الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٦ مساءً

من الذي سيحصد ثمار النفوذ في الشرق الاوسط؟

عبدالمؤمن الحميدي
السبت ، ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١٢:١٥ صباحاً
لا تزال الأمور تزداد غموضا مع اشتداد الصراع على النفوذ في المنطقة بين القوى الدولية التي تتصارع لتكريس هيمنها على الشرق الأوسط فتفتح بذلك بابا لصراع أخر اشد وأكثر خطورة هو الصراع بين دول المنطقة التي تتنافس بدورها للحصول على المزيد من النفوذ.

كما يبدو إن الربيع العربي جاء سانحة للقوى الدولية لتتغير بعض النظم التي فقدت قدرتها على الانسجام مع شعوبها وبالتالي ولم تعد قادرة على ضبط التطورات الداخلية الأمر الذي كان ينذر بخروج الأوضاع عن السيطرة ولهذا كان من اللازم التوصل إلى قواسم بين متطلبات التغيير الداخلية وبين التصورات الدولية للقوى البديلة ولهذا نشأت تقاطعات في بعض الساحات، ثم تم التوصل إلى حلول للبعض منها كما في مصر وليبيا وتونس وتعثر البعض منها كما في اليمن واستعصى البعض كما في سوريا.

فقد صرح الأخضر الإبراهيمي بان الأوضاع تسير إلى مزيد من الانحدار وإنها لا تهدد السلم في المنطقة فقط، بل ربما يمتد الصراع ليهدد السلم العالمي وذلك لان التقاطعات في مواقف بعض الدول الإقليمية وسعي البعض لحلب الأزمة من اجل تحقيق مكاسب غير عابئين بما سيحل بالشعب السوري أولا و بمصالح الأمة العربية ثانيا.

القوى الإقليمية تحاول استغلال الأزمة السورية لتأكيد أهميتها حتى غدت وكان الساحة السورية ساحة اختبار لجميع اللاعبين فمصر التي عاشت فترة طويلة من الانكفاء نراها اليوم تحاول الإعلان عن عودتها مجددا من خلال الاهتمام بما يجري في المنطقة من خلال الساحة السورية، فقد ظهر الرئيس المصري محمد مرسي في أكثر من مناسبة للحديث عنها وقد توج ذلك بمشاركة مهمة في اللجنة الرباعية التي ضمت إلى جانب مصر، تركيا والسعودية وإيران وصار يتاجر بالمواقف التي من جهة ترضي المطالبة بحقن الدم السوري والتوصل إلى حلول سلمية وفي نفس الوقت تغازل القوى الأخرى، لذلك نراه في أكثر من مناسبة يطالب بتنحي الأسد.

القوى الإقليمية تحاول استغلال الأزمة السورية لتأكيد أهميتها حتى غدت وكان الساحة السورية ساحة اختبار لجميع اللاعبين فمصر التي عاشت فترة طويلة من الانكفاء نراها اليوم تحاول الإعلان عن عودتها مجددا من خلال الاهتمام بما يجري في المنطقة من خلال الساحة السورية، فقد ظهر الرئيس المصري محمد مرسي في أكثر من مناسبة للحديث عنها وقد توج ذلك بمشاركة مهمة في اللجنة الرباعية التي ضمت إلى جانب مصر، تركيا والسعودية وإيران وصار يتاجر بالمواقف التي من جهة ترضي المطالبة بحقن الدم السوري والتوصل إلى حلول سلمية وفي نفس الوقت تغازل القوى الأخرى، لذلك نراه في أكثر من مناسبة يطالب بتنحي الأسد.

وهذا النمط من السلوك الدولي يتماشى مع أوضاع مصر التي خرجت توا من تغيير سياسي كبير وصارت تتلمس طريقها للتعاطي مع المتغيرات الدولية. وفي نفس الوقت تحس بعجزها عن القدرة على اتخاذ مواقف أكثر حدية بسبب تطلعها إلى الحصول على المساعدات الأميركية من جهة والى الدعم الاقتصادي من الدول الخليجية التي بحسب بعض القراءات لا ترغب بتقديم دعم حقيقي ومؤثر لمصر ولا تفضل عودتها إلى الساحة السياسية الإقليمية لان ذلك يؤدي إلى ترجع دورها.

وكما يبدو أن عودة مصر إلى الساحة الإقليمية سوف لن يكون سهلا لوجود عدد من المنافسين الأقوياء الذين قطعوا أشواطا طويلة في محاولات مد النفوذ.

