أخيرا وبكل صراحة أعترف الرئيس عبد ربه منصور هادي بسوء مرحلة الرئيس السابق علي صالح وأقر بعائلية الحكم وفساد الحاكم وأعترف بعرقلة صالح لمسيرة التغيير والتسوية السياسية ووصف مرحلة حكم صالح بالمرحلة التقليدية التي تعني مرحلة الفوضى والفساد وتسخير السلطة لمتطلبات العائلة والرئيس هادي الذي يسعى إلى الانتقال باليمن من هذه المرحلة إلى مرحلة الشرعية الحقيقية التي تعتمد على الدستور والقانون ، ومرحلة ما قبل هادي كانت مرحلة يسود فيها الظلم وتستند إلى الصراعات التي كان يختلقها الرئيس السابق .
الرئيس هادي ومن خلال كلمته التي وجهها للشعب اليمني بمناسبة اليوبيل الذهبي لثورة سبتمبر المجيدة خرج عن صمته المعهود وتجاوز لغة التلميح والعبارات العمومية وقال بكل صراحة : ( لقد اخترت المضي في قيادة التغيير عن قناعة وهو مسار صعب محفوف بمخاطر ومشاق هان وتهون أمام تحقيقه كل تضحية، وكل ما اعد به أن ما يمكن أن يؤدي إلى تعطيل مسار التغيير فإنني لن التزم أمامه الصمت والحياد وبالذات في مسألة هي بالنسبة للبلد مسألة مصير ) وهذا ما يعني أن الرئيس هادي قد بلغ به الصبر والسكوت عن تجاوزات الرئيس السابق إلى الحد الذي لا يمكن السكوت عليه أو تركه دون حساب أو عقاب ، وعبر عن مساوئ مرحلة حكم الرئيس السابق وتبعاتها الثقيلة بقوله : ( متحررا من حمولات الماضي وأثقاله وتبعاته وتأثيره شخوصا وأفكارا واعتبر نفسي ملزما أخلاقيا ودستوريا بالمضي فيما بدأت لان ما أقوم به هو تنفيذ لإرادة الشعب الذي استمد منه القوة والعزم لاستكمال المقاصد التي ارتضاها الجميع فيما حوته بنود المبادرة الخليجية ) وكلام الرئيس هادي رسائل واضحة يجب على الرئيس السابق قراءتها وقراءة ما بين السطور ويكفي هادي فخرا شجاعته التي ترجمت إلى موقف ايجابي نحو اليمن في قبوله أن ي
كون بديلا وخلفا لحكم اليمن الذي وصف وضع البلد بالمحطم وغياب شبه كامل للخدمات الضرورية كالكهرباء والماء ومشتقات النفط إضافة إلى افتقاد كامل للأمن ووسائل العيش الضرورية وكذلك استفحال أمر القاعدة وتنظيمات الإرهاب المسلحة .
يتأكد لنا اليوم جدية الرئيس هادي وصراحته ووفاءه بالعهد الذي قطعه على نفسه انه يسير بخطى حثيثة وقوية لاستئصال مخلفات صالح وتفكيك منظمته الإجرامية ووقف مسارات الفوضى وتحريكها من خلال رسالته الواضحة لوزراء حزب صالح وإتباعه في الحكومة بأن عليهم مغادرة مربع السياسة ومساندة أحزابهم والكف عن المناكفات وسياسة الهدم ومثل ما هي رسالة يقصد بها الرئيس هادي وزراء حزب المؤتمر تعتبر أيضا رسالة ضمنية لوزراء المشترك لان الواقع اليوم لا يحتاج إلى حكومة حزبية كما ذكر الرئيس هادي ، وان تقييم أداء الوزراء سيتم بمراقبة كل وزير على الأعمال التي حققها كنتائج وليس بمستوى التصريحات وهدر الوقت بما لا ينفع .
ونظرا لتعقيدات المشهد القائم سياسيا وامنيا أكد الرئيس هادي على أن التحديات لا زالت ماثلة وحاضرة وان هناك محاولات لإستعادة الصراع بطريقة أو بأخرى وهذا ما يشير إلى أن اليمن يعاني من لا زال يعاني من المخاطر التي كانت قائمة وان سبب وجود هذه المخاطر قائم وهي إشارة الى وجود صالح المخلوع وبعض أنصاره الذين لم يفهموا المرحلة التي تسير عليها البلد ، وهذه المخاطر يجب أن تسقط مثلما سقطت كل المراهنات الخاسرة في تفكيك اليمن وتحويله إلى مرتع للفوضى والإرهاب .
يدرك الكثيرون فحوى ومضامين الرسائل التي وجهها الرئيس هادي في خطابه ونتمنى أن يفهمها المعنيون بهذه الرسائل وان يراجعوا حساباتهم المغلوطة نحو مسار التغيير الذي لا يمكن التراجع عنه ، والرئيس هادي قطع الشك باليقين وقطع الطريق أمام بقايا نظام صالح وصالح ذاته حين يصفون الرئيس هادي بأنه جزء من مرحلة صالح وانه الأمين الذي اختاره صالح وما نعرفه أن صالح كان يعتبر ولا زال الجميع خونة ما عدا الوريث احمد فهذا هو الذي لا يخون ،
الحقيقة أن اتل رئيس هادي وجه إنذارا مباشرا للرئيس المخلوع وأكد بعدم السماح على التجاوزات والخروقات ما يعني أن الرئيس السابق أمام مرحلة صعبه وأمام مرحلة من الحساب المنتظر ، وعليه أن يخلد إلى واقعه الجديد ويغادر الوهم الذي يصنعه له من حوله من المتزلفين والافاكين ورفقاء الدجل ، وان يقرأ الواقع بعيون ونظارات 2012م ويترك قراءتها بعيون البركاني والجندي والصوفي ، حتمية التغيير سنة كونية لا يمكن التوقف عند ما سواها والرئيس هادي رجل وخبير بتفاصيل المرحلة الحالية ومتطلبات المرحلة القادمة واحد هذه المتطلبات هو استكمال اقتلاع وتفكيك ما تبقى من نظام الرئيس الذي خلع ، وعلى كل من يساوم أوهامه أن يتأكد من ما يقوم به وان التصرفات التي كانت تعد تمردا خلال الأشهر الأولى لرئاسة هادي لم تعد مقبولة ولم يترك الوضع أمام تصرفات كتلك أن تكون عائقا أمام التغيير ومن سيرتكب مثل تلك الحماقات عليه ان يدرك تماما انه أمام طائلة القانون والمحاسبة
أخيرا رسالتي الى الرئيس السابق صالح الذي أشفق عليه وغيري من سوء ما لحق به نتيجة تصرفاته ومخططاته الكارثية بحق اليمن والشعب ، عليه أن يستحضر أخلاق الزعامة ويتعامل معها كسلوك ملموس لا ان يتخذ من الزعامة حصانا يمتطي به كل مسالك الشر والعمل الشيطاني وعليه أن يدرك أن الحصانة التي منحت له لا تستند الى أي مسوغ قانوني أو شرعي أو عقلي وان هلاكه يصنعه بيده مثلما صنع نهايته خلال مرحلة حكمه ، عليه ان يستفيد من الدروس والتجارب ويأخذ بالإيجابي منها ولو استمر كما هو عليه اليوم فإن سوء الطالع لخاتمة سيئة قريب وبدون أدنى شك .. والعاقبة للمتقين