الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤٧ مساءً

عفوك سيدي رسول الله .. فلدينا أخوان مارينز !

اسكندر شاهر
الأحد ، ٢٣ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١١:٥٠ صباحاً
عفوك سيدي رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليك وآلك وسلم تسليماً كثيراً .. عفواً فقومك يجهلون مقامك أو يتجاهلون ..

يجهلون ابتداءًا أنها ( محاولة ) للإساءة لمقامكم العالي وليست (إساءة) فلم ولن يبلغوها إذ من يسيء لـ ( العصمة ) و ( الكمال ) يسيء لنفسه الناقصة ، وماذلك الفيلم الرخيص المدنس إلا انحطاطاً يزيد تعالي المقدس ..

ولإيضاح المسألة .. فإن (محاولة) الإساءة لمعلم البشرية الأكرم (ص) سياسية أكثر منها عقدية وأيدلوجية جاءت في توقيت مدروس وخطير وله مآرب أخرى .. يأتي الفيلم في ظل إرهاصات الثورات العربية والتغيير الذي يعتمل في المنطقة والذي لم يتم توجيه مفاعيله بالكامل خاصة وأن الشعوب عرفت طريق الشارع ولا يمكن أن تعود إلى القمقم مجدداً الأمر الذي يعني الكثير لما يسمى ( إسرائيل ) الدولة المحتلة التي تدعي أنها تمثل الديمقراطية الوحيدة في المنطقة ، وإضافة إلى ذلك فإن معطى مهم يدخل في دائرة الاختبار اليوم ببلوغ الاخوان المسلمين السلطة في كل من تونس ومصر ومحاولة حزب الإصلاح في اليمن التماهي مع التجربة بالرغم من أنه نسخة شوهاء ولليمن خصوصياتها ، وفي توقيت أخطر لأن حرباً عالمية بإدارة صهيونية تدور رحاها في سورية موطن الديانات وتعايشها ، وتكاملها ، وانسجامها ، والتي تدفع ثمن مايدفعه العربان المقامرون بأموال شعوبهم في قتل شعوب عربية وإسلامية ، كما أن محاولة الإساءة جاءت أيضاً متزامنة مع توقيت زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر إلى لبنان الذي دعا إلى الأخوة والسلام، فضلاً عن أن من قام بالعمل اختير بعناية شديدة ومُحكمة بانتمائهم للأقباط .

البعض لا ينتبه إلى ذلك التماهي بين بعض مخرجات الثورات العربية وبين محاولة الإساءة الأخيرة لرسول الرحمة المهداة للعالمين (ص) ، فبعض الأنظمة التي خرجت من صلب الثورات العربية تكرس الطائفية والمذهبية وتتحدث عن قطب سني في مواجهة قطب شيعي أو بحسب الرئيس محمد مرسي السعودية راعية للإسلام السني الوسطي ومصر حامية له ولا أدري أية وسطية تلك التي لدى السعودية بحاملها الوهابي التكفيري ، وفي اليمن لهذا المنهج العصبوي التدميري تعبيرات عدة من خلال ما تفتعله بعض وسائل الإعلام من تحشيد مذهبي خطير وما يفتعله الإصلاحيون من صراع ميداني مع الحوثيين بخلفية مذهبية وواجهة سياسية ، وتأتي محاولة الإساءة من خلال هذا الفيلم الصهيوأمريكي لتفتش في هذا المناخ الموبوء عن فتنة إسلامية - مسيحية بغرض تحويل المنطقة إلى جحيم باسم الاديان والمذاهب لا يسلم منها إلا "شعب الله المختار" .

وما يعزز القول بهذا التماهي شواهد كثيرة نورد بعضاً منها :

- حضور أصوات كثيرة من بين أوساط الإسلاميين والحركات الإسلاموية في أكثر من بلد عربي تحاول تبرئة الأمريكان من فعلتهم وتبحث عن تغريدات تُجنب الإدارة الأمريكية مسؤولية محاولة الإساءة .

- ينشغل الإعلام الرسمي العربي واليمن بينها وبعض الإعلام الحزبي المحسوب أيضاً على الإسلاميين بماحدث للسفارات الامريكية وخاصة في صنعاء ويقدم الاقتحام على محاولة الإساءة بصورة لافتة جداً ولا تخطئها عين مؤمن .

- في اليمن حزب الإصلاح تحديداً وقيادات من الصف الأول والثاني تبريء الإدارة الأمريكية وتأتي بعد تصريحات قائد الإصلاح التي قلل فيها من أهمية الغارات الامريكية في اليمن والتي وصف أضرارها بـ ( الطفيفة ) قياساً بما تقدمه أمريكا من مساعدة لاستقرار اليمن ، وقد تحدثنا عن تفصيل ذلك في مقال سابق في إطار معادلة القرار للأمريكان والسلطة للأخوان ما بعد "البرع" العربي ..

محاولة الإساءة للرسول الأعظم (ص) لاتنتظم في إطار اختبار الأنظمة العربية الوليدة من قلب الثورات بل أيضاً في إطار اختبار المشاعر الروحية الشعبية كمقدمة لاستهداف المقدسات الأخرى وفي المقدمة ( الأقصى الشريف ) المرتبط بالإرث الديني المسيحي الإسلامي .

ويبدو من خلال ردات الفعل أن الاختبار نجح مع الحكومات لاسيما الوليدة أو الجديدة المحسوبة على الإسلام السياسي كما نجح نسبياً في الإطار الشعبي الذي لايزال بحاجة لتوجيه الوعي .. فحركة الاحتجاجات إثر توجه الجموع الغاضبة دلّت على معرفة المحتجين بعدوهم الحقيقي الذي يقف وراء هذا العمل أو الطرف الذي يبرر له ويهرب من الاعتذار الرسمي , كما أن المواقف الشجاعة للكنائس المسيحية والأخوة المسيحيين في عموم العالم العربي ساهمت بشكل كبير في تثبيت هذه المعرفة وتوكيدها.

على أن المشهد في صنعاء يبدو مختلفاً بالمطلق وليس على طريقة الخرطوم التي تحركت باتجاه سفارات غربية أخرى كسفارة ألمانيا لتعبر عن ضياع البوصلة ، بل يحضر في صنعاء المارينز بعد أن تمت التعمية على وجودهم بالرغم من معرفة الجميع بذلك ، ولكن اقتحام السفارة أعطى مبرراً لتعزيزهم بأعداد جديدة .. هذه المرة غضب اليمنيون وأخرجوا الدبابير من عشهم .. خرج المارينز إلى الشارع وشاهدهم المواطنون اليمنيون وتنسب للمارينز جريمة مقتل وإصابة بعض المحتجين في ظل الرضوخ الكامل لوصاية جيرالد فرستاين السفير الأمريكي الحاكم الفعلي لليمن الذي قال في تصريح له مؤخراً بأن استقدام المارينز جاء بعد تشاورات مع اليمن في محاولة منه للتخفيف الذي لا يقل وطأة عن ماتقوم به الحكومة اليمنية من تسخيف .

إن ماذهب إليه السيد حسن نصر الله من ضرورة التحرك باتجاه قانون أممي يُجرم التعرض لمقدسات الإنسان حول العالم ليس بالأمر الصعب أن تتبناه الحكومات العربية والإسلامية على أن ما يبدو لنا أنها أمريكية أكثر من الأمريكان ، هذه الحكومات بما فيها اليوم من إسلام سياسي ولوث صهيوني منشغلة بالدفاع عن الأخوان المارينز الذين يحمون بدورهم سلطة الأخوان / الأمريكان ..

إيماءة
المستشار الإعلامي لباسندوة ( إصلاحي ) ربط بين انقسام الجيش اليمني وبين وجود المارينز وقبول الحكومة اليمنية لتواجدهم معتبراً هذا الانقسام هو السبب ويأتي هذا التصريح في سياق التسخيف الحكومي .. ألم نقل أن مسرحية علي محسن انشق عن علي صالح لم تسرق الثورة وتلتف عليها وتحرفها عن مسارها وحسب بل ستضع اليمن تحت الاحتلال الأمريكي الكامل ؟! .