الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٧ صباحاً

الاصلاح.....تاريخ حافل بالتبعية

يحي احمد
الثلاثاء ، ٢٣ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
حزب الإصلاح مثقل بإرث من التبعية منذ تأسيسه الى اليوم افقدته الاستقلال والحرية وطغت عليه التلقينات والتعليمات , فغدا كطفل يتلقى التعليمات دون تمييز بين الحقيقة والخرافة بين المصلحة والاستخدام.

والمختلف الوحيد هو انتقال الجهة الموجهة من الداخل ايام على صالح الى الخارج (الرياض)بعد الثورة.

ولو نظرنا بعين فاحصة لمواقف الحزب منذ تأسيسه كحزب سياسي بعد الوحدة وحتى يومنا هذا لاستبان لنا مدى تبعية هذا الحزب سواء للداخل او للخارج وتحكم الفرد فيه وبعده عن القضايا الوطنية ،و المبدئية . وهذا ما سيتضح من خلال مراجعة سريعة لمواقف الحزب خلال العقدين الماضيين.

قال الشيخ /عبد الله بن حسين الاحمر(رحمه الله) في مذكراته صفحة 48:(بعد اعلان الوحدة فتح الرئيس مكتبه وديوانه لنا ولغيرنا سواء من القوى المنضوية تحت مظلة المؤتمر الشعبي العام والذي كان يضم نواة لأحزاب غير معلنة او الذين لم يكن لهم تطلع حزبي من المشائخ وانا كنت ضمنهم ،وحرص الجميع على تنظيم انفسهم في اى حزب وتحت أي مسمى ارادوا، ويقول ايضا ان المشائخ والعلماء كانوا يتوقعون ان الاشتراكي بعد دخوله الوحدة سيضم اليه الاحزاب اليسارية في الشمال من ناصريين وبعثيين وحزب عمر جاوي وسيشكلون كتلة واحدة ولهذا لا بد لنا من ان نكون احزابا تكون رديفة للمؤتمر ،وطلب الرئيس ـوالكلام لعبد الله بن حسين الاحمر ـ منا ان نكون حزبا في الوقت الذي لانزال في المؤتمر الشعبي العام قال لنا: كونوا حزبا يكون رديفا للمؤتمر ونحن واياكم لن نفترق وسنكون كتلة واحدة ،ولن نختلف عليكم وسندعمكم مثلما المؤتمر.

ويقول الرئيس كما ورد في مذكرات بن الاحمر(ان الاتفاقية تمت بيني وبين الحزب الاشتراكي ،وهم يمثلون الحزب الاشتراكي والدولة في الجنوب ، وانا امثل المؤتمر والدولة في الشمال ، وبيننا اتفاقيات لا يمكن اتململ منها، وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضة ضد بعض النقاط او الامور التي اتفقنا عليها مع الاشتراكي وهي غير صائبة ونعرقل تنفيذها ، وعلى هذا الاساس ـ يقول الاحمرـ انشأنا التجمع اليمني للإصلاح).

من هنا يتوضح لنا الاستخدام السيء لحزب الاصلاح من بداية تأسيسه كحزب سياسي من قبل علي صالح وحزبه المؤتمر الشعبي بما يخدم مصالح علي صالح وحزبه ، فالرئيس هنا يملي توجيهاته على ابن الاحمر وهو يتلقاها كتعليمات وهذا ما سيتوضح اكثر من خلال مذكرات الشيخ عبد الله بن حسين الاحمر .

فبعد انتخابات 93 والتي شهدت تنافسا حادا لم يستطع أي من الاحزاب الثلاثة (المؤتمر و الاصلاح، والاشتراكي ) ان يحصل على اغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة كان المؤتمر يتمسك بشراكة الاصلاح الذي لا يمانع بطبيعة الحال من اجل ازاحة شريك الوحدة (الاشتراكي) الذي كان بنظر الاصلاح حزب شيوعي يمثل خطرا على الهوية الاسلامية ، والمؤتمر بزعامة علي صالح كان يعلم انه سيستغل هذه الكراهية بين الاسلاميين والاشتراكيين لا قصاء الطرف الثاني ، وبالفعل تم استخدام الاصلاح في صيف 94 ابشع استخدام ،حيث اصدر الفتاوى وجيش القبائل للسلب والنهب ، ليتقاسموا بعدها السلطة والثروة.

