو غير ذلك فيصبح معنى الأزمة عنده تفسيراً للحياة وأنموذجاً لها..!

*النظرة الإيجابية وإدارة الأزمات:-
إذا أردت أن أتحدّث عن الإيجابية والإدارة الناجحة للأزمات فلا بد أن أذكر قصةً من حياة الإيجابي الأول والمعلم الرائد والقائد المحنّك محمد صلى الله عليه وسلم فلقد كان نبينا صلوات ربي وسلامه عليه يتسابق مع زوجته عائشة الصدّيقة بنت الصديق رضي الله عنهما وهما في أزمةٍ قاصمة ورحلةٍ شديدة التأزم كان ذاهباً إلى معركة! أي إلى قتال , أي إلى حياةٍ أو موت ولكن مع هذا لم يستسلم للأزمة ويجعل شغله الشاغل يتمحور فقط حول الحرب والمشكلات والعوائق والأزمة القاصمة التي تنتظره فيصيبه بعدها تأزّمٌ نفسي..! أبداً..

لذلك إذا أردتَ أن تُدير أزمة يجب عليك أن تعطي لنفسك مساحة واسعة أستطيع أن أسمّيها بـ"الهدوء النفسي" فضبط النفس عند أي أزمة دخيلة هو سبب أو طريق معبدة للخروج من الأزمة بسلام وقد ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما أوصى رجلاً طلب منه الوصاية بأن قال له لا تغضب وكررها مؤكّداً قال لا تغضب , والغضب هنا يعني تأزّمٌ نفسي يعبث بالمشكلة ويزيدها تعقيداً لذلك ضبط النفس فنٌّ من فنون إدراة الأزمات..

النقطة الثانية هي ضبط الخلق فإذا وجدت نفسك قد ارتكبت خطأً أوصلك هذا الخطأ إلى أن حدثتْ أزمة كارثية فيجب أن تُظهر الشجاعة بالبوح بثقافة الاعتذار والمبادرة في الإصلاح فهذا خلق المدير الناجح الذي يستطيع أن يمسك الخيوط الأولى التي توصل إلى الخروج من الأزمات.. ففن إدارة الأزمات يحتاج إلى ضبطٍ للنفس وضبطٍ للخلق..

الناتج هو:- نظرةٌ إيجابيّةٌ للأحداث..
وإذا لمحنا للسيرة الطاهرة لنبينا صلى الله عليه وسلم لوجدنا أنّه يدير أمور الرعيّة بأخلاقه الحميدة ونفسيّته الراضية التي ملؤها الأمل بالله عز وجل..

وأخيراً أقول:- لا تكن سلبيّاً , لا تكن مأزوماً فالحياة هي أصغر من أننا نعيشها في ضيقٍ ونكد , لا مجال أن نهرب من المشكلات والأزمات ولكن هناك مجالٌ واسع وكبير وهو أننا نعطي كل طارئٍ ورقةً تملؤها الإشراقة وتعلوها الإيجابية فحذاري أن تكون مأزوماً..!