القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس عبد ربه منصور هادي وقضى بتعيين الأستاذ / احمد عبد الله ناجي دارس وزيرا للنفط والمعادن يعتبر قرار حكيم وموفق إلى درجة كبيرة ، ولقي ترحيبا لدى كل المسئولين والعاملين في قطاعات النفط المختلفة ، وترحيبا أكثر لدى الشركات الاستثمارية الأجنبية العاملة في قطاعات التنقيب والاستكشاف في الحقول النفطية ، وهذا الترحيب دليل على الانسداد الذي كان يهيمن على كل القطاعات النفطية في الفترة الأخيرة وكادت تصل الأمور إلى الإحباط ( والإحباط هنا ليس نفسيا وإنما إحباط يتعلق بأهم القطاعات الاقتصادية والابرادية ) وقرار تعيين الوزير احمد دارس أوقف الانسداد والإحباط معا .
الأستاذ احمد دارس الذي ينحدر لواحدة من أشهر الأسر العريقة في اليمن وسليل عائلة كبيرة وواحدة من عائلات المشايخ الكبيرة المعروفة في الجوف ، ارتباطه ونشأته العائلية لم تكون سببا مباشرا في منصبه الحالي ، وهو الرجل الذي لا يشعرك في لحظة من اللحظات انه ابن ذلك البيت الكبير ، وإنما أخلاقه وعصاميته ودقته في العمل وشفافيته المصبوغة ببساطة الطباع والمعاملة ، يصفه الكثير من رفقائه في مراحل العمل المختلفة بالرجل الشهم ومنبته أصيل يعتمد في معاملته مع الآخرين – أيا كان مستواهم الاجتماعي أو الوظيفي - على التقدير والاحترام ويبتعد عن أسلوب الغطرسة والتعالي ولا يصاب أو يتأثر بعلو المناصب ، ومن يعرفه قبل عشر سنوات أو عشرين أو من عرفه وهو موظف ورئيس قسم أو مدير أو نائب مدير عام أو وكيل أو نائب وزير وحتى وزيرا هو نفسه احمد عبد الله دارس بدماثة خلقه وشهامته وكرمه التي تشربها على يد والده المناضل الشيخ عبد الله بن ناجي دارس ، رجل بمعنى الرجولة يبتسم ويصافح بإنصاف ويستقيم للصغير والكبير وهي جزء من أخلاقه القبلية المعروفة ، يسمع وينصت دون ان يشعرك بتلك الغطرسة والتكلف التي يصاب بها البعض .
ينظر اليوم للوزير احمد دارس كرجل دارس ومطلع على خفايا وأسرار النفط في اليمن وهو الرجل الذي قضى معظم حياته العملية في دهاليز وزارة النفط ، وينظر له على انه احد الأركان الأساسية في إيجاد حلول منطقية وواقعية لمشاكل النفط ، وبحسب خبرته وما نعرف عنه وما يمتلكه من خبرة ورؤية عميقة تضرب في أعماق الحل لواقع النفط والقفز به إلى المستوى الذي يجب أن يكون عليه النفط في اليمن سواء كان استكشافيا أو استخراجيا أو مشاركة استثمارية أو تسويق ، فالرجل يمتلك رؤية واقعية تعتمد على المعطيات العملية المتاحة وهي كثيرة ، رغم أن قطاع النفط والمعادن أصيب بتشوهات وعثرات كانت نتيجة الفهم الخاطئ والإسقاط العشوائي وتوظيف الجانب السياسي كعامل متحكم في الجانب الفني والمهني .
.الأستاذ احمد دارس وخلال الفترة الحرجة التي مرت بها اليمن وانقسم الناس بين هذا وذاك استطاع الوزير دارس أن يضع نفسه موضع الرجل المدرك لمستوى المخاطر والاصطفاف الخاطئ المبني على الولاء الشخصي للأشخاص ، أدرك حرج المرحلة وخطورتها ووضع نفسه رهينة للوطن دون سواه ، وظل على حياد استجابة لمسئوليته وموقعه ، جعل اليمن ومصلحته هما وشاغلا له وأغلق أذنيه أمام الإشاعات والإرهاصات ودعوى المحسوبية وصغائر الوهم والظن وجعل موقعه السابق مسخرا للمصلحة الوطنية دون أي حسابات أخرى ، مؤسسات النفط اليمني أصيبت بالتخبط وعدم وجود رؤية مستقبلية وتعيين الوزير احمد دارس علاج لهذه المشكلة وغيرها من المشاكل ،
والوزير احمد دارس يتمتع بشخصية إدارية قوية ويفرض احترامه طواعية على كل من يتعامل معه يحظى بحب واحترام المسئولين من تحته سواء في الوزارة أو الشركات النفطية الأخرى محلية أو استثمارية أجنبية ، احترامه ينبع من شخصيته المتعففة وهو الذي لا يقبل النزول أو الانصياع عند رغبات ( المرغبين ) ولا يقبل المساومة بالرهبة من ( الراهبين ) يفهم حدود عمله وواجباته وينفذها بوسائل ( اللين ) في الغالب ،
الأستاذ احمد دارس أمام مرحلة صعبة ومعقدة نتيجة تراكمات سلبية وعشوائيات العمل المزاجي ، وهو يستشعر الحمل الثقيل الذي يقف أمامه وعليه أن يصلح ما أفسده ( المتفلسفون ) في الإدارة المتقلبة التي نالتها وزارة النفط ووحداتها خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة ، فالوزير دارس يقف أمام ركام من المشكلات وملفات الأخطاء كثيرة تنتظر منه حلا سريعا وجذريا ، وحسب علمي المتواضع أن الوزير دارس لا يقبل بالحلول الترقيعيه التي كان يحبذها إسلافه ، وهو يعكف الآن على وضع إستراتيجية للنفط اليمني إدارة واستثمار واستخراج وتطوير وهذا ما تفتقد له مؤسسات وزارة النفط والوزارة نفسها ، ويسعى لصياغة ثقة عند المستثمرين المحليين والعرب والأجانب على أسس مهنية وفنية وعلمية جديدة مبنية على معطيات الثروة في باطن الأرض ، وعلى خلاف من السياسة التي كانت تتبع في بناء العلاقات الاستثمارية والترويجية التي كان يغلب عليها طابع الاسترجال والشخصنة والبحث عن الذات دون المصلحة الوطنية .
الذات عند الوزير دارس قليلة ونادرة ويعرف حدود وطبيعة موقعه وحساسيته ، فلا يخضع للدوائر التي تسوق الوهم لأجل المصلحة الشخصية والمكسب السريع ، يفهم بل على إطلاع بالأشخاص وسلوكياتهم وخلفياتهم ومآربهم الأخرى !!
ويدرك أصحاب النوايا الحسنة والنوايا الخبيثة لان الرجل يمتلك فطنه وذكاء فطري وعملي ومهني يساعده على التفريق بين ما هو بلاغي ومجازي وظني وواقعي وعملي ، وهو خبير ويجيد فن التعامل الإداري ويجيد فهم حدود العلاقات الشخصية وعلاقات العمل ، فكما يطلق عليه البسطاء من حوله ويسمونه بــ( الأستاذ ) فهو حقيقة أستاذ وطبيب معالج ، والآمال معقودة عليه لإجراء علاجات وعمليات جراحية ولو صغيرة وبعض العمليات القيصرية كضرورة يفرضها واقع الوزارة والمؤسسات النفطية لاستئصال الأورام الخبيثة التي نالت من قطاعات النفط ، وأحداث تغييرات سريعة بعضها علاجية وبعضها الآخر وقائية ، حتى يستقيم الحال وتعود الحيوية إلى كيانات وزارة النفط المختلفة ، ونصيحتي لك معالي الوزير أن تحذر من الوسواسين والخناسين وأصحاب الابتسامات المصطنعة فهم كالسوس ينخرون في كل شيء سليم ، وبفطنتك المعهودة أنت تفهم ما بين السطور .
أبارك وأهنئ الوزير الأستاذ احمد دارس على نيله ثقة القيادة السياسية وتعيينه وزيرا للنفط وهو القرار الذي نال إعجاب الكثيرين وأثلج صدور من هم على صلات بالنفط وننتظر أن يثلج صدر اليمن وخزينته ويعتمد على العائد النفطي واراهن وبقوة أن خيرات باطن الأرض اليمنية سترى النور على يد الوزير احمد دارس وستكون – إنشاء الله – مرحلته هي المرحلة الذهبية للنفط والمعادن ، دعواتنا لله وحده على أن يكون لك خير معين وهو قادر على ذلك .. والله الموفق