وتركيا هي إحدى الدول التي سيأتي الدور المصري الإقليمي على حساب دورها أيضا، فالأتراك كما تشير بعض التحليلات إلى أنهم يحاولون الامتداد في البلدان العربية التي كان لهم نفوذ تاريخي فيها عن طريق خلق روابط اقتصادية ثم دعم ذلك بالقيام بخطوات سياسية من اجل تركيز هذا النفوذ وجعله أمرا واقعا، ولا ترى باسا من الإفادة من الورقة الطائفية ومحاولة مغازلة الأكثرية السنية في بعض الدول للظهور بمظهر الحامي والمدافع الصلب عن الملة والدين.

وعلى ما يبدو أن تركيا أيضا وجدت في الأزمة السورية فرصة وسانحة لتجربة نوع من البراغماتية على أمل تنفيذ طموحاتها الإقليمية فجاءت سياساتها لتحمل أكثر من رسالة منها رسالة إلى الشعب السوري بتنصيب نفسها مدافعا عن حقوق السوريين ومبشرة بالديمقراطية (الإسلامية على الطريقة التركية) إلى جانب الضرب على الوتر الطائفي بالدفاع عن أهل السنة "المظلومين"، وفي نفس الوقت مغازلة القوى العالمية وإشعارها بقوة وأهمية الدور التركي القادر على أن يكون ممثلا وحاميا لمصالح تلك القوى.

إلا إن تركيا لم تحسب جيدا فوائد ومضار هذا الانقلاب المفاجئ على النظام السوري الذي كانت تربطه بتركيا علاقات اقتصادية وسياسية مميزة أو أنها كانت مدركة لتلك المخاطر لكنها كانت تتصور أن تلك المخاطر سوف تكون قصيرة الأمد وان الضرر سيكون قابلا للتحمل انطلاقا من إن الأجواء الدولية مساعدة وسرعان ما سيتم الإطاحة بالنظام السوري وينتهي الأمر، وعليه فأنها لم تحسب أن النظام سيصمد كل هذه المدة وان بعض الدول الكبرى كروسيا والصين سوف ترفض عملية الإطاحة به بالقوة ولهذا فانها تعيش حالة من الإحباط بسبب هذا الخطأ الستراتيجي وهو كما يبدو جر عليها الكثير من المتاعب وخصوصا تاجيج النزعات الطائفية والقومية داخلها.

وهذا بلا شك لا يساوي المكاسب المتوقعة من زج تركيا لنفسها ضمن المعسكر المضاد لنظام الرئيس الأسد المكون من مجموعة الدول التي تتنافس بدورها مع بعضها البعض والتي تتميز السعودية بينها بشدة حماسها وتطرفها للإطاحة بالنظام السوري، وأنها الأقل اكتراثا بما يحل بالسوريين من نكبات وماسي ولأنها الأشد إصرارا على إسقاط النظام عن طريق إغراء الدول الكبرى بالتدخل على غرار السيناريو الليبي مع عدم الاكتراث لما يمكن أن ينجم عن هكذا موقف بالنسبة للمنطقة من احتمال تأجيج حروب طائفية واثنية لن تحصد ثمارها إلا إسرائيل، التي ستجلس على الأريكة تنتظر وصول الجميع إلى الإنهاك لتفصل لنفسها ما تشاء من أسلاب المعارك.

السعودية التي نزلت بتحريك المعارضة السورية وخصوصا القوى الإسلامية المتشددة منها وحاولت جعلها أداتها الرئيسية في عملية ضرب النظام السوري منيت بالإحباط لسوء حظها، لان قوى المعارضة ليست ساذجة لتسلم أعناقها إلى الوهابيين، ولهذا نرى إن السعودية تحاول استعجال عملية الدخول في صراع واسع النطاق وتستعجل إيصال الأمور إلى نقطة اللاعودة، لأنها تخشى بشدة من عودة العافية إلى الشعب السوري ولهذا إنها سعت جاهدة إلى عرقلة جهود كوفي عنان وفعلت نفس الشيء مع الأخضر الإبراهيمي.

إسرائيل التي تكتفي بالمراقبة عن كثب دون التدخل المباشر لأنها الدولة الوحيدة التي تربح بشكل كامل دون أن تدفع أي ثمن مقابل هذا الربح، فإذا طالت الحرب فان ذلك بحد ذاته يعد مكسبا كبير لأنه يعني إنهاك الجيش السوري الذي هو الجيش الوحيد الذي يستطيع التصدي لإسرائيل لعدم التزام سوريا بأي معاهده معها.

إسرائيل وفي أسوء الاحتمالات ستربح إنهاك سوريا اقتصاديا واجتماعيا بحيث أنها حتى لو تمكنت من حسم الصراع الداخلي فإنها ستظل لفترة طويلة وهي تلعق جراحها، وهذا يعني أن إسرائيل ستصبح القوة الوحيدة التي تهيمن في الشام فهل هذا ما يريده اتباع السلف الصالح؟