الثلاثاء ، ٠٧ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١١ صباحاً

الأقراط ،،،، والطماط ( 6 )

عباس القاضي
السبت ، ٢٢ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٥٠ صباحاً
باتوا ليلتهم كأيام عرسهم الأولى ،، غير أن سن الكهولة له ظروفه ،، ساعة يحسون بالحر ،، وساعة بالبرد ،، و " وقيص الأرجل " جمر لا تخبو ،، غير أن لنجيبة حكايات تلطف جو الغرفة ،،، تبدأها بسؤالها التقليدي كل ليلة : تحبني يا محمود ؟ ورده لا يختلف أيضا بقوله : الله المستعان !، كناية عن الإيجاب ،، وهو فعلا يحبها فبرغم تقدم عمرها إلا أنه ما زال يراها تلك الصبية الجميلة ، التي كان ينافسه على خطبتها ابن مقبل .

قال لها : يا نجيبة ،، كل يوم تمر يزيد حبك في قلبي ،، فأنت تملكين موهبة الشحن العاطفي ،، لكن في هذه الليلة دخلت اهتمامات ومفردات جديدة ، هو ما طرأ عليهم من عمل .
بدأها محمود بقوله : نجيبة ،، نحن في عصر ،، يصبح المرء فيه فقيرا ، ويمسي غنيا ، تذكري وقت خروجي في الصباح ، وأنت تناوليني الأقراط ، ووقت دخولي المساء ، وأنا ألبسك تلك الأقراط ؟ ،،، ضحكت نجيبة ، وقالت : عندما دغدغتني ؟ قال لها : نعم ،، بس يا محمود ،، قلت لي حينها : سأنغنغك ،، ما هي النغنغة يا محمود ؟ أصلا لم آخذها في المدرسة ،، رد محمود ضاحكا ،، هو أنت درست بالأصل ؟ وكرعا بالضحكة كأنهما صبيان .

قاما كعادتهما لصلاة الفجر هو وعماد إلى المسجد ، وهي تجاهد بأن تصحو مريم وتناديها ،، هيا قومي نصلي جماعة .
عاد محمود من المسجد ، شرب قهوته ، ولبس بدلة الخروج للعمل ، لينطلق إلى السوق .

لا ندري هل محمود يسعى إلى السوق ، أم السوق هو الذي يسعى إليه ، يوم فقط تفصله أن كان محمود يذهب منكس الرأس ، يطلب بضاعة دينا ، يصيب أحيانا ، ويخيب في معظم الأحيان ،، حتى أنه باع كل ما عاد به من بلاد الغربة ، لم يستثن الثلاجة والغسالة ، وحتى التلفزيون ،، حتى جاء دور أقراط نجيبة التي اشترطت أن تكون البضاعة طماط .

كان يمشي واسع الخطى ،، ويقول في نفسه : هل السر في الفأل هو مصدر التمويل – الأقراط – بيعا أو رهنا ، أم بنوع البضاعة – الطماط – شراء.

وصل إلى السوق ،، هاهو مرشد واقف يوزع البضاعة محمولة أو مركومة ، بأنواعها .

فما أن رأى محمود ، حتى صاح : هيييي محمود تعالى ،،انظر إلى تلك السيارة ،،هي طلبك والسائق والحمال فيها .

ركب محمود السيارة بجانب السواق ،، والحمّال في الغمارة الثانية ،، وكانت السيارة تشق الطريق بسرعة فائقة ، في ذلك الوقت الخالي من السيارات والمارة ، ومحمود يخرج مرفقه من فوق الباب ،، كأنه من التجار الكبار.

لا يحتاج محمود إلى دليل ،، فالمطاعم الخمسة التابعة للحاج محسن يعرفها جيدا ،، وزع محمود الطماط بحسب الطلب ،،وأنهاها بالمطعم الذي يتواجد فيه الحاج محسن ،، نزل محمود من السيارة ،، ناول الحاج الكشف وعلى الفور ،، دفع الحاج محسن قيمتها وزاد عليها ،، قائلا : لازم أشجعك يا محمود .

ركب محمود السيارة قافلا إلى السوق ليدفع قيمة البضاعة .
فجأة ،،، أمر السائق بالتوقف ،، قال له السائق : لماذا ؟
قال له محمود : خليني أتفاهم مع هذا النغل ،، الذي ضحك علي يوم أمس ،،لكن الرجل ،، ما إن رأى السيارة توقفت فجأة ،، حتى ولى هاربا بكل ما أوتي من قوة .