بعد صيف 94 دخل الاصلاح في تحالف ثنائي وبنسبة 1/2 وكما يقول الشيخ عبد الله حسين في مذكراته
(اختار لنا المؤتمر الحقائب الوزارية الخدمية التي فيها مشاكل ومصاعب مع الشعب ،مثل وزارة التموين والكهرباء والصحة وغيرها من الوزارات الخدمية , وقبلنا هذا حرصا منا على ان نسهم في مسيرة البناء) وكانت التربية من اهم الوزارات التي سلمت للإصلاح ولا يخفى الفشل الذريع الذي منيت به الوزارات المسندة للإصلاح عل الرغم من ان الاصلاحيين يلقون بالمسؤولية على المؤتمر حيث يقول عبد الله حسين لكن بعد اشهر من الائتلاف تبنى المؤتمر سياسة التخلص من مشاركة الاصلاح وبدأ بمضايقة وزرا ء الاصلاح وذلك بتقليص صلاحياتهم ومحاربتهم . ولا ادري ما المانع من استقالتهم , ولسنا هنا بصدد تقييم عمل الاصلاح في تلك الفترة أو المقارنة بين ادائه واداء المؤتمر الاكثر فسادا وفشلا, وانما استعراض سريع لمواقف حزب الاصلاح التي يغلب عليها التبعية والمجاملة منذ تأسيسه كحزب سياسي .

و في انتخابات 97 حصل المؤتمر على اغلبية مريحة رغم التحالف بين الاصلاح والاشتراكي, لكن يبدو ان الاداء السيء في حكومة الشراكة والتلاعب من قبل على صالح وحزبه( المؤتمر) بالإصلاح والتبعية وتحكم ابن الاحمر في القرارات المصيرية هو ما أفقد الاخير شعبيته . ونتيجة لهذا كان مصير الحزب في المعارضة .

ولتقييم اداء الحزب في المعارضة بعد انتخابات 97 ندع الشيخ عبد الله بن حسين الاحمر يلخص لنا ذلك الاداء باختصار شديد (كان دور الاصلاح في المعارضة بعد انتخابات 97 غير ايجابي ) وهذا الاداء السيء للحزب في المعارضة يرجعه الاصلاح للأسباب التالية التي سردها عبد الله بن الحسين الاحمر في مذكراته.

1ـان الرئيس كان يؤكد لنا ولغيرنا ان الاصلاح بالنسبة للمؤتمر حليف استراتيجي.

2ـان احزاب المعارضة الاخرى او بعضها معارضتها غير بنائه.

3ـمشاعرنا في الاصلاح وتكويننا اقرب الى المؤتمر من أي حزب اخر.

4ـتربطنا برئيس الدولة رئيس المؤتمر روابط مصيرية ونلتقي معه على ثوابت اساسية وقواسم مشتركة.

يا ليت شعري ما المبرر في هذه البنود الاربعة لجعل الاصلاح يلعب دورا سلبيا ؟

فالا سباب كما يظهر من كلام الشيخ تعود لروابط قبلية وتغليب مصلحة الذات على الوطن بعيدا عن الاسباب الوطنية.

وكثيرا ما ردد الشيخ عبد الله حسين الاحمر مقولة (المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين) ونظن بعدها ان الاصلاح لن يستخدم مرة اخرى من قبل نظام على صالح , وأتت انتخابات 99 الرئاسية والتي اعتقد الجميع ان المنافس الوحيد لعلي صالح وحزبه هو حزب الاصلاح لا سباب عديدة منها انه يتمتع بنسبة 10% أي 30 عضوا في البرلمان وهي تكفي لتزكية المرشح للرئاسة ,ولما للإصلاح من قاعدة شعبية ونفوذ قبلي , ولكن تفاجأ الجميع بموقف الاصلاح حيث كان اول من رشح الرئيس علي عبد الله صالح ولتبرير ذلك يقول عبد الله بن الحسين الاحمر في مذكراته صفحة 304 (موقف الاصلاح هذا نابع من قناعة بالرجل انه رجل المرحلة وهذا اهم عامل ) ويقول ايضا:( بل ان مصلحة الوطن تقتضي ان يكون موقف الاصلاح موقف المتبني لترشيح الرئيس علي عبد الله صالح) . ولكن ماهي المصلحة الوطنية من ترشيح علي عبد الله بعد اكثر من عقد من الزمن من انتخابات 99 .وحتى اثناء تزكية المرشحين في البرلمان لم يزك الاصلاح مرشح المعارضة وزكوا علي عبد الله.

وفي الالفين وواحد فبراير صوت الاصلاح لصالح التعديلات الدستورية التي كان اهمها تمديد فترة الرئاسة من خمس سنوات الي سبع سنوات. ان تلك المواقف لحزب الإصلاح غير المسؤولة خلقت في نفوس الكثيرين نوع من عدم الثقة بالإصلاح وبسياساته الرعناء والا مسئولة .

ولو نعرج بشكل مختصر على مواقف الاصلاح من بداية الثورة الى الان لرأينا انها لا تختلف كثيرا عن مواقفه السابقة وانه لازال الحزب الرديف للمؤتمر . والمقلد المخلص لسياسة علي صالح وحزبه . وانه لازال يغلب المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن ولم يستطع التحرر من التبعية سواء للداخل او للخارج . فهل نتوقع منه ان ينتج شيئا مختلفا وذو قيمة وهو لم يتخلص من موروثه القبلي المشائخي التبعي الاستبدادي؟
فقد بدأت الثورة اليمنية ثورة شبابية شعبية يقودها شباب مستقل غير مؤدلج. لم يكن لهم اطماع خاصة ,وكان هدفهم الوحيد الانعتاق من النظام العائلي المستبد, وبناء دولة مدنية حديثة قائمة على الحرية والعدالة والمساوات. في حينها لم يكن أي من المعارضة او العسكر قد اعلن تأييده للثورة, وكان الشباب فعلا قد اربكوا النظام بإصرارهم وعزيمتهم وتضحياتهم العظيمة.

و ما إن انظمت احزاب المعارضة التي يتزعمها الاصلاح باعتباره اعرض هذه الاحزاب قاعدة شعبية حتى بدأ يمارس اعمالا مفرطة في الذاتية والانانية فبدأ يسيطر على المنصات ويوجه خطابا دينيا بلون واحد لا يحتوي الجميع , واختطف ارادة الشباب والشابات وصادر الحريات . حتى خطابه الموجه الى اركان النظام كان يتجنب الإساءة الى بعض اركانه الاكثر اجراما وفسادا(علي محسن الاحمر) قبل انشقاقه عن النظام , مما ادخل الشك والريبة في نفوس الكثير من الشباب المستقل ,وحتى يافطاتهم التي كانوا يدونون فيها افراد النظام العائلي كانت تخلوا من اسم علي محسن الاحمر الرجل الاول مكرر في هرم النظام باعتراف علي محسن نفسه .

واتى بعدها الجنرال ليعلن تأييده للثورة أو بالأحرى عسكرة الثورة ،وعندها رحب الاصلاحيون بالرجل بحفاوة مبالغ فيها لأقصى حد وكأن الرجل ملائكي ووصفوه بحفيد الزبيري ،وتناسوا انه صاحب اسوء ماض في تاريخ اليمن الحديث ,وعملوا في تناغم تام مع بعظهم ومارسوا اعمالا استفزازية كثيرة .
وبعدها سعوا لتشكيل المجلس الوطني الذي غابت عنه عدالة التوزيع وظهرت انانيتهم بأبشع صورها وحاولوا الظهور امام الخارج وكأنهم القوة الوحيدة التي تمثل الثورة.

وبأحداث الحصبة وما تلاها من تداعيات تمت الاساءة الكبرى للثورة وتم حرفها عن مسارها السلمي على الرغم من تأكيدات الشباب على سلميتها , ولم تقتصر المواجهات على الحصبة وما جاورها من نهم وارحب بل حاولت هذه القوى الانسياق وراء إغواءات صالح وتم تمديد المواجهات الى مدينة تعز الاكثر مدنية وسلمية لضرب سلمية الثورة ولتشويه وجهها الاكثر حضارية.

لم يكن هذا اخر مطبات وعراقيل الثورة بل شنوا حملة اعلامية فجة تفوح منها رائحة الطائفية والعرقية ولا زالوا لتشويه اطرف اساسية من اطراف الثورة .

و لم يهدأ لهم بال حتى قصموا ظهر الثورة مع شركائهم من المعارضة بتوقيع الاتفاقية الخليجية ومنح القتلة حصانة من المحاكمة متنا سين الدماء الزكية التي قدمها ابناء الشعب اليمني من اجل بناء دولتهم المدنية القائمة على اساس المساوات والعدالة والحرية. وشكلوا مع علي صالح حكومة الوفاق مناصفة وغيبوا كما عهدناهم الكثير من المحافظات والقوى المهمشة ولم يشركوها في حكومتهم.

ولا زالوا الى الان يحاولون التهام اكبر قدر ممكن من المناصب في الدولة مهما كانت تافهة حتى على مستوى مدراء المدارس مستغلين قدرتهم التنظيمية وسلاحهم اللاهوتي(الدين)،وفي نفس الوقت يكشرون عن انيابهم ويشتاط غضبهم ان شاركهم احد في شيء حتى في لجنة الحوار يستكثرون على الاخرين المشاركة فيها .وما حنقهم الكبير على الحوثيين الا لانهم يستخدمون نفس سلاحهم اللاهوتي وييممون وجوههم مع الحراك الجنوبي الى طهران بدلا من الرياض وواشنطن.