الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢٤ مساءً

المبادرة اليمنية وإلا فهبوا لنصرة الخليجية

اسكندر شاهر
الاثنين ، ١٧ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١٢:٥٠ مساءً
لا شك ستسألون ماهي (المبادرة اليمنية) سيأتيكم الجواب لاحقاً !!.. ففي مقال سابق ذكرت بأن التسوية السياسية تنهار في اليمن لأنها قائمة على هُزال كبير اسمه (المبادرة الخليجية) ، وذكرت أيضاً أن شبح الاغتيالات هو مؤشر على بلوغ التسوية والمبادرة الخليجية النزاع الأخير ، ولعل الاغتيالات هي الحلقة ما قبل الأخيرة .. فالأخيرة هي (الحرب) ، وكنت قد أشرت إلى مقاربة مع فارق كبير بين اتفاق هزيل وغير مستند على قواعد سليمة وهو اتفاق الوحدة التي أعلنت سنة 90م والاغتيالات في أزمة 93م وصولاً إلى حرب 94م ، وبين مايحصل اليوم من اغتيالات بلغت في آخر عملية عقر دار الحكومة غير الوفاقية ..

المفارقات على اتساعها وأنواعها حاضرة دوماً في كل التطورات وعنوانها الأبرز أن طرفا التسوية يؤكدان ماذهبنا إليه من أنهما يستهدفان الثورة لا يستهدفان تحقيق أهدافها ..

ومن بين هذه المفارقات أن يدعو طرف التسوية (المشترك) أو الإصلاح فبقية المشترك قفازات له كما ذكرنا غير مرة إلى مسيرة مليونية تتجه نحو عقر دار صالح وانتزاع الحصانة التي منحوه إياها وكأنها موجودة في محفظته لا وثيقة خرجت من تحت قبة البرلمان .. والسؤال من أين سيأتوا بهذه الملايين وكيف سيقنعوهم بالخروج بعد أن التفوا على ثورتهم ومنحوا الحصانة لـ "عفاش " كما يصفونه و"الأحمر" كما هو اسمه في سجلات الانتخابات ..؟! أم أنهم ماضون في استخدام الثوار كأدوات في لعبة تعزيز مواقع التفاوض .؟!

وفي الطرف المقابل من التسوية يدعو (المؤتمر الشعبي العام) إلى مسيرات مليونية أيضاً لنصرة المبادرة الخليجية كما تابعت عبر قناة "اليمن اليوم" الفضائية المملوكة لنجل صالح والتي أسّسها في ظلال المبادرة الخليجية والتسوية السياسية وعلى هامش الثورة الشبابية الشعبية السلمية ومن أموال الشعب المنهوبة التي لا أحد يتحدث عنها، على أنه لا ضير أن يتسولوا عبر الفضائيات الخليجية باسم الشعب اليمني الكريم والعزيز المعطاء .

التناقض واضح بين الدعوتين والجامع بينهما هو المفارقة كعنوان عريض ، فالأولى لنزع الحصانة التي تم منحها عبر المبادرة الخليجية أي أنها دعوة لهدم المبادرة والثانية لنصرتها .. فيلم هندي إخراج يمني .. والنهاية البطل يُمثل أو يؤدي دورين .. دور بـ "لحية" ودور بـ "حلية" ..!!

ألم نقل بأن قوى التغيير الحقيقية لا يجب عليها البقاء في المسرح للتفرج على هذا الفيلم ( البايخ) وبالتالي الانفعال بمشاهده الدرامتيكية والكوميدية والتراجيدية غير المتسقة .. وأن قوى التغيير الحقيقية وبينهم شباب الثورة عليهم أن يستردوا ثورتهم من سراقها .. نعم هي أشبه بحقيبة ... وسرقوها يا ..... ؟ ، أما من سرقها هو ذاته من سرق ثورة سبتمبر 1962م ، وهو من يقتات من فتاته الرخيص كتبة أكثر رخصاً .. ؟!

ألم نقل بأن على قوى التغيير الحقيقية أن تنتقل من طور الانفعال إلى مرحلة الفعل ، وأن مثل هذه النقلة النوعية تحظى اليوم أكثر من أي وقت مضى بكل محفزاتها الذاتية والموضوعية ، وأنها باتت "فعل الضرورة" ، وأن هذا الفعل لن يتأتّى إلا بمبادرة وطنية محلية الصنع تسمى " المبادرة اليمنية " تلتف حول الوطن ويلتف حولها الشعب ويؤيدها ويمضي بها حتى تصبح أمراً واقعاً يقلب المعادلة رأساً على عقب ويعيد الاعتبار للثورة الشبابية الشعبية والحراك الجنوبي السلمي وقيم التغيير الشامل وهدف تحقيق الدولة المدنية الحديثة .

إن المبادرة اليمنية هي البديل الذي لطالما سأل عنه أرباب المبادرة الخليجية عندما يريدون حشرنا أو حشر أنفسهم في الزاوية ، ومالم تنصر قوى التغيير الحقيقية (المبادرة اليمنية) فليهبّوا إذاً لنصرة المبادرة الخليجية بدلاً من رفضها أو شجبها والتعاطي معها في آن معاً في حالة انفصام واضح وفاضح ؟!

إيماءة
ملامح المبادرة اليمنية التي تُليت في ساحة الحرية بتعز قبل أيام وتجري مناقشتها في أوساط عدة ذات صلة تتحدث عن : إسقاط النظام بكافة أشكاله الفاسدة ، حل البرلمان وإلغاء قرارته منذ التمديد له بصفقة دار الرئاسة غير القانونية ، تشكيل جمعية وطنية تحل محله بالمناصفة بين الشمال والجنوب تتولى مهاماً تاريخية ، تشكيل حكومة إنقاذ من كافة الطيف اليمني على نحو يعزز دور الشباب ويمكن المرأة ويبث الدماء الجديدة ، قانون المحاسبة عوضاً عن الحصانة للقتلة والمجرمين والفاسدين ، دعم استمرارية الثورة بوصفها الضامن لتحقيق الدولة المدنية الحديثة وتحقيق التغيير الشامل ، حل قضية الجنوب بما يرتضيه الجنوبيون ، وحل قضية صعدة بمايضمن تعويضاً مُرضياً ، حل قضايا الصراعات السياسية بما يؤسس لمصالحة وطنية ، تعويض أسر الشهداء والجرحى والمعاقين والإفراج عن المعتقلين والمخفيين قسراً ، صياغة الدستور وفق مباديء الدولة المدنية ، هيكلة الجيش والأمن وفقاً لأسس وطنية بلا تبعية أو وصاية ، وغير ذلك من (التفاصيل) التي لا تهرب من وجه الشيطان بل تجابهه ...

المهم أنها مبادرة (وطنية) تستقوي بالحق والداخل وتسقط حالة الارتهان للخارج ومفسدة الرضوخ للباطل ، وذلكم من أهم أهداف الثورة ، ولعل الأهم أنها تؤكد (الحكمة اليمانية) لو كانوا يفقهون ..